ترامب يطلب من وزارة العدل فتح تحقيق في صلات بيل كلينتون بجيفري إبستين

ترامب يطالب وزارة العدل بالتحقيق في علاقات كلينتون وإبشتاين

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزارة العدل إلى فتح تحقيق في الروابط المفترضة بين سلفه الديمقراطي، بيل كلينتون، والمغتصب والمتهم بالجرائم الجنسية الراحل جيفري إبشتاين. وجاء هذا الطلب بعدما أفرجت جهات نيابية عن سيل من الرسائل الإلكترونية الجديدة التي أعادت تسليط الضوء أيضاً على علاقة ترامب نفسه بإبشتاين.

إعادة تأطير الرسائل على أنها “تشتيت”

نشر ترامب على منصته تجاهلًا واضحًا لمضمون الرسائل، مصوّراً انتشارها على أنه “مؤامرة روسيا” تهدف إلى تشتيت الأنظار عن خصومه. وصف الرسائل بأنها “مسرحية” وادعى أن الهدف منها صرف الانتباه عن إخفاقات الديمقراطيين وسياساتهم، مؤكداً أن إبشتاين كان “مشكلة الديمقراطيين، وليس مشكلة الجمهوريين”، وأضاف أن على الناس ألا يضيّعوا وقتهم معه لأن لديه “بلداً يجب أن يديره”.

طلبات تحقيق واتهامات مضادة

في منشور ثانٍ مطوّل، قال ترامب إنه سيطلب من المدعية العامة التحقيق مع كل من الرئيس السابق بيل كلينتون، ووزير خزانة كلينتون لاري سامرز، والمستثمر ريد هوفمان، والبنك جيه بي مورغان تشيس، متهماً هؤلاء بوجود علاقات أعمق مع إبشتاين مما كانت تشير إليه الادعاءات الموجّهة ضده.

المرجعيات والرسائل الإلكترونية المنشورة حديثًا

ظلّ فضيحة إبشتاين منغّصًا لسمعة العديد من الشخصيات السياسية والمالية لسنوات. كان إبشتاين معروفًا بعلاقاته مع نُخَب قوية، شملت شخصيات مثل ترامب وكلينتون والأمير أندرو، الذي أدت علاقته به مؤخراً إلى خسارته ألقابه الملكية. تقدم المئات من النساء بشكاوى اتّهام ضده بجرائم جنسية والاتجار بالبشر؛ وفي 2008 أُدين في فلوريدا بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر، لكن اتفاق الإقرار آنذاك اعتُبر مندوبين كثيرين تهاوناً مريباً. عند وفاته بانتحار داخل السجن عام 2019 كان موقوفًا على تهم اتحادية تتعلق بالاتجار الجنسي، وظلّت ظروف موته أرضًا خصبة لنظريات المؤامرة.

يقرأ  كيم جونغ أون يعزّي أسر الجنود القتلى الذين قاتلوا إلى جانب روسيا — أخبار كيم جونغ أون

أفادت بيانات أفرجت عنها لجنة الرقابة في مجلس النواب عن مقتطفات من رسائل بين إبشتاين ومتعاونته المدانة غيسلين ماكسويل والكاتب مايكل وولف، تضمنت إشارات إلى ترامب واقتراحات بأنه كان على علم بعلاقات إبشتاين مع فتياتً. في إحدى الرسائل كتب إبشتاين: “أريدك أن تدرك أن الكلب الذي لم ينبح هو ترامب.. [الضحية] قضت ساعات في منزلي معه.” وفي رسالة أخرى قال إن ترامب “بالطبع كان يعلم عن الفتيات لأنه طلب من غيسلين أن تتوقف.” ومذكرة ثالثة من وولف أشارت إلى أن ترامب زار منزل إبشتاين وسافر على متن طائرته، ومناقشة سبل معالجته لذلك في لقاء على قناة سي إن إن.

ردّ البيت الأبيض والقائمة الأوسع للرسائل

وصفت كاريولين ليفيت، المتحدّثة باسم البيت الأبيض، نشر هذه المقتطفات بأنها انتقائية وحملة تشويه ديمقراطية، فيما نشرت قيادة الأغلبية الجمهورية بلجنة الرقابة لاحقًا نحو 20 ألف رسالة إلكترونية من ملف القضية، من بينها مراسلات إضافية تذكّر بعلاقات إبشتاين مع شخصيات بارزة. في رسالة عام 2017 إلى سامرز كتب إبشتاين أنّه “قابل بعض الأشخاص السيئين جدًا، ولا أحد أسوأ من ترامب. لا خلية شريفة واحدة في جسده.. إذًا نعم — خطر.”

سياسة الانحراف والخلافات المستمرة

رأى ترامب في الرسائل محاولة لصرف الانتباه عن أزمة إغلاق الحكومة الطويلة، منتقدًا الديمقراطيين لأنهم لم يوفّروا حماية لدعم الرعاية الصحية الذي كان سينتهي مع نهاية العام، وهاجم بعض الجمهوريين الذين ساندوا نشر وثائق إبشتاين، واصفًا إياهم بالضعف والسذاجة.

