انطلاق محاكمة ناشطي «فلسطين أكشن» في لندن — ما نعرفه حتى الآن

ستة أعضاء من المجموعة البريطانية المحظورة للعمل المباشر “باليستين أكشن” يمثلون أمام القضاء يوم الاثنين بعد اتهامهم بالتسبب في أضرار بمعدات تابعة لشركة الدفاع الإسرائيلية إلبيت سيستمز في مقرها ببريستول (فيلتون) في آب/أغسطس 2024.

المحتجزون، وهم جزء من إجمالي 24 ناشطاً اعتُقلوا على فترات متباعدة، يقبعون في الحجز لأكثر من عام دون محاكمة، في خرق لحدّ الاحتجاز السابق للمحاكمة في المملكة المتحدة والمحدد بستة أشهر. هذا المسار القضائي أثار رقابة دولية وجعَل من قضيتهما اختباراً لمدى تعامل حكومة كير ستارمر مع المظاهرات المؤيدة لفلسطين، وسط اتهامات من سكان وجماعات حقوقية بالتعسف في التعامل الأمني.

آلاف الأشخاص احتجّوا تضامناً مع المجموعة، المعروفة جماعياً باسم “فيلتون24” نسبة إلى موقع مكاتب إلبيت في فيلتون، بريستول. خلال الأسابيع الأخيرة اعتُقل المئات خلال احتجاجات تضامنية، بعد أن حظرت الحكومة المجموعة في يوليو بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. في 4 أكتوبر احتُجز نحو 500 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و89 عاماً، بحسب السلطات التي قالت إن الاعتقالات كانت بتهمة “دعم منظمة محظورة”.

ما الذي يحدث وفي أي محكمة؟
ستُنظر محاكمة ستة من أعضاء فلسطين أكشن في محكمة وولويتش كراون في لندن. هذه أولى المحاكمات منذ اعتقال الدفعة الأولى من أفراد فيلتون24 في أغسطس 2024، ثم تلتها مداهمات أدت إلى اعتقالات إضافية. يواجه المتهمون تهماً منها السطو المشدد، وإتلاف ممتلكات، والشغب العنيف.

تركز القضية الحالية على ستة متهمين وُجدوا داخل مبنى إلبيت سيستمز في 6 أغسطس 2024. وبحسب مجموعة “حرروا فيلتون 24” التي شكّلها أفراد من العائلات والأصدقاء، فهم: زوي روجرز، فاطمة زينب (راي) راجواني، جوردان ديفلين، صموئيل كورنر، وشارلوت “لوتي” هيد، وشخص آخر حُدد عبر وسائل التواصل باسم “إيلي”. يبدو أن معظم أعضاء فيلتون24 مواطنون بريطانيون، وإن لم تؤكّد ذلك مصادر رسمياً.

قد تُحال بقية أعضاء فلسطين أكشن إلى المحاكمة لاحقاً فيما يتعلّق بحادثة فيلتون؛ ومن بين الأسماء المرتبطة بالتحقيق: يان ساندرز، مادلين نورمان، ويليام بلاستو، ليونا كاميو، هانا دافيدسون، تيوتا “ت” هوخا، زهرة فاروق، يوليا بريغاديروفا، قسّار زهره، هبة مرايسي، كامران أحمد، أمو جيب وألكسندرا هيربيتش.

شين ميدلبورو (32 عاماً)، الذي قال لوسائل إعلام محلية إن قوات اقتحمت منزله بعنف في نوفمبر الماضي، كان الوحيد الذي مُنح إطلاق سراح مؤقت لحضور زفاف شقيقه في أكتوبر، لكنه لم يعد إلى السجن كما كان مقرراً في نوفمبر، والشرطة تواصل البحث عنه، بحسب تقارير إعلامية. أما أسماء خمسة معتقلين آخرين من أعضاء فلسطين أكشن فلم تُكشف بعد.

ما هي فلسطين أكشن؟
تأسست الحركة في يوليو 2020 على يد الناشطين هدى عموري وريتشارد بارنارد، وتعرّف عن نفسها كمنظمة مؤيدة للفلسطينيين تعمل على تعطيل صناعة السلاح في المملكة المتحدة عبر العمل المباشر. تتهم الحركة حكومة بريطانيا بالتواطؤ في جرائم ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة، وتصف مهمتها بأنها وقف مشاركة العالم في ما تعتبره نظام إبادة وفصل عنصري إسرائيلي.

يقرأ  بي إم دبليو تعترف: الصين كانت السبب وراء توجهها نحو الشبك الضخم

استهدفت تظاهرات أعضائها شركات مرتبطة بإسرائيل في أنحاء المملكة المتحدة، مستخدمة الطلاء الأحمر كعلامة مميزة على منشآتها. كما قاموا بسد مداخل مبانٍ، وتقييد أنفسهم بالسلاسل على بنى تحتية، وتعطيل معدات. عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023 تصاعدت احتجاجاتهم؛ ففي أكتوبر من ذلك العام طُلي مقر هيئة الإذاعة البريطانية BBC بالطلاء الأحمر تعبيراً عن اتهامها بالانحياز لإسرائيل. كما استهدفت المجموعة منشآت لشركات تصنيع أسلحة مثل لوكهيد مارتن وليوناردو.

