حوار مع قائدة فكرية: دانا نعمة

مناقشة صيغ جديدة لاستهلاك المحتوى تحفّز انخراط المتعلّم

دانا نعمة، كبيرة مصمّمي تجربة التعلم في “كاشِدة”، خبيرة في تحليل الاحتياجات التعليمية وصياغة مناهج فعّالة. تستند خبرتها إلى مبادئ التصميم التعليمي التي تمكّنها من ابتكار تجارب تعليمية جذّابة ومصمّمة خصيصاً لمختلف الجماهير. تتحدّث هنا عن كيفية تصميم برامج تنمية وتطوير قادرة على تمكين المنظمات من رفع كفاءة فرقها وإعادة تأهيلها عبر محتوى إنساني الملامح، مشوّق، وذو أثر ملموس.

أحد أهم التحديات أمام المنظمات اليوم في موضوع upskilling وreskilling لدى جيل زد؟

التحدّي الأبرز يكمن في موائمة سرعة التعلم مع توقعات وسلوكيات جيل زد المتسارعة والمتغيرة باستمرار. المسألة ليست تحديثات تقنية فحسب، بل تصميم تجارب تتوافق مع عاداتهم الرقمية ومحفزاتهم العاطفية. تُظهر الأبحاث أن متعلمي جيل زد يتوقّعون تجارب رقمية ذات طابع سائل تشبه وسائل التواصل: قصيرة، بصرية، وتشاركية. يريدون تعلّماً متاحاً عند الطلب، شخصياً وذا معنى، لا حلّاً موحداً لكل الحالات.

هم يبحثون عن الهدف والتفاعل والشعور بالمجتمع، وأي منظمة تغفل عن استثمار هذه المحفزات ستواجه تراجع الانخراط. نرى ذلك بوضوح: كثير من المهنيين الشباب يتجاوزون الدورات الطويلة الجامدة ويلجأون إلى يوتيوب أو تيك توك للتعلم الفوري والمرئي والمبني على التجربة الجماعية. الرسالة واضحة: المتعلّمون يريدون تجارب تتماشى مع إيقاع حياتهم. لذا فإن التحدّي ليس مجرد مواكبة التكنولوجيا، بل الحفاظ على الطابع الإنساني والملاءمة والاستمرارية في عالم تتحرك فيه المعلومات أسرع من دورات التدريب التقليدية. المنظمات الرشيدة تجيب على ذلك بتقديم تعلم في دورا أقصر، أحياناً عبر ألعاب مصغّرة أو تحديات تفاعلية لتلبية حاجة الإلحاح.

دور التعلم المصغّر، الت gamification، وتجارب الهاتف المحمول في استدامة الانخراط؟

في كاشيدة نبدأ دائماً بالإنسان لا بالمنصة. نهجنا المتمحور حول الإنسان يعني أنّنا نصمّم التجربة التعليمية وفق احتياجات المتعلّم الحقيقية وليس وفق صيحات عابرة. قبل اختيار صيغ مثل التعلم المصغّر أو الألعاب أو التصميم المحمول أولاً، نفهم كيف يفكر المتعلّم، ماذا يشعر، وكيف يتفاعل مع المحتوى. بعد ذلك نستخدم ما يضمن نتائج فعلية.

يقرأ  غضب الأسرة إثر قرار الشرطة بعدم التواصل مع الشهود

التعلم المصغّر يقدّم المعرفة في وحدات قصيرة مركّزة تناسب انشغال الناس. الت gamification يضيف البعد العاطفي؛ يحوّل التعلم من عملية سلبية إلى رحلة قائمة على التحدي. نستخدم شارات، مؤشرات تقدم، قوائم متصدّرة، ومهمات قائمة على السرد كي يشعر المتعلّمون بالنمو والإنجاز.

ومع التجارب المصممة للهاتف المحمول، نلتقي بالمتعلّمين حيث هم: على هواتفهم متصلين باستمرار وبحاجة إلى تفاعل فوري وذو معنى. تصاميمنا استجابية، يسهل الوصول إليها، بديهية ومقسّمة إلى أجزاء صغيرة، ما يجعل التعلم يتدفّق بسلاسة ضمن الحياة اليومية. هذه الأساليب تجعل الانخراط مستداماً بدل أن يكون ظرفياً.

تجارب كاشِدة الداخلية: التدريب الداخلي والتأهيل (Onboarding)

برامجنا الداخلية ترجمة فعلية لفلسفتنا التعليمية.

في برنامج التدريب الداخلي، نربط بين النظرية والتطبيق منذ البداية. المتدرّبون يقدّرون الطابع العملي للتعلّم: الانتقال من الفهم المفاهيمي إلى التطبيق في واقع العمل. كل يوم يتضمن مهاماً مصغّرة تبنى نحو هدف أكبر، ويثمنون حلقة التغذية الراجعة المستمرة.

في تجربة التأهيل، قمنا بت gamification الرحلة لتكون مرحّبة ومكافئة. يتقدّم الموظف الجديد عبر وحدات ترفع من مستوى “الكاشيدي” لديه — تبدأ من 0% وتنتهي عند 100%. يتم استكشاف دليل الموظف عبر نشاط يشبه البحث عن الكنوز، فتحوّل محتوى جامداً إلى تجربة اكتشاف.

نشجّع أيضاً الاجتماعات القصيرة بين الزملاء لمناقشة كل وحدة، محوّلين التعلم إلى تجربة اجتماعية تدعم الانخراط وتقوّي الروابط الثقافية للفريق منذ اليوم الأول.

مشروع حديث أو مبادرة بارزة

نعمل حالياً على تجربة تعليمية مُلعبة لمنظمة سالم بن محفوظ الخيريه تركز على مهارات المستقبل للشباب، وهي من أكثر مشاريعنا إثارة حتى الآن. التجربة ليست مجرد دورة؛ بل منصة متكاملة تجمع بين الترفيه التربوي والتعلّم القائم على التحدي.

يتقدّم المتعلّمون عبر ألعاب صغيرة، مهمات وقوائم متصدّرة، ويتتبّعون تقدمهم مقارنة بأقرانهم. ما يميّز المشروع دعوته لتطبيق المعرفة في الحياة الواقعية عبر رفع فيديوهات قصيرة أو شرائط مصوّرة أو كولاجات بصرية لمشاركة استنتاجاتهم وانعكاساتهم، ما يعكس سلوكيات جيل زد على شبكات التواصل.

يقرأ  تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وسط اشتداد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

عالم القصة مبني حول شبكات التواصل نفسها، ليكون مألوفاً، مرحّاً، وذات صلة بالكيفية التي يستهلك ويعبّر بها الشباب اليوم.

برامج موجّهة للشباب: محو الأمية المالية، الأمن السيبراني، ومهارات المستقبل

طوّرنا برامج عدة موجّهة للشباب تمزج بين التفاعل والسرد.

على سبيل المثال، تعاونّا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الوطني للحكم والتنمية المستدامة في لعبة تفاعلية مُلَعَّبة للمراهقين في مصر تدرس النزاهة ومكافحة الفساد من خلال سيناريوهات قصصية. يختار المتعلّمون شخصيات ويتعاملون مع معضلات مستوحاة من الواقع، ما يُنَمّي قدرتهم على اتخاذ قرارات واعية وفهم آليات الفساد وسبل التصدّي لها.

في مجال الثقافة المالية، دعّمنا مؤسسة ريالي في تحويل برنامج “أجيال” من تدريب وجاهي إلى تصميم استقصائي كامل على الإنترنت حافظ على تفاعل المتعلّمين (12–16 سنة) عبر الأجهزة المختلفة، مقدمين وحدات قصيرة تفاعلية، تأملات فيديو بين الأقران، وتسليم ملائم للهواتف المحمولة.

وفي مشروع “مساحة آمنة” الذي يهدف لحماية الأطفال وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني في قطر والعالم العربي، ساعدنا الشباب ومقدمي الرعاية والمعلّمين على التفاعل مع أكثر من 450 مادّة تعلّمية مصغّرة بصيغ قصصية وبصرية. التجربة عكست طرق استهلاكهم الاعتيادية: سريعة، بصرية، وسردية.

الخيط الموحد في كل هذه البرامج هو نفسه: تعلم يشعر بأنه حيّ، ملائم، ودافع ذاتياً؛ ليس تقليدياً بل ملهم.

خاتمة

نشكر دانا نعمة على مشاركتها خبرتها ورؤاها. لمزيد من المعلومات عن حلول كاشيدة الحائزة على جوائز والموثوقة لدى شركات حول العالم، يمكن مراجعة موقعهم. ونبارك لكاشِدة دخولها قائمة أفضل مقدّمي المحتوى لتعزيز استراتيجيات مشاركة الموظفين.

أضف تعليق