مجلة جوكستابوز ميلتون إيفري — «الشكل» بمعرض كارما، مدينة نيويورك

المعرض بعنوان «الشخصية» هو أول دراسة شاملة على مستوى واسع مخصّصة للّلوحات التصويرية لميلتون أيفري. الأعمال المعروضة تبدأ من عشرينيات القرن العشرين، بعد انتقاله إلى نيويورك، وتمتد حتى عام 1964، السنة التي أنهى فيها لوحاته الأخيرة. تذكّرت زوجته سالي ميشيل، وهي التي شاركته مسكنهما لأكثر من أربعة عقود، أن «البيت كان دائماً مفتوحاً — دخول متواصل للفنانين والأقارب والعارضات وأصدقاء الأصدقاء»، جميعهم يتحدثون عن الرسم ما عدا أفري، «الذي كان يجلس ساكناً، يرسم سريعاً هذا ثم ذاك من المجموعة المحتشدة… هذه المجموعة»، كتبت، «قدّمت لِميلتون ما يشكّل مادة موضوعاته الأساسية.»

على مرّ العقود التالية، ومع تتابع حركات مثل الانطباعية الأمريكية ومدرسة آشكان والتعبيرية التجريدية ورسم الحقول اللونية — التي استعار بعضها من تجربته وأحياناً ادّعت انتماءه إليها — ظل أفري متمسّكاً بما هو أمامه مباشرة. تُظهر بورتريهاته ولوحات الأشكال الإنسانية ملاحِظاً رقيقاً وحادّ البَصيرة للوجود الإنساني؛ تصويراته لأولئك الذين ملأوا حياته معنىً تنضح بحميمية محسوسة. هذه الأعمال، المحورية وغير المستكشفة كفاية، تجسّد فلسفته في الرسم كعملية تقطير لـ«نقاء وجوهر الفكرة — مُعبّراً عنها في أبسط صورها» عبر اللون والخط والنمط والضوء.

وصل أفري إلى نيويورك بعدما أمضى سنواته الأولى يعمل في نوبات ليلية بمصانع كونيتيكت ليمكنه دراسة الفن نهاراً. بعد زواجه من سالي، رسّامة ومصوِّرة توضيحية، عام 1926 انتقلا سوياً إلى شقة صغيرة بغرفة نوم واحدة قرب ما صار اليوم لينكولن سنتر. تُعدّ لوحة الفنان المنعكس (1927) من بين عدة سِير ذاتية مبكرة أنجزها بدافع الحاجة المادية وفي الوقت نفسه كتأملات في الهوية. واقعيتها تُبيّن المحافظة الأكاديمية لتكوينه المبكّر، لكن بأسلوبه في «الفنان وزوجته» (1928–29) بدأ يتغير. ملامح سالي المبسطة بلطف توحي بتأثير هنري ماتيس أكثر من تأثير تشارلز نويل فلاج، معلمه السابق في كونيتيكت. حول هذه الحقبة تشكّلت لدى أفري قناعة لونية راسخة ستقوده مدى الحياة؛ كما روت سالي لباربرا هاسكل في 1982، كان يؤمن أن مزج أكثر من ثلاثة ألوان يُفقدها صفاءها.

يقرأ  قوات الدفاع الإسرائيلية تفتح ممرًا مؤقتًا لتسريع إجلاء سكان مدينة غزة

تُظهر لوحات أفري في ثلاثينيات القرن الماضي مدىً لافتاً من التنوع الأسلوبي. بينما يحتفظ قارئ (1931) بنزعة نمذجة طبيعية، تُبسّط لوحة «على الشاطئ» من نفس العام الأجسام إلى أشكال ملونة متجانسة ومبسطة. هذه التناقضات تعكس انكشافه على حيوية الحياة النيويوركية — الدائرة المنزلية التي شاركها مع سالي وابنته مارس؛ الصداقات التي نسجها مع مارك روثكو، بارنيت نيومان، وأدولف جوتليب؛ وزياراته المتكررة لمتحف الفن الحديث وُمعارض الشمال التي عرضت الحداثيين الأوروبيين. تذكِّر ضربات الفرشاة النشيطة في «عازف الكمان» (حوالي 1930) بالتعبيرية لدى إرنست لودفيج كيرشنر وإدفارد مونش، بينما ألوان الخجل والشكل المسطح في «بورتريه وردي» (دون عنوان، حوالي 1930) توحي بتأثير فترة الورد لدى بيكاسو، التي من المحتمل أن أفري اطلع عليها في المتحف آنذاك. في «الطفل الوردي» (1933) تظهر بشرة سالي الفيروزية ولون مارس الفقاعي تبنّياً مبكّراً للألوان غير الطبيعية، حيث يقسم أفري التركيبة إلى مستويات متداخلة تهيء لعمله الناضج في الأربعينيات. تُظهر «الفنانة والنموذج» (1935) استخدامه التجريبي للخامة — ضربات جافة، ونقشٍ بظهر الفرشاة، وتخفيف الزيوت بالتربنتين للحصول على شفافية؛ تقنيات طوّرها في الثلاثينيات وصارت لاحقاً من سمات ممارسته.

