رسائل إلكترونية وملفات جديدة بشأن جيفري إبستين: ماذا تكشف عن دونالد ترامب؟ أخبار دونالد ترامب

أعادت إفرازات وثائق تركة جيفري ابستين وضع علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمتوفى المدان بقضايا جنسية إلى مركز الجدل: فقد نشر مشرّعون ديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب أكثر من 20 ألف صفحة من مستندات التركة الأربعاء، تتضمن مراسلات تورد اسم ترامب وتلمّح إلى علمه بسلوكيات ابستين تجاه فتيات قاصرات.

ردّ الجمهوريون بعد ساعات بنشر دفعة مماثلة من الوثائق نفسها، في محاولة لمواجهة ما وصفوه بـ«انتقاء» الديمقراطيين للوثائق لصياغة رواية مضلّلة عن ترامب. وتشير أجزاء من وثائق الجمهوريين إلى اسم الرئيس، لكن في سياق سيرته السياسية وليس بالضرورة في قضايا السلوك الجنسي.

يؤكد ترامب، الذي ربطته صداقة امتدت نحو خمسة عشر عاماً بإبستين، براءته من كل التجاوزات ويقول إنه لم يشارك ولم يلعلم بجرائم ابستين. أما ابستين فقد انتحر داخل السجن عام 2019 بعد أن سبق وأن أدين عام 2008 في فلوريدا بتهمة الانخراط في شبكات دعارة تتعلق بقاصر، وأُفرج عنه عام 2009 بعد قضاء حكمه.

رغم أن جزءاً من وثائق المحاكمة أُتِيح للعامة من قبل، فإن وزارة العدل الأميركية رفضت مراراً الإفراج عن ملفات أخرى، مبررة حماية خصوصية الضحايا، وهو ما أثار تساؤلات حتى داخل قاعدة أنصار ترامب «مايك أميركا غريت أجن» (MAGA). في يونيو 2025 زعم إيلون ماسك عبر منصته أن «اسم ترامب موجود في ملفات ابستين» وأن ذلك هو السبب الحقيقي لعدم إعلانها، لكن الوزارة تصرّ أن محمية الضحايا هي السبب الحقيقي للصمت الرسمي.

سيصوّت مجلس النواب الأسبوع المقبل على قرار الإفراج عن كل الملفات المحكمة المغلقة المتعلقة بإبستين.

إلى ما كشفت عنه مراسلات الديمقراطيين؟

نشرت اللجنة ثلاث رسائل إلكترونية على الأقل. الأولى، مراسلة تعود إلى أبريل 2011 بين ابستين وحبيبته السابقة غيسلين ماكسوال، المدانة لاحقاً بتهم الاتجار الجنسي وحكم عليها بعشرين عاماً. في الرسالة كتب ابستين أن «ذلك الكلب الذي لم ينبح هو ترامب»، وأضاف أن الضحية قضت ساعات في منزله مع ترامب «ولم يُذكر اسمه مرة واحدة». ردّت ماكسوال بعبارة «كنت أفكر في ذلك…» — اسم الضحية لم يُكشف في البداية من قبل الديمقراطيين، لكن الوثائق أظهرت لاحقاً أنها فيرجينيا جيوفري، التي قدّمت دعاوى جنائية ومدنية ضدّ شخصيات بارزة قبل أن تُعلن وفاتها لاحقاً.

البيت الأبيض أكد أيضاً أن الضحية المقصودة هي فيرجينيا جيوفري. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة إن جيوفري كانت تناؤلّت بأن «ترامب لم يكن طرفاً في أي فعل خاطئ وأنه لم يتصرف سوى بلطف خلال لقاءاتهما المحدودة»، وأشارت إلى أن ترامب طرد ابستين من نادٍ يخصه قبل عقود بسبب سلوك غير لائق تجاه موظفاته، من بينهن جيوفري.