ماذا حدث في فيلتون؟
في 6 أغسطس 2024 اقتحم أعضاء فلسطين أكشن مقر شركة إلبيت سيستمز في فيلتون، بريستول، وقاموا بتخريب طائرات بدون طيار رباعية المروحية، التي تقول الحركة إنها استُخدمت من قبل الجيش الإسرائيلي في استهداف الفلسطينيين بغزة. قدّرت تقارير محلية أن الأضرار تجاوزت مليون جنيه إسترليني تقريباً، واعتُقل ستة ناشطين في مكان الحادث — وهم الذين يمثلون هذه الأيام أمام المحكمة.

تبع ذلك اعتقالات واسعة في مداهمات وطنية أُجريت أياماً لاحقة، رافقتها مداهمات أخرى في نوفمبر 2024 زادت العدد إلى 18، ثم مداهمة أخيرة في يونيو 2025 أدت إلى اعتقال ستة آخرين ليصل الإجمالي إلى نحو 24 معتقلاً. المحتجزونن يقبعون في سجون مختلفة، منها نيو هول (للسجينات والشباب) في ويست يوركشاير، وبنتونفيل في لندن. في البداية وُجهت إليهم تهم “إرهابية” ثم سحبت هذه التهم لاحقاً، وأعيد توجيه ملاحقات جنائية غير متعلقة بالإرهاب. وفقاً لمجموعة “حرروا فيلتون 24″، نُقلت رفضات إطلاق السراح بكفالة بشكل واسع رغم تقديم العديد من الطلبات.

أعلَن ستة من الأعضاء إضراباً عن الطعام هذا الشهر احتجاجاً على ما وصفوه “سوء معاملة ممنهج” داخل السجون، بما في ذلك وصمهم كـ”إرهابيين” من قبل الحراس، ومصادرة ملابسهم — ومن ضمنها الكوفية الفلسطينية — وتقييد الزيارات والمراسلات. من بين المضربين: أمو جيب، هبة مرايسي، جون سينك، كامران أحمد، تيوتا “ت” هوخا وقسّار زراح. تعهدت المجموعة بمواصلة الامتناع عن الطعام حتى تُغلق إلبيت وتُوقف سلطات السجون ما تزعم الحركة أنه إساءة.

ماذا فعلت المجموعة أيضاً؟
في يونيو 2025 أعلنت فلسطين أكشن أن بعض أعضائها قَطعوا السياج الخارجي لقاعدة بريز نورثون الجوية في أوكسفوردشاير — التي تُعد أكبر محطات سلاح الجو الملكي — ورشّوا الطلاء الأحمر على محركات طائرتي أيرباص فوياجر، اللتين تُستخدمان للتزود بالوقود جواً ويُزعم أنهما استُخدِمَتا لتزويد طائرات إسرائيلية وقودها. اقتحم ناشطان الموقع بواسطة درّاجات كهربائية وغادراه دون عوائق.

يقرأ  رئيس إيران يتعهد في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدم تصنيع قنبلة نووية أبداًأخبار الأمم المتحدة

في 3 يوليو 2025 وُجّهت لاحقاً تهم إلى خمسة أشخاص على صلة بواقعة برايز نورتون: محمد عمر خالد، إيمي غاردينر-جيبسون، جوني سينك، دانيال جيرونيميدس-نورِي، ولوِي كياراملّو. جميعهم متهمون بالتآمر لدخول مكان محظور والتآمر لارتكاب أضرار جنائية.

في حينه، قال محلّلون إن هذا الاختراق، رغم أنه لم يشكّل تهديداً عسكرياً مباشراً، مثّل إحراجاً لوزارة الدفاع البريطانية لأن طائرات تُستخدم من قبل الملك ورئيس الوزراء عادةً ما تكون متمركزة هناك. استنكر رئيس الوزراء كير ستارمر الحادث واصفاً إياه بأنه «مخزٍ». وذكر مسؤولون في الشرطة وبعض وسائل الإعلام البريطانية أن رشّ الطلاء تسبّب بخسائر تقدر بين 7 و30 مليون جنيه استرليني (حوالي 9.2–39 مليون دولار)، بينما قالت الحكومة لموقع Declassified UK إنها لم تقدر رقماً نهائياً.