رغم أن الجزء الأكبر من حياتهما الفنية كان يتكشف في البيت، قضى الزوجان صيفياتهما باحثين عن مشاهد ومواضيع جديدة. تُستدعي لوحتا «أطفال على الشاطئ» (1935) و«عائلة أفري» (1937–38) إيقاعات هدوء تلك المهجع الساحلي الذي أمضى فيه في الترسيم والقراءة والتأمل في البحر. في الأولى يوظف أفري تقنية السغرافيتو المميزة ليحرّك السطح — محوّلاً السهولة المسطّحة إلى جسم محدد وأضاف بادياً للمتجدّف في المسافة. في الثانية يغيّر شفافية الألوان الزيتية ليقارن بين صلابة الصخور وشحوب شخصية مارس الشبيهة بالدُمى. أسفرت رحلة 1938 إلى شبه جزيرة جاسبي في كندا عن واحدة من أشهر مجموعاته، ممثلة هنا في «دون عنوان (سمكتان)» و«صيّادو جاسبي» (كلاهما 1938)، حيث تعاد ضروب فرشاته المستطيلة صدى الرؤوس والجذوع الكتلية لموضوعاته. كما جذبت البيانات البصرية أفري إلى السيرك، وكوني آيلاند، ومباريات الملاكمة، حيث رَسَم مشاهد المرح والبهْرج بسخرية لطيفة. تقترب «المطعم» (1938) من الكاريكاتير في تصويرها لزبون والـمايتريه وهما في لحظة حركة، بينما تلتقط «تنس الطاولة» (حوالي الأربعينيات) تركيز لاعبين غاصين كلياً في لعبتهما.

يقرأ  جيسون وو وروبرت راوشنبرغ: تعاون فني يضيء منصات أسبوع الموضة في نيويورك

استعرَضت أول retrospectiveinstitutionية لأفري في قاعة فيليبس التذكارية في واشنطن عام 1944 نقطة تحوّل. تكشف أعمال مثل «ولد ماما» (1944) و«الموسيقي الشاب» (1945) عن تصاعُد في اختزاله للشكل واللون إلى جوهرهما. تلاشت ضربات الفرشاة الظاهرة في الثلاثينيات لصالح كتل لونية مسطّحة ومتألقة تتشابك كقطع الأحجية. تحتفظ أجهزته — الزوايا والأجسام الصلبة — بإحساس بالحيوية حتى وهي تلمّ شفا التجرّد. تنبض الأنماط السطحية، المنقوشة في الطلاء أو المضافة فوقه، بالحياة في التكوينات، كما في شعر الموسيقي أو الأريكة المزخرفة في «ولد ماما». أعمال لاحقة مثل «جالسون على الشرفة — سالي ومارس» (1952) و«عاريتان» (1954) تدمج أيضاً الهندسة الحديثة والملاحظة الحميمة؛ ففي الأولى تبرز ألوان الوردي والبنفسجي لشخصياته على خلفية أمبر داكنة، مغيرةً الطابع المنزلي ومذكرة بلوحة «الطفل الوردي» قبل عقدين.

ظل العقد الأخير من حياة أفري مظلّلاً بتبعات أزمة قلبية عام 1961 التي تركته ضعيفاً لكنه لم يَحِد عن عمله. في هذه السنوات المتأخرة عاد إلى مواضيع مألوفة بلمعان ورزانة جديدتين. «الزوج والزوجة» (1961) يعيد تفسير موضوع طويل بحساسية لامعة، بينما تنقل لوحتا «أفري يشعر بالجنون» (1962) و«أفري يشعر بالهيجان» (1963) اضطرابه النفسي عبر ضربات فرشاة متحررة ومتوترة تبعده عن السهول اللونية الواسعة لعمله السابق. ومع ذلك استمر شيء من المألوف: تُصوّر «الآبِح» (1961) مارس في مايو السباحة الأصفر الشمسي، حيث تظل ابنته مُلهمته — تماماً كما كانت منذ طفولتها. الللوحات الأخيرة تعكس تمازجاً بين تأمل هادئ وحِدّة عاطفية، خاتمةً مساراً فريداً في تاريخ الرسم الأمريكي.

أضف تعليق