من هي مارجوري تايلور غرين — الحليفة السابقة لترامب في حركة «اجعل أمريكا عظيمة مجددًا» التي تحولت إلى ناقدة؟

انفصلت النائبة مارجوري تايلور غرين علنًا عن دونالد ترامب، رغم أنها كانت من أشدّ المؤيدين له ونشطاءٍ بارزين في تيار «أمريكا أولاً» ضمن حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» (MAGA). الخلاف تصاعد بعد اتهاماتٍ منها لإدارته بتقديم أولوية السياسة الخارجية على المشكلات الداخلية الملحّة، ومن بينها أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، وانتقادها الواضح للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حربها على غزة ووصفها ما يجري هناك بـ«الإبادة الجماعية».

تدهور التحالف بينهما بلغ ذروته عندما أيّدت غرين جهود الديمقراطيين للإفراج عن ملفات تتعلق بالمحتجز والمدان والمقتول لاحقًا جيفري إبستين، الذي كان يعرف بصلته بترامب. ترافق ذلك مع قرار ترامب سحب تأييده لها، وطالت انتقاداته منصّة «تروث سوشال» حيث وصفها بأنها «مجنونة» و«متهوّرة»، ثم اتهمها لاحقًا بالخيانة واعتبرها مصدرًا للعار للحزب الجمهوري.

ردّت غرين بأن ترامب يهجم عليها بقوة لمحاولة تخويف بقية الجمهوريين قبل التصويت المقرّر للإفراج عن ملفات إبستين، وادعت أن هجوماته الإلكترونية أدّت إلى موجة تهديداتٍ طالت حياتها الشخصية.

من هي مارجوري تايلور غرين؟

بدأت غرين اهتمامها بالسياسة خلال عام 2016، حين انخرطت في نشر مقالات وتصريحات تدعم نظريات المؤامرة المعروفة باسم كيو أنون. انتخبت لتمثيل المقاطعة الرابعة عشرة في جورجيا عام 2020، وهي تخدم في مجلس النواب الأمريكي منذ يناير 2021. دعمت ترامب بقوة، ووقفت إلى جانبه أثناء اقتحام مبنى الكابيتول في يناير 2021، الذي وصفته في البداية بأنه «مجرد شغب» وحركة تهدف إلى «إسقاط الطغاة»، ثم قالت لاحقًا إنها كانت تمزح بعد موجة الانتقادات.

تتّسم مواقفها بالوطنية المحافظة الصريحة: مناهضة للإجهاض، مؤيدة لحمل السلاح، ومعارضة للهجرة غير الشرعية، بما في ذلك دعم بناء جدران على الحدود لردع المهاجرين. ولدت مارجوري تايلور في ميليدجفيل بولاية جورجيا عام 1974، وتخرجت من جامعة جورجيا عام 1996 حاصلةً على بكالوريوس في إدارة الأعمال. عملت بعد ذلك في شركة العائلة «تايلور كوميرشال» المتخصصة في البناء والتجديد، وتولت إدارتها مع زوجها السابق عام 2002، كما دخلت قطاع اللياقة البدنية في 2012 وأنشأت صالة كروس فيت وسّعتها قبل أن تبيعها.

القضايا التي شرّخت قواعد قاعدة MAGA

في الأسابيع الأخيرة انتقدت غرين سياسات ترامب في عدة ملفات رئيسية: ملفات إبستين، أزمة تكاليف المعيشة، الرعاية الصحية، والسياسة الخارجية.

ملفات إبستين: أفرج المشرّعون الأمريكيون عن أكثر من 20 ألف صفحة من وثائق تابعة لتركة إبستين، ما أعاد تسليط الضوء على علاقة ترامب مع الرجل المتهم بجرائم جنسية. إبستين انتحر في زنزانته عام 2019 بعد توقيفه بتهم الاتجار بالجنس في قضايا تتعلق بقُصّر. ينفي ترامب أي تورّط أو معرفة بجرائم إبستين. ومع ذلك، رفضت وزارة العدل مرّات عديدة الإفراج عن بعض الملفات، ما أثار استغرابًا حتى داخل صفوف الجمهوريين وقاعدة MAGA، وغرين كانت من المطالبين بالكشف الكامل عن المستندات.

يقرأ  الصين تطرد كبار قادة الجيش في أحدث حملة تطهير لمكافحة الفساد — أخبار شي جينبينغ

تكلفة المعيشة: هاجمت غرين ميزانية وسياسات الإنفاق لترامب واتهمت الجمهوريين بعدم الانتباه الكافي لمعاناة الناخبين من ارتفاع الأسعار. منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض قال إنه سيخفض الأسعار عبر رفع الإيرادات الحكومية من خلال فرض رسوم جمركية، ونفى مرارًا أن تكون التضخم مشكلة خطيرة في الاقتصاد. لكن بيانات مكتب إحصاءات العمل أظهرت ارتفاعًا متواصلًا في أسعار المواد التموينية منذ تولّيه المنصب، كما سجّلت وكالات الطاقة زيادات في فواتير الكهرباء. وفي مقابلة مع المتحدّث السابق باسم البيت الأبيض، أشارت غرين إلى أن هناك بعض الإنجازات في تثبيت التضخم، لكنها شدّدت أن هذا لا يعني انخفاض الأسعار فعليًا، وأن ما يُقدَّم من تفسيرات شعبية يُشعر الناس بالغضب لأنهم يعرفون جيدًا ما يدفعونه في المتاجر لأغراض أبنائهم واللوازم المدرسية.

النص أعلاه يوضح سبب الشقاق داخل التيار المتشدد لترامب وتأثيره على تحالفات القوة داخل الحزب الجمهوري ومعسكر MAGA، وما قد يتركه من انعكاسات على انتخابات الفترة المقبلة. ملاحظة صغيرة: الولايات المتحدة تشهد اليوم توترات داخلية عميقة بين الولاء للرجل الواحد والمطالب المتزايدة بالشفافية والمساءلة. تكاليف الرعاية الصحية
قالت غرين إنّ الجمهوريين لم يواجهوا مشكلة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بالشكل الملائم، مؤكّدة قلقها بينما انتهى الإغلاق الحكومي — الأطول في تاريخ الولايات المتحدة — من دون ضمان استمرار اعتمادات ضريبية للتأمين الصحي. وقد اقترح الديمقراطيون مشروع قانون لتمديد هذه الدعمات ثلاث سنوات، على أن تنتهي حالتها بنهاية العام.

«عندما تنقضي الاعتمادات الضريبية هذا العام، ستتضاعف أقساط تأمين أولادي البالغين لعام 2026، شأنهم في ذلك شأن العائلات الطيبة والعمال المجهدين في دائرتي» كتبت غرين في منشور على X في السابع من أكتوبر. «لم يتحدث إلينا أي جمهوري في القيادة عن هذا، ولم يقدم خطة لمساعدة الأمريكيين على مواجهة ارتفاع أقساط التأمين!!!»

اقترح ترامب أن تُدفع دعمات الرعاية الصحية مباشرة إلى حسابات الناس المصرفية.

لماذا اتهمت غرين ترامب بالابتعاد عن أجندة «أمريكا أولا»؟
خلال حملته الرئاسية، ركّز ترامب مراراً على مصالح المواطنين الأمريكيين بوعده بتوفير وظائف أكثر وخفض تكاليف المعيشة. لكنّ غرين تقول إن الرئيس لم يكرّس الوقت للقضايا الداخلية، وانتقدت الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل واعتبرت الحرب على غزة إبادة جماعية — وكانت من أوائل الجمهوريين الذين وصفوا الأحداث بذلك.

واجهت ترامب علنياً بشأن التدخل العسكري في إيران دعماً لإسرائيل، واعترضت على إرسال إدارة ترامب المزيد من السلاح إلى أوكرانيا بينما تستمر أوروبا في حرب تعدّ الأشد منذ الحرب العالمية الثانية. بعد موافقة ترامب في يوليو على دعم عسكري إضافي لكييف، غردت غرين: «صوتت حركة MAGA لوقف مشاركة الولايات المتحدة في الحروب الأجنبية».

يقرأ  ميلوني: شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهمني بالتواطؤ في إبادة غزة— أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في أغسطس عبّرت أيضاً عن اعتراضها على دعم اقتصادي بقيمة 20 مليار دولار لأرجنتين، متهمة الإدارة بتجاهل أجندة «أمريكا أولا». وفي مقابلة مع شبكة NBC هذا الشهر قالت: «لم ننتخب الرئيس ليجوب العالم ويشارك في انتهاء الحروب الأجنبية. انتخبناه ليوقف إرسال دولارات الضرائب والأسلحة لتلك الحروب — تماماً، لا مشاركة بعد الآن». وأضافت: «إحدى قضايا الحملة الكبرى كانت أن الأمريكيين سئموا من الحروب الأجنبية».

كيف ردّ ترامب؟
أعلن ترامب يوم الجمعة سحب تأييده لغرين في منشور على Truth Social، واصفاً إياها بأنّ كل ما تفعله هو «الشكوى، الشكوى، الشكوى!» وأضاف أنّها أخبرت كثيرين بأنها مستاءة لأنّه لم يعد يرد على مكالماتها. «لا أستطيع أن أتحمّل مكالمات شخص مهووس يومياً.» كما قال إنه لا يراها مرشّحة مناسبة لحكم ولاية جورجيا أو لمقعد في مجلس الشيوخ، واتهمها بأنّ آراءها «انحرفت يساراً».

دافع ترامب عن استراتيجيته الخاصة بحركة MAGA في مقابلة مع فوكس نيوز، وقال: «أنا أعرف ما تريده MAGA أفضل من أي شخص آخر.» وبعد نشر ملفات إبستين قال على وسائل التواصل إنّها «خدعة» من الديمقراطيين وإنّ «جمهورياً غبياً جداً سيقَع في هذا الفخ».

كيف ردّت غرين؟
ردّت غرين متأخرة مساء الجمعة على هجوم ترامب عبر X، معربة عن دهشتها من مدى سعيه «لمنع خروج ملفات إبستين لدرجة أنه يصل إلى هذا المستوى». وأضافت: «لكنّ معظم الأمريكيين يتمنون حقاً لو أنّه يقاتل بنفس الحماس لمساعدة الرجال والنساء المنسيين في أمريكا الذين سئموا من الحروب الأجنبية، والذين يفلسون وهم يحاولون إطعام عائلاتهم، والذين فقدوا الأمل في تحقيق الحلم الأمريكي — هذا ما صوتت من أجله.»

وقالت أيضاً: «دعمت الرئيس ترامب بقدر كبير من وقتي الثمين، وبمالي الخاص، وناضلت لأجله حتى عندما تخلى عنه معظم الجمهوريين وأدّانوه. لكنّي لا أعبد ولا أخدم دونالد ترامب. أنا أعبد الله، يسوع مخلّصي، وأخدم دائرتي GA14 والشعب الأمريكي.»

غرين أيضاً نشرت: «الرئيس ترامب هاجمني للتو وكذب بشأني. لم أتصل به إطلاقاً، لكنّي بعثت هذه الرسائل النصية اليوم. على ما يبدو هذا ما دفعه إلى الجنون. ملفات إبستين. وبالطبع هو يهاجمني بشدة ليجعل مني مثالاً يخيف الآخرين…»

ردود أنصار MAGA
أعرب العديد من مؤيدي MAGA عن تضامنهم مع غرين بعد هجوم ترامب. قال إيموري روي، الذي يعمل في Turning Point Action، إنّه «يحترم الرئيس ترامب لكنه يقف مع نائبتنا @mtgreenee»، مضيفاً أنّ شعب شمال غرب جورجيا لن يتوقف حتى يعود إلى المبادئ المؤسسة التي جعلت البلاد عظيمة. بعض مؤيدي MAGA بدأوا أيضاً يعبرون عن استيائهم من ترامب بعد الخلاف؛ غرد أحدهم: «صوتت لترامب ثلاث مرات وأندم — لن أصوّت له في الانتخابات النصفية. آمل أن يخسر.» وآخر قال: «لقد ضلّ طريقه عن MAGA.»

يقرأ  روسيا: لا وجود لقوات الناتو بينما يناقش حلفاء كييف ضمانات أمنية

الجدل والقضايا الأخرى المرتبطة بجرين
تشتهر غرين بأسلوبها المتصادم مع السياسيين والصحفيين على حدّ سواء. خلال مقابلة العام الماضي قالت لصحفي عبارة نابية (مكتومة هنا)، وبعد أن دعا وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا، ردّت غرين: «على ديفيد كاميرون أن يهتم بشؤون بلده، وبصراحة يمكنه تقبيل مؤخرتي.» غرين تعرّضت لانتقادات لدعمها السابق لحركة QAnon قبل انتخابها للكونغرس في 2020، رغم تأكيدها لاحقاً أنها ابتعدت عن تلك الأيديولوجيا. من نظرياتها السابقة ادّعت أنّ أحداث 11 سبتمبر قد تكون «مسرحية داخلية» وأنه لا دليل على تحطم طائرة، وقالت: «بعض الناس زعموا أنّ صاروخاً ضرب البنتاغون. الآن أعلم أن ذلك غير صحيح.» قالت إن حكومتنا تكذب علينا كثيراً لحماية «الدولة العميقه»؛ وبالتالي يصعب أحياناً التمييز بين ما هو حقيقي وما هو ملفّق، وفق ما أدلت به على منصة X عام 2020.

لكن بعد شهر واحد فقط من تقلدها مقعداً في مجلس النواب، صرّحت بأنها «متيقنة من وقوع هجمات 11 سبتمبر»، موضحة أنها تتذكر ذلك اليوم وبكت طوال اليوم أمام شاشات الأخبار، وأنه من المؤسف أن يقول أحد إن تلك الأحداث لم تحدث.

وقبل انتخابها كانت قد صرّحت بأن «المسلمين لا ينتمون إلى الحكومة».

في 2021 نشرت سلسلة تغريدات معادية للإسلام على نفس المنصة قالت فيها: «ليس غير عقلاني الخوف من الإرهاب الإسلامي أو من دين يعلن أن هدفه هيمنة عالمية وموت الكفار»، ما أثار إدانة عدد من أعضاء المجلس.

في العام ذاته جُرِّدت من مهامها في لجان مجلس النواب بسبب تصريحاتها المثيرة للجدل ودعمها الظاهر للعنف ضد الديمقراطين، كما وُجهت إليها انتقادات حادة بشأن مواقفها العنصرية تجاه الأميركيين السود.

ووفق تقرير لصحيفة بوليتيكو في يونيو 2020، وصفت ناشطي حركة «حياة السود مهمة» بأنهم «حمقى» وقارنتهم بالنازيين الجدد وأعضاء كو كلوكس كلان. وتجدر الإشارة إلى أن حركة «حياة السود مهمة» برزت بعد مقتل جورج فلويد، رجل أسود، على يد ضابط شرطة في الولايات المتحدة في يونيو 2020 أثناء عملية توقيفه.

كما اتُهمت بإطلاق تصريحات معادية للسامية؛ فبحسب تقارير إعلامية أميركية، نشرت في 2018 منشوراً على فيسبوك ألمحت فيه إلى أن حرائق كاليفورنيا قد تكون نتيجة مؤامرة دولية ترتبط بجهات يهودية، ثم قامت بحذف ذلك المنشور لاحقاً.

خلال جائحة كوفيد-19 في 2021 قامت بمقارنة تدابير الوقاية مثل ارتداء الكمامات بالنجوم الصفراء التي أُخضع اليهود لارتدائها إبان الحقبة النازية، وهو ما دفع زعيم الأقلية في مجلس النواب آنذاك، كيفن مكارثي، إلى الرفض والادانة، قائلاً إن مقارنة فظائع الهولوكوست بارتداء الكمامات «أمر مشين» ونشر ذلك على منصته على X.

أضف تعليق