غابات الأمازون تواجه خطر تجدد موجة واسعة من إزالة الغابات بعد تحرك قوي يسعى لإلغاء حظر طويل الأمد يحميها. هذا الحظر، الذي يمنع بيع فول الصويا المزروع على أراضٍ جُردت بعد عام 2008، يعزى إليه الفضل في خفض معدلات قطع الغابات ويُذكر كنموذج ناجح على المستوى العالمي لحماية البيئة.
قوى زراعية نافذة في البرازيل، مدعومة بمجموعة من السياسيين، تضغط الآن لرفع هذه القيود مع دخول مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP30 أسبوعه الثاني. منتقدو الحظر يتهمون الأشخاص الداعين له بأنهم أقاموا “كارتل” يسمح لشركات قليلة بالهيمنة على تجارة الصويا في حوض الأمازون.
حذّرت منظمات بيئية من أن إلغاء الحظر سيكون “كارثة”، لأنه قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستيلاء على الأراضي بغرض زراعة مزيد من الصويا في أكبر غابة مطيرة في العالم. العلماء يحذرون أيضاً أن استمرار إزالة الغابات، مع آثار تغير المناخ، يدفع الأمازون نحو نقطة تحول محتملة — عتبة تتضاءل عندها قدرة الغابة على الحفاظ على نفسها.
البرازيل هي أكبر منتج لفول الصويا في العالم؛ المحصول يُعد مصدراً للبروتين ويستخدم كمكوّن أساسي في أعلاف الحيوانات. جزء من لحوم تُستهلك في المملكة المتحدة — من دجاج ولحم بقر ولحم خنزير والأسماك المستزرعة — يربى باستخدام أعلاف تحتوي على فول صويا، نحو 10% منها مصدرها منطقة الأمازون البرازيلية.
مجموعة واسعة من شركات الأغذية البريطانية الكبرى، بينها تيسكو وسينزبريز وماركـس آند سبنسر وألدي ولايدل وماكدونالدز وجرِغز وKFC، تنتمي إلى ائتلاف يُسمى “ميثاق الصويا البريطاني” الذي يمثل حوالى 60% من فول الصويا المستورد إلى المملكة المتحدة. هذه الشركات تدعم الحظر الرسمي المعروف باسم “وقف شراء الصويا من أراضٍ مُجردة بعد 2008” باعتباره أداة لضمان سلسلة إمداد خالية من إزالة الغابات.
مسح أجراه صندوق الحياة البرية وجد أن غالبية البريطانيين يطالبون الحكومة باتخاذ إجراءات لمنع إزالة الغابات غير القانونية في سلاسل التوريد، ما يعكس دعماً شعبياً للحفاظ على الأمازون. في المقابل، طالب خصوم الاتفاق الأسبوع الماضي المحكمة العليا البرازيلية بإعادة فتح تحقيق للتحقق مما إذا كان الاتفاق يشكل ممارسة منافية للتنافس.
أحد قادة مزارعي الصويا في ولاية بارا قال إن الولاية لديها مساحات شاسعة للتوسع وأن الاتفاق يعيق هذا التطور، متسائلاً لماذا يُسمح بزراعة الذرة والأرز والقطن بينما يُحظر زراعة الصويا على نفس الأرض. هذا الجدل انقلب داخل أروقة الحكومة البرازيلية نفسها: وزارة العدل ألمحت إلى وجود شواهد على ممارسات مناهضة للمنافسة، بينما دافعت وزارة البيئة ومكتب النائب العام الفدرالي علنياً عن استمرار الاتفاق.
الاتفاق الطوعي وُقع قبل ما يقرب من عقدين بمبادرة من مزارعين ومنظمات بيئية وشركات عالمية كبرى في تجارة السلع، بعد حملة كشفها «غرينبيس» أظهرت أن الصويا المزروعة على أراضٍ مُجردة كانت تدخل في أعلاف تصنع منها منتجات دُجنت لبيعها تجارياً. سلاسل الوجبات السريعة، بما فيها ماكدونالدز، أصبحت من أبرز مناصري الاتفاق الذي تعهدت بموجبه الشركات بعدم شراء صويا مزروعة على أراضٍ جُردت بعد 2008.
