في أحدث حلقات المسرحية التي تُعرض على أنها سياسة في الولايات المتحدة، أعلن الرئيس دونالد ترامب انفصالاً حاداً عن النائبة مارجوري تايلور غرين من جورجيا، الحليفة السابقة والمعروفة أيضاً بارتدائها قبعة «ماغا».
على منصته «تروث سوشيال» كتب ترامب يوم الجمعة واصفاً زميلته الجمهورية بأنها «غريبة» و«اليسارية المتطرفة» مدعياً أنه لا يملك الوقت ليتعامل مع ما سمّاه سيل مكالماتها المزعومة: «لا أستطيع أن أتحمّل مكالمة من مجنون يثور كل يوم».
وكما لاحظت صحيفة نيويورك تايمز، فقد ظل ترامب سابقاً متسامحاً مع غرين عندما واجهت انتقادات بسبب طرحها نظريات مؤامرة حول هجمات 11 سبتمبر، حوادث إطلاق النار المدرسية وحرائق غابات نسبت إلى «ليزر فضائي».
على أي حال، لا شيء «مجنون» في كل ذلك سوى الخلط بين النقد والحقيقة.
غرين نفت أنها اتصلت بالرئيس، وقالت بدلاً من ذلك إنها أرسلت له رسالة نصية طالبتها بوقف محاولاته لعرقلة الإفراج الكامل عما عُرف بملفّات إبستين، التي قد تُورّط ترامب. في هذا الموضع أذكر أن البعض يكتب اسم الرجل أحياناً «إيبستين».
النواب في مجلس النواب الأمريكي مستعدون للتصويت هذا الأسبوع على هذه المسألة، وغرين ليست الوحيدة التي خرجت عن صفوف ترامب. عدد من الجمهوريين في المجلس تحدوا موقفه أيضاً، من بينهم توماس ماسي من كنتاكي ولورين بويبرت من كولورادو.
وفي تقلب نموذجي، تراجع ترامب فجأة عن موقفه حيال ملفّات إبستين ونشر متأخراً يوم الأحد: «على الجمهوريين في المجلس أن يصوّتوا لإصدار ملفّات إبستين، لأننا لا نملك ما نخفيه».
لكن ملفّات إبستين ليست القضية الوحيدة التي تطرح سؤالاً حول احتمال أن يتحول مشروع «ماغا» إلى نوع من الاحتراق الذاتي السياسي.
كما ذكر ترامب مؤخراً للأمريكيين: «لا تنسوا، ماغا كانت فكرتي. ماغا لم تكن فكرة أحد آخر». ومن المنطقي أن يربط الناس الفشل البارز في «إعادة جعل أمريكا عظيمة مجدداً» بصاحب الفكرة نفسه.
الدعاية الصريحة لها حدود، والناس يلاحظون عندما لا يكفي المال لسد رمق يومهم بالرغم من تصريحات رئاسية متفائلة عن حال الاقتصاد. ويبدو أن ترامب أدرك، إلى حد ما، أنه قد يبعد قاعدته إذا أصر على تعريفات جمركية سخيفة وإجراءات مالية عقابية. وحلّ حكومي شبه هزلي اقتصر على خفض التعريفات الجمركية عن القهوة والموز بينما يتأمل الرئيس شيكات تعويض جمركي بقيمة 2000 دولار ورهون عقارية بخمسين عاماً كتجربة سياسية.
في بيان صحفي للبيت الأبيض بتاريخ 14 نوفمبر، حمّل البيان الديمقراطيين مسؤولية «الفوضى الاقتصادية» في البلاد، لكنه طمأن المواطنين بأن «أسعار البقالة وأسعار الإسكان تتجهان في الاتجاه الصحيح» وأن أسعار السلع اليومية مثل الآيس كريم تشهد «هبوطاً».
ختم البيان بنبرة تحفيزية: «نحقق تقدماً — والأفضل لم يأتِ بعد».
إلى جانب أزمة تكلفة المعيشة، ثمة مصدر آخر لتزايد الاستياء داخل قواعد الجمهوريين وهو الدعم الأمريكي لإسرائيل. ففي تموز/يوليو أصبحت غرين أول نائبة جمهورية تتحدث صراحة عن «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة، مُدينة «تجويع» الفلسطينيين.
ولمن لا يظن أن مسألة الدعم لإسرائيل حيوية حزبية فحسب، فقد كان سلف ترامب الديمقراطي جو بايدن مستعداً لتمرير مليارات الدولارات لجهة تقود سياسات أدت إلى تجويع وتدمير المدنيين في غزة.
إدارة ترامب، مع ذلك، أضافت لونا مغايراً للمألوف: فهي لا تدعم إسرائيل فحسب، بل تهدد في الوقت نفسه بحرمان الأمريكيين الفقراء من مساعدات غذائية أساسية كالوسيلة لمعاقبة الداخل.
لكن، على الأقل، ينخفض سعر الآيس كريم.
قبل انفصاله الرسمي عن غرين بيومين، حذر ترامب في منشور أن «أي جمهوري سيء جداً أو غبي» قد يقع في «فخ إبستين»، الزعمة التي تقول إنها اختُلِقت لتشتيت الانتباه عن تجاوزات الديمقراطيين. ومع ذلك، يبدو أن عدداً متزايداً من مؤيدي ماغا قد يصبحون معرضين للانحدار نحو السلوك السيئ والاختيارات السخيفة بينما يكشف ترامب أنه ربما ليس الأكثر ملاءمة لـ«تفريغ المستنقع في واشنطن» — الوعد الدائم للرئيس بالقضاء على الفساد والرذائل السياسية التقليدية.
في الواقع، نوبات الغضب التي يظهرها ترامب تجاه احتمال نشر تفاصيل عن إبستين — أي رجل كان متوغلاً في ذلك «المستنقع» — لا تبشر كثيراً بمساعي تصفية الفساد.
ومن ناحية أخرى، حقيقة أن الأمريكيين أعادوا انتخاب ملياردير محابٌ ومجرم مدان لتولي رئاسة البلاد توحي بأن المستنقع لن يزول في أي وقت قريب.
على مستوى مصغر، قد يقدّم الصراع الداخلي داخل معسكر ماغا متعة عابرة للمشاهدين، لكنه لا يمهّد الطريق لأي تحسّن جوهري في المشهد السياسي.
ورغم أن معارضة ترامب هدف نبيل موضوعياً، فلا نحتاج مزيداً من الأشخاص الذين يعتقدون أن الليزر الفضائي يسبب حرائق الغابات أو الذين يقارنون إجراءات السلامة الصحية خلال الجائحة بالهولوكوست. ولا نحتاج أيضاً إلى مزيد من الديمقراطيين الممَكنين للإبادة، الذين في نهاية المطاف يبدون التزاماً مماثلاً للجمهوريين بالحفاظ على الأوليغارشية والفساد.
الدعم الأعمى وغير المشروط للرئيس قد يكون في تآكل ضمن قاعدته. لكن اطمئنوا: المستنقع باقٍ.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن رأي كاتبه ولا تعكس بالضرورة سياسة الجزيرة التحريرية.