قضايا سابقة وأقوال مسؤولي ترامب

سبق أن أثارت المسألة جدلاً داخل الإدارة الحالية: في فبراير أمَرَت المدعية العامة السابقة، بم بوندي، وهى تشير إلى أنها كانت تملك “قائمة عملاء” مرتبطة بإبشتاين، وقالت إنها “تجلس على مكتبي الآن لمراجعتها.” كانت فكرة وجود “قائمة عملاء” ركيزة أساسية لنظريات المؤامرة التي تزعم أن إبشتاين كان يبتزّ شخصيات نافذة؛ وروّج بعض مسؤولي ترامب السابقين لهذه النظرية قبل تولّيهم مناصبهم. لكن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي أصدرَا لاحقًا مذكرة مشتركة نفت وجود “قائمة عملاء”، وهو ما أثار استياء أنصار ترامب؛ فيما قالت بوندي إنّها أخطأت في صياغتها أثناء مقابلة تلفزيونية. ظهرت أخبار إعلامية لاحقًا تفيد بأن بوندي أبلغت ترامب أن اسمه ظهر في ملفات إبشتاين الكاملة التي لم تُنشر بعد.

يقرأ  هل يستطيع ترامب توزيع 2000 دولار كعوائد من الرسوم الجمركية ودفع مدفوعات رعاية صحية مباشرة؟أخبار دونالد ترامب

تباعد العلاقات وادعاءات ترامب

نقل ترامب لاحقًا أنه قطع علاقاته مع إبشتاين بعدما اتهمه بسرقة موظفات شابات من منتجعه مار‑أ‑لاجو، وقال للصحفيين إنه واجهه وطلب منه عدم “أخذ ناسنا”، وإن إبشتاين واصل السلوك غير المقبول بعد ذلك، فأنهى ترامب العلاقة. «وقلت: “اخرجوا من هنا”.»

كلينتون والبنوك تحت المجهر

يتعرّض الرئيس السابق كلينتون أيضاً لتدقيق حاد بسبب علاقاته بجيفي إبستين؛ فقد زار الممول البيت الأبيض قبل إدانته، واعترف كلينتون بأنه سافر على متن طائرة إبستين الخاصة. رغم تهديد ترامب بفتح تحقيق، لم يعلّق كلينتون حتى الآن على هذا التهديد، لكنّه سابقاً نفى أي علم لديه بسوء المعاملة التي ارتُكبت.

وقالت المتحدثة باسم كلينتون، أنجل أورينا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 2019 إنّ «الرئيس كلينتون لا يعلم شيئاً عن الجرائم البشعة التي اعترف بها جيفري إبستين في فلوريدا قبل سنوات، أو التهم الموجّهة إليه مؤخراً في نيويورك».

كما تعرّضت مؤسسات مالية لضغوط لتفسير دورها في شؤون إبستين. ففي عام 2023، وافق دويتشه بنك على تسوية بقيمة 75 مليون دولار لصالح ناجيات من اعتداءات إبستين، بعد ادعاء مدعٍ أنّ المؤسسة ربحت من شبكة الاتجار بالجنس المرتبطة به وفشلت في الإبلاغ عن سلوكيات غير اعتيادية. وفي وقت لاحق من ذات العام، توصلت جيه بي مورغان تشيس أيضاً إلى تسوية بقيمة 290 مليون دولار مع ناجيات.

وقالت المصرف في بيان آنذاك: «لم نكن لنستمر في التعامل معه لو اعتقدنا أنه يستخدم مصرفنا بأي طريقة للمساعدة في ارتكاب جرائم شنيعة».

ورُفعت دعاوى مماثلة منذ ذلك الحين، بما في ذلك شكاوى الشهر الماضي ضد بنك أوف أمريكا وبنك نيويورك ميلون. وخلال جلسات الاستماع هذا الأسبوع، طلبت هاتان المؤسستان المالية رفض الدعاوى.

يقرأ  «هل تستطيع سوريا إحياء ثروة نفطها والمساهمة في إعادة الإعمار؟»— الصراع السوري

ومع ذلك، لا تزال الضغوط مرتفعة على إدارة ترامب، لا سيما في ظل عودة عمل مجلس النواب. بعد إعادة الانعقاد، أدى نائبة جديدة اليمين الدستورية: أديليتا غريخالڤا، التي وفّرت التوقيع الحاسم رقم 218 على عريضة تقييد لإجبار المجلس على التصويت على نشر جميع ملفات الحكومة المتعلقة بإبستين.

كان مشروع القانون جهداً عابراً للأحزاب قاده الجمهوري توماس ماسي والديمقراطي رو خانا. وأكد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، المؤيد القوي لترامب، هذا الأسبوع أنّه يخطط لطرح التصويت الأسبوع المقبل، رغم أن فرصه في مجلس الشيوخ لا تزال غير مؤكدة؛ وقد قلّل جونسون مراراً من أهمية المسعى، قائلاً إنّها «ممارسة عديمة الجدوى تماماً، وقد أصبحت الآن بلا معنى. لدينا 218 توقيعاً، حسنٌ — سنمضي قدماً».

أضف تعليق