قبل تكثيف احتجاجاتها ضد الحرب الإسرائيلية في غزة، اشتهرت حركة فلسطين أكشن أيضاً بعدد من العمليات المباشرة:
– سلسلة اقتحامات لموقع شركة إلبيت-فيررانتي في أولدهام قرب مانشستر بين 2020 و2022.
– احتلال مصنع الطائرات المسيّرة في ليستر الذي تديره شركة UAV Tactical Systems التابعة لإلبيت في مايو 2021، حيث تقيّد ناشطون أنفسهم بالسقف لما يقرب من أسبوع.
– تقييد أنفسهم بموقع لإلبيت في براونستون بمقاطعة ليسترشاير في أبريل 2022، واقتحام مصنع ثايلز في غلاسغو في يونيو 2022، ما تسبب بأضرار تزيد عن مليون جنيه استرليني (1.37 مليون دولار) باستخدام قنابل دخانية وتخريب ممتلكات.
بعد اندلاع حرب إسرائيل على غزة في أكتوبر 2023، كثّفت الحركة نشاطها، مستهدفة مقر هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في لندن بالطلاء الأحمر احتجاجاً على ما تعتبره تحيّزاً مؤيديًا لإسرائيل، ومحاصرة مرافق شركات تصنيع الأسلحة من بينها لوكهيد مارتن وليوناردو.
وفي نوفمبر 2023 احتلّ فرع الحركة في الولايات المتحدة سطح منشأة لإلبيت في ميرّمَك بولاية نيوهِامبشير، وتم اعتقال ثلاثة ناشطين أُفرج عنهم لاحقاً بتهم جنح.

لماذا صنّفتهم الحكومة البريطانية «إرهابيين»؟
في يوليو، وبعد حادثة برايز نورتون، صوت البرلمان البريطاني بأغلبية ساحقة على تصنيف فلسطين أكشن كجماعة «إرهابية»، مما يجعل الانضمام إلى الجماعة أو دعمها جريمة قد تصل عقوبتها إلى 14 سنة سجن. وهذا يضع الحركة في نفس فئة الجماعات المسلحة مثل القاعدة.
أكدت الحكومة أن سبب الحظر يتعلق بالأمن القومي، وأنها باتخاذها هذا القرار «تُظهر نهجها صفراً تسامحياً تجاه الإرهاب مهما كان شكله أو أيديولوجيته»، مشيرةً إلى أن المجموعة نظمت «هجمات عدائية وترهيبية» ضد شركات ومؤسسات والعامة، بما يخالف قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000م. وأضاف بيان الحكومة أن الأمن القومي هو أولوية أولى ولن تتردد في تحمل هذه المسؤولية، مع التأكيد على حماية الحق في الاحتجاجات «المشروعة».

يقرأ  انهيار الأسعار في غزة — تدفّق المساعدات يعيد تشكيل الأسواق

ما هي الحجج المعارضة؟
أثار القرار إدانات واسعة من مناصري فلسطين وجماعات حقوقية في المملكة المتحدة. واعتُقل المئات أثناء مسيرات دعم لأعضاء الحركة المحتجزين والمنددين بالحظر، وفق السلطات البريطانية.
وحذّر مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بعد أيام من الحظر من أن القرار يمثل «سوء استعمال» لقوانين الإرهاب، لأنّ ما تُطبق عليه لا يرقى بطبيعته إلى أعمال «إرهابية»—فالحركة ليست مسلّحة ولم يقتل أعضاؤها أو يجرحوا أحداً بجروح خطيرة، ولا هددوا بذلك.
ووصفت منظمة العفو الدولية خطوة الحكومة بأنها «مقلقة» ودعت المملكة المتحدة إلى التركيز بدلاً من ذلك على اتخاذ إجراء ضد إسرائيل. وقالت ساشا ديشموخ، الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة: «بدلاً من اتخاذ إجراءات تشديدية ضد [حظر فلسطين أكشن]، ينبغي على الحكومة أن تتخذ خطوات فورية وواضحة لوضع حدّ للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ولمنع أي احتمال لمشاركة المملكة المتحدة فيها».
ومن جهتهم، تقول فلسطين أكشن إن أعمالها شكل من أشكال المقاومة المدنية تهدف إلى تعطيل إنتاج الأسلحة.

عاجل: الحكومة خسرت استئنافها وفشلت في وقف الطعن القانوني على حظر فلسطين أكشن.
هذا يعني أن المراجعة القضائية ستُجرى بين 25 و27 نوفمبر.
وليس ذلك فحسب، بل ربحنا أيضاً مَدينَين إضافيين لنطعن على شرعية الحظر.
انتصار كبير.
— هدى عمّوري (17 أكتوبر 2025)

في أكتوبر حصلت المؤسسة المشاركة هدى عمّوري على إذن من محكمه بريطانية للطعن في الحظر بحجة أنه يشكّل تدخلاً غير متناسب في حرية التعبير، بعد أن حاولت الحكومة منع استئنافها. من المقرر أن تُستمع القضية بين 25 و27 نوفمبر.

أي جماعات أخرى مصنّفة «إرهابية» في المملكