تتوالى التقارير عن تدهور إنساني فاقع ووقائع انتهاكات مروعة مع تقدم ميليشيا قوات الدعم السريع نحو الشرق.
الجيش السوداني يقف الآن على رباط آخر نقاطه القوية في غرب كردفان، فيما تدفع قوات الدعم السريع باتجاه السيطرة على المحافظة شرقي دارفور. أعلن الجيش، يوم الأحد، أنه تصدّى لهجوم استهدف مقرّه في بلدة ببنوسة، التي تتعرض لهجمات متكرِّرة من عناصر الدعم السريع.
القوات شبه العسكرية كثفت في الأسابيع الأخيرة زحفها شرقاً بعد أن رسّخت سيطرتها على أجزاء واسعة من دارفور، وترافق هجومها مع تقارير متزايدة عن فظائع واسعة وحالة إنسانية يائسة. ونشرت قيادات في الدعم السريع، السبت، عدداً من الفيديوهات من داخل ببنوسة تُظهر مقاتلين يدّعون التقدّم على محاور متعددة وأنهم على وشك «تحرير» المنطقة.
مقارنة لصور أقمار صناعية التقطت بين 9 سبتمبر و13 نوفمبر، أظهرت، بحسب رصد الجزيرة، أن الهجوم على ببنوسة ألحق أضراراً جسيمة بعدد من منشآت الجيش، مع تصاعد أعمدة الدخان من داخل المقر. كما بدت آثار استهداف بالطائرات المسيّرة وأضرار واسعة بمرافق حول المقر، فيما دمرت القذائف جزءاً كبيراً من البنية التحتية وأقحمت الجيش في قيود حركية داخل المنطقة.
إلا أن لقطات أحدث متداولة على الإنترنت، وثّقتها وكالة سناد للتحقق، أظهرت جنوداً من الفرقة الثانية والعشرين في الجيش السوداني في ببنوسة يحتفلون بالاستيلاء على مدرعات تُركت خلف المهاجمين المنسحبين.
من المتوقع استمرار معارك عنيفة عبر منطقة كردفان في الأسابيع المقبلة، وسط تجاهل طرفي القتال — الدعم السريع والقوات الحكومية — لمقترح هدنة طرحته الولايات المتحدة وأطراف إقليمية. وفي شمال كردفان تتجه أنظار الدعم السريع إلى مدينة الأبيض الاستراتيجية، التي تضم قاعدة جوية كبرى وتعد خط صدّ للخرطوم. في المقابل، أعلنت القوات الحكومية يوم السبت استعادتها لقزقل وأم دام حاج أحمد في شمال كردفان، بينما تبدي القوات المتمردة طموحاً للسيطرة على كادقلي، عاصمة جنوب كردفان.
يرى الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي أن نتيجة المعارك الحالية في كردفان ستحدّد إلى حدّ كبير مسار العمليات العسكرية لاحقاً. وأضاف أن قدرة الجيش على حماية مدن استراتيجية مثل ببنوسة سيكون لها أثر بالغ في المعادلة العسكرية والإقليمية خلال الأسابيع المقبلة، لذا يبذل الجيش جهوداً لتعزيز خطوط الدفاع وإجراء عمليات إنزال جوي وتقديم مساعدات جوية.
معاناة لا تُصدق
بينما تستمر المعارك، لا تزال الحالة الإنسانية كارثية في مناطق واسعة يهيمن عليها الدعم السريع في الغرب. عقب سقوط الفاشر الشهر الماضي — آخر معاقل القوات الحكومية في دارفور بعد حصار استمر 18 شهراً — تصاعدت تقارير الجوع والتهجير والجرائم المرتكبة ضد المدنيين.
وأعلنت شبكة أطباء السودان في بيان يوم الأحد أنها تسجيلت 32 حالة اغتصاب بين فتيات قادمات من الفاشر خلال الأسبوع الماضي فقط. وصل الضحايا إلى بلدة الطويلة وروين قصصاً مفزعة عن تعرضهن للاغتصاب داخل الفاشر أو أثناء محاولات الخروج على يد مقاتلين من قوات الدعم السريع.
وصف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الوضع من الطويلة بأنه «معاناة لا يمكن تصوّرها»، وأضاف أن دارفور تحولت إلى عاصمة المعاناة الإنسانية في العالم، مع نقص فادح في التمويل والدعم الدولي الذي لا يرقى لتلبية الاحتياجات الميدانية.