مراسلات ابستين مع مايكل وولف

أظهرت الوثائق أيضاً مراسلات بين ابستين والصحافي الأميركي مايكل وولف، الذي ألف عدة كتب عن ترامب. في رسالة تعود إلى ديسمبر 2015، قبل انتخاب ترامب، أبلغ وولف ابستين أن شبكة «سي إن إن» قد تسأله عن علاقته بترامب. سأل ابستين: «لو صغّنا له إجابة، ماذا تقترح؟» فأجاب وولف بأنه من الأفضل أن يُترك ترامب ليُحاكَم بكلماته — إذا أنكر وجوده في طائرة أو في البيت فذلك يمنحنا ورقة ضغط إعلامية وسياسية؛ وإلا فقد ينقذه ذلك ويُولّد ديناً تسمح الاستفادة منه لاحقاً.

يقرأ  كوريا الجنوبية ترفع الحظر عن تمويل رأس المال الاستثماري لشركات العملات المشفّرة

في أكتوبر 2016 حاول وولف إقناع ابستين بالحديث علناً بطريقة قد تُثير تعاطفاً تساعد على إضعاف ترامب قبيل الانتخابات، بينما في رسالة عام 2019 أشار ابستين إلى أن «ترامب كان يعلم بالأمر لأنه طلب من غيسلين أن تتوقف»، في إشارة إلى ماكسوال.

عند تعليقه على ما نُشر، قال وولف في بودكاست إنه تصرّف بودّ تجاه ابستين كي يفهمه أفضل ويحصل على منظور مختلف عن ترامب. وولف الذي كتب أيضاً الكتاب الأكثر مبيعاً «نار وسخط» (Fire and Fury) تناول في مؤلفاته كواليس إدارة ترامب ومثّل مصدراً لمعلومات عن الانقسامات داخل إدارته.

المعطيات تؤكد أن القضية تظل محطّ جدل سياسي وقانوني، وأن تصويت مجلس النواب والقرارات المقبلة قد يلقيان ضوءاً إضافياً على مدى معرفة شخصيات نافذة بسلوكيات ابستين. «هو أفضل صديق لشخص شرير للغاية، شرير إلى أبعد حدّ.»

قال وولف إنه كان يأمل أيضاً إقناع إيبستين بالمُدْفوع إلى الأمام للحديث علناً عمّا يعرفه عن ترامب. «لماذا لا تُعلِن عن هذه الصور؟ لماذا لا تخرج للعلن؟ دعني أساعدك على أن تحكي قصتك عن دونالد ترامب»، هكذا قال وولف إنه خاطب إبستين.

لكنه أضاف أنه يعتقد أن إبستين كان خائفاً من ترامب. «كان إبستين يخشى ما قد يحدث له إذا أصبح دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة»، صرّح وولف لـDaily Beast.

وأضاف الكاتب أن سبب محاولته إقناع إبستين بالإفصاح هو أنه «رأى آنذاك»، ويستمر «برؤية ورؤية كل يوم الآن»، أن دونالد ترامب غير مؤهّل لقيادة الولايات المتحدة.

وبشكل منفصل، في 23 أكتوبر من هذا العام، ادعى الكاتب في دعوى قضائية رفعها أمام محكمة نيويورك العليا في مانهاتن ضد السيدة الأولى ميلانيا ترامب، أنها هددت بمقاضاته بأكثر من مليار دولار إن لم يتراجع عن تصريحاته التي تربط إبستين بها.

كان وولف قد زعم أن ميلانيا ترامب كانت «منخرطة جداً» في دائرة إبستين الاجتماعية، التي التقت فيها بمستقبل زوجها، دونالد ترامب.

وأضاف وولف أن الرئيس وزوجته «اتخذا من تهديد من يتحدونهم ممارسة مألوفة».

صورة لرسالة إلكترونية أُفرج عنها حديثاً من الممول المشين والمُدان بجرائم جنسية جيفري إبستين، تشير إلى رفيقته السابقة غيسلين ماكسويل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ نُشرت هذه الصورة كملف من قبل الديمقراطيين في لجنة الرقابة في مجلس النواب في واشنطن، دي.سي.

ما هي ردود الفعل على الرسائل الإلكترونية؟

رفض ترامب الرسائل الإلكترونية فوراً ووصَفها في منشور على وسائل التواصل بأنها «خدعة».

يقرأ  اللوفر — أجزاء بلا كاميرات تكشف عن ثغرات أمنية

«الديمقراطيون يحاولون إحياء خدعة جيفري إبستين مرة أخرى لأنهم سيفعلون أي شيء لتشتيت الانتباه عن إخفاقاتهم الكبيرة في الإغلاق، والعديد من المواضيع الأخرى»، كتب على منصته Truth Social يوم الأربعاء بعد الظهر.

وقال متحدث البيت الأبيض ليفيت للصحفيين يوم الأربعاء أيضاً إن «هذه الرسائل الإلكترونية لا تثبت شيئاً على الإطلاق سوى حقيقة أن الرئيس ترامب لم يفعل شيئاً خاطئاً».

إلا أن النائب الديمقراطي رو خانّا أخبر بودكاست Breaking Points أن «هذه الطبقة المتعلقة بإبستين كلها يجب أن تزول».

«القضية في السياسة الأمريكية، سواء من اليسار أو اليمين، هي: هل أنتم مع الأمريكيين العاملين والعاديين؟ أم مع هذه الطبقة المرتبطة بإبستين؟ وهذا ما يجعل تلك الرسائل مهمة. ليست فقط عن رجالٍ أغنياء وذوي نفوذ ربما أساؤوا واغتصبوا فتيات قاصرات؛ بل عن كثير من الأغنياء وأصحاب النفوذ الذين كانوا يعلمون أن الانتهاكات جارية ولم يفعلوا شيئاً حيالها.»

وجاء نشر الرسائل الإلكترونية أيضاً في اليوم الذي أدى فيه النائبة الديمقراطية أدليتا غريخالفا اليمين أمام رئيس مجلس النواب مايك جونسون.

وقالت غريخالفا لوسائل الإعلام المحلية: «لقد حان الوقت لكي يستعيد الكونغرس دوره كجهة رقابية وضابطة على هذه الإدارة».

ماذا يقول الجمهوريون؟

حذر ترامب أعضاء الحزب الجمهوري من الانشغال بتسليط الضوء على رسائل الديمقراطيين الإلكترونية.

«لا ينبغي أن تكون هناك أي محاولات للتحويل إلى إبستين أو غيره، وأي جمهوريون متورطون يجب أن يركزوا فقط على إعادة فتح بلدنا، وإصلاح الأضرار الهائلة التي سبّبها الديمقراطيون!» قال ترامب على Truth Social يوم الأربعاء.

إلا أن أعضاء الحزب الجمهوري في لجنة الرقابة بمجلس النواب ردّوا على الإفراج عن الرسائل بنشر حوالي 20,000 مستنداات مرتبطة بإبستين تم الحصول عليها من ممتلكاته بعد ساعات قليلة فقط.

تكشف هذه المستندات عن تبادلات بريدية بين إبستين وشبكته يناقشون خلالها مسيرة ترامب الرئاسية ومكان تواجده.

في رسالة إلكترونية واحدة من ديسمبر 2018 إلى وزير الخزانة السابق لورانس هـ. سامرز، وصف إبستين ترامب بأنه «على حافة الجنون» ثم تحدث عن المحامي ألان ديرشويتز، محاميه الدفاعي آنذاك: «ديرش، على بعد أقدام قليلة من الحدود لكن ليس بالكثير». من غير الواضح ما الذي تتعلق به هذه التعليقات.

ردّ سامرز: «هل سينفجر ترامب إلى حالة جنون؟»

أجاب إبستين: «هذا ليس ظاهرة جديدة بالنسبة له. في الماضي قيل له ألا يخرج من شقته. هكذا نجى من الإفلاس الشخصي تقريباً. قوّته مدهشة. يتعرّض للضرب على مدار الساعة.»
«أتمنى أن يُتهم شخص مقرب منه، لكن لست متأكداً، وإلا فإن ضغوط المجهول ستدفعه ليفعل أشياء مجنونة»، أضاف.

وقالت متحدثة البيت الأبيض أبيغيل جاكسون للصحفيين في واشنطن يوم الأربعاء: «هذه الرسائل الإلكترونية لا تثبت حرفياً شيئاً».

لكن بعض الجمهوريين يريدون من الحكومة الأمريكية أن تُفرج عن كل الملفات المتعلقة بإبستين، مرة واحدة وللأبد.

قال النائب دون بيكون، جمهوري من نبراسكا، لمذيعي MSNBC يوم الأربعاء إنه سيصوت لصالح قانون يطالب وزارة العدل بإصدار كل الملفات.

يقرأ  توفا بن دوف — الرئيسة الشرفية مدى الحياة لمنظمة «ويزو» العالمية — توفيت عن عمرٍ يناهز ٨٨ عاماً

وبالإشارة إلى نشر المستنداات من قبل لجنة الرقابة، قال: «لا يزال الأمر بحاجة لأن يسير عبر مجلس الشيوخ والرئيس. لكننا بالفعل نحصل على الكثير من النتائج.»

ووفقاً لتقارير من Axios ووسائل إعلام أمريكية أخرى، تواصل ترامب ومسؤولون آخرون في إدارته مع بعض النواب الجمهوريين مثل لورين بويبرت ونانسي ميس لمحاولة إقناعهم بسحب أسمائهم من عريضة كانت ستُجبِر على إجراء تصويت في مجلس النواب لإصدار كل ملفات إبستين.

لكن بويبرت أخبرت الصحفيين يوم الأربعاء في واشنطن أنه لا يوجد «أي ضغط» وقالت إنها لا تزال داعمة للعريضة.

في منشور على X كتبت أن «عريضة إبستين مسألة شخصية للغاية»، وأنها أيضاً «ناجية من عنف جنسي ومن عنف منزلي».

«وقّعت على عريضة الإفراج. كنت واحدة من أربعة جمهوريين فعلوا ذلك. أقف مع كل الناجيات»، كتبت.

«عندما يبدو أن العالم ضدك. عندما تكرهك الصحافة. عندما يَخونك أصدقاؤك. ألمك هو ألمي. نضالك هو نضالي. عدالتك هي عدالتنا.»

«عريضة إبستين مسألة شخصية للغاية. عندما كنت في الرابعة عشرة تعرّضتُ للتحرّش من صديق أحد مدربي، وتعرّضتُ لاعتداء جنسي في سنّ السادسة عشرة. تعرضتُ لسرقة عنيفة بعد أشهر. تركت المدرسة الثانوية في السابعة عشرة لأنني لم يعد لديّ ما أعطي. لكن الله ساعدني على تغيير مساري.…»

— النائبة نانسي ميس — 12 نوفمبر 2025

أعرب ممثل تنيسي الجمهوري تيم بورشيت، يوم الأربعاء، عن نفاد صبره تجاه ملف إبستين قائلاً إنه «سئم من المماطلة» في التعامل مع القضية. وأضاف: «الديمقراطيون امتلكوا ملفات إبستين أربع سنوات، ونحن نحتفظ بها منذ تسعة أشهر، وسيتم جرها في كثير من الهراء. لننقل الأمر إلى الهيئة العامة. لنصوّت عليه. دعونا نمضي قدماً».

متى سيصوّت مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون لنشر الملفات؟

صدور وثائق لجنة الرقابة بمجلس النواب يوم الأربعاء تزامن مع تصويت المجلس لإنهاء إغلاق الحكومة الاتحادية الذي استمر 43 يوماً وابتدأ في 1 أكتوبر من هذا العام. وأعلن رئيس مجلس النواب جونسون، يوم الأربعاء، أنه سيعرض مسألة التصويت عليها الأسبوع المقبل لتقرير ما إذا كان ينبغي الإفراج عن كل ملفات إبستين.

وأوضح جونسون أنه يريد «تذكير الجميع» بأن اللجنه التي يقودها الجمهوريون كانت «تعمل على مدار الساعة» في تحقيقها الخاص بالقضية.

حتى لو أقرّ مجلس النواب المشروع، فإن مجلس الشيوخ مطالب بالموافقة عليه، ويجب على ترمب توقيع القرار ليتحوّل إلى قانون. للرؤساء الأميركيين سلطة الاعتراض (الفيتو) ورفض مشاريع القوانين، لكنهم ملزمون بتقديم سبب للرفض، ويعاد حينها المشروع إلى مجلس النواب لإعادة التصويت.

ومن جهته دافع ليفيت من البيت الأبيض عن إدارة ترمب يوم الأربعاء، مؤكداً أنها «قامت بالمزيد فيما يتعلق بالشفافية بشأن جيفري إبستين مقارنة بأي إدارة سابقة».

أضف تعليق