قبل الاتفاق كان توسيع زراعة الصويا وتوسع تربية الماشية من المحركات الرئيسية لإزالة الغابات في الأمازون. بعد تطبيقه تراجعت عمليات القطع بشكل حاد ووصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية في 2012 خلال ولاية الرئيس لولا الثانية. ثم ارتفعت معدلات إزالة الغابات في فترات لاحقة — لا سيما في عهد جاير بولسونارو الذي شجع فتح الغابة أمام التنمية الاقتصادية — لكنها انخفضت مجدداً خلال ولاية لولا الحالية.
خبراء في صندوق الحياة البرية حذروا من أن تعليق الاتفاق قد يكون كارثة للأمازون وسكانها وللعالم، لأن ذلك قد يتيح إزالة غابات على مساحة تعادل مساحة البرتغال. مزارعون صغار يقيمون قرب مزارع الصويا يشتكون من تغيرات مناخية محلية، مثل انخفاض الأمطار وارتفاع الحرارة، ما يصعّب عليهم زراعة محاصيلهم.
مزارع محلي يروي أن إزالة الغابة تدمر البيئة: حيث كانت الغابة الأمور طبيعية، وبعد إزالتها ترتفع الحرارة ويقل المطر ويجفّ النهر. الضغوط لرفع الحظر تزداد مع خطط البرازيل لافتتاح سكة حديدية رئيسية جديدة تربط سهولها الزراعية في الجنوب بغابات الشمال، وهو مشروع يُتوقع أن يخفض تكاليف النقل للصويا ومنتجات زراعية أخرى ويزيد الحافز لتجريف أراضٍ إضافية.
العلماء الذين راقبوا الأمازون لعقود يؤكدون أن إزالة الغابات تعيد تشكيل الغابة بطرق جوهرية، وأن قرارات اليوم قد تقرر مصير واحد من أهم أنظمة الكوكب الإيكولوجية. من بينهم اختصاصي الأمازون براس فوزبرغ، الذي أمضى نصف قرن في دراسة الغابة.
يصعد إلى أعلى برج ضيق مكوّن من خمسة عشر طابقًا، يرتفع نحو 45 مترًا فوق محمية غابات مطرية بكر في قلب الأمازون. من منصةٍ صغيرة عند القمة يطل على بحرٍ أخضرٍ يمتد حتى الأفق.
البرج مزوّد بأجهزة متطورة متشابكة؛ حساسات تتابع تقريبًا كل ما يجري بين الغابة والغلاف الجوي: بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، الإشعاع الشمسي، والعناصر الغذائية الحيوية مثل النيتروجين والفوسفور.
شُيِّد البرج قبل 27 عامًا وهو جزء من مشروع واسع النطاق — تجربة التفاعل بين الغلاف الحيوي والغلاف الجوي (LBA) — الهادفة إلى فهم كيفية تغير الأمازون وإلى أي مدى هي قريبة من عتبة حرجة قد تغيّر توزانها.
تُظهر بيانات LBA إلى جانب دراسات علمية أخرى أن أجزاءً من الغابة قد تقترب من “نقطة التحوّل”، التي بعدها قد تعجز المنظومة البيئية عن الحفاظ على وظائفها الأساسية.
“الغابة الحية تغلق، ولا تُنتِج بخار الماء وبالتالي الأمطار”، هكذا يصف الأمر.
يوضح أن فقدان الأشجار بسبب إزالة الغابات والحرائق وإجهاد الحرارة يقلل من كمية الرطوبة التي تُطلق إلى الغلاف الجوي، ما يخفض معدلات الهطول ويزيد من حدة الجفاف. وهذه الدائرة الراجعة تُسهم في موت مزيد من الأشجار.
الخوف أن استمرارية هذا المسار قد تؤدي إلى موت مساحات شاسعة من الغابة وتحويلها إلى سهوب أو نظم بيئية عشبية جافة.
مثل هذا الانهيار سيُطلق كميات هائلة من الكربون، ويعطل أنماط الطقس عبر قاراتٍ متعددة، ويهدد حياة ملايين البشر — بالإضافة إلى عدد لا يُحصى من نباتاتٍ وحشراتٍ وحيواناتٍ تعتمد على الأمازون للبقاء.