في كوريا الجنوبية يتوقف البلد عاماً بعد عام عند موعد امتحان القبول الجامعي، الذي أصبح طقساً وطنياً عصيباً يترافق مع إغلاق محلات، وتأخُّر رحلات جوية لتقليل الضوضاء، وهدوء في قطار الصباح من أجل أن يحظى الممتحنون ببيئة مناسبة. عادةً ما يخرج معظم الطلاب من بوابات المدارس مع غروب النهار، مكبِّرين الصعداء وملتقين بأفراد أسرهم، لكن ليس كلهم؛ فبعضهم يبقى في قاعة الامتحان حتى المساء المتأخر — وحتى قرب الساعة العاشرة ليلاً.
الطلاب المكفوفون هم الذين يخضعون لأطول نسخة من هذا الامتحان. يحصلون على زمن امتحاني أطول بنسبة 1.7 مقارنة بالطلاب الرُّؤيويين، فحين يختار الممتحن أن يؤدي مادة لغة أجنبية إضافية قد يستمر الامتحان حتى نحو الساعة 21:48 — أي ما يقارب ثلاث عشرة ساعة من البداية دون توقف لتناول العشاء. حجم دفاتر الامتحان المكتوبة بنظام بريل يزيد الطول المادي للمطبوعات: حين تُحوَّل كل جملة ورمز ومخطط إلى نقاط بارزة، يصبح كل مجلد سميكاً ستّ إلى تسع مرّات عن نظيره العادي.
في مدرسة هانبت للمكفوفين، يستعد تلميذ يبلغ من العمر 18 عاماً باسم هان دونغ‑هيون لأداء أطول نسخة من الامتحان هذا العام. وُلِد دونغ‑هيون كفيفاً تماماً ولا يميّز الضوء، وفي الأسابيع التي سبقت الاختبار كانت أصابعه تتحرك بسرعة عبر نماذج امتحانية قديمة بنظام بريل وهو يراجع ويحاول ضبط لياقته البدنية والذهنية. سيؤدي الامتحان باستخدام دفاتر بريل وجهاز قراءة شاشة؛ ويؤكد أن طول الامتحان مرهق جداً، وأن استراتيجيته الوحيدة هي الالتزام بجدول المذاكرة وإدارة حالته الصحية.
يمثّل قسم اللغة الكورية تحدّياً خاصاً له: فالمجلد العادي قد يشتمل على نحو 16 صفحة، لكن النسخة المطبوعة ببريل تقارب مئة صفحة. ومع وجود برامج تحويل النص إلى كلام، تضيع المعلومات الشفوية بمجرد نطقها على عكس النص المرئي الذي يمكن مشاهدته وإعادة قراءته، لذا يضطر إلى الاحتفاظ بالتفاصيل في الذاكرة أثناء التقدّم في الحلول. أما مادة الرياضيات فتلزم تفسير رسوم بيانية وجداول معقّدة تُحوَّل إلى نقاط بريل، فتُقرأ بأطراف الأصابع بصورة دقيقة ومُرهِقة.
تحسّن الوضع منذ عام 2016 جزئياً، حين أُتيح للممتحنين المكفوفين استخدام أجهزة تدوين بريل رقمية تُعرف باسم “هانسون”، تسمح بتسجيل العمليات الحسابية كما يدوِّن الطلاب المبصرون على ورق. ومع ذلك، يبقى العائق الأكبر الذي يشكو منه الطلاب هو الوصول إلى مواد الدراسة: كثير من الكتب المدرسية والمحاضرات الإلكترونية الشهيرة بين الطلاب المبصرين غير متاحة بالمحتويات المناسبة للمكفوفين. نُسخ بريل نادرة، وتحويل المواد إلى صوتي يتطلّب وجود ملفات نصِّية غالباً ما يصعب الحصول عليها، وفي كثير من الحالات يضطر أحدهم إلى إعادة كتابة دفاتر كاملة يدوياً.
تتفاقم المشكلة عندما تتأخر إصدارات النسخ بريل من كتب التحضير الرسمية التابعة لـEBS، وهي مصادر محورية مرتبطة مباشرة بمحتوى الامتحان الوطني. يحصل المبصرون على كتبهم بين يناير ومارس ليكون لديهم عام دراسي كامل للمراجعة، أما الطلاب المكفوفون فعادةً ما يستلمون نسخ بريل في أغسطس أو سبتمبر، قبل أشهر قليلة من موعد الاختبار. تقول المؤسسة الوطنية للتعليم الخاص إن إعداد كل كتاب ببريل يستغرق على الأقل ثلاثة أشهر ليتوافق مع المعايير المقررة، وأنها تبذل جهوداً لتوفير المواد في مجلدات منفصلة لتسهيل الدراسة دون انقطاع.
منظمات مثل اتحاد المكفوفين الكوري طالبت مراراً بتسريع توفير نسخ بريل، وتخطط لرفع عريضٍ دستوري يطالب بضمان وصول أكبر لكل كتب التعليم بنسخ قابلة للاستخدام. بالنسبة لهؤلاء الطلاب، لا يقتصر السونيونغ على كونه مجرد امتحان قبول جامعي؛ بل شهادة على سنوات من الصبر والنجاح في مواجهة عقبات ملموسة. يصف أحدهم التجربة بأنها «اختبار للتحمّل والإرادة»: ما لا يمكن إنجازه في الحياة بدون مثابرة.
المعلِّمون يراقبون هذه المسيرة كل عام بإعجاب؛ فهم يرون أن قدرة الطلاب على متابعة نقاط بريل لأوقات طويلة يسبب احتكاكاً مستمراً قد يؤدي إلى تألم اليدين، ومع ذلك يواصلون القراءة عملهم لساعات. نصيحة المدرّسين غالباً ما تركز على إنهاء الامتحان بما يستطيع الطالب، لا على الانشغال بالندم لاحقاً: يوم واحد يحوّل كل ما تعلّمته منذ الصف الأول إلى نتيجةٍ واحدة، والامتحان مهما كان مهمّاً، فهو ليس كل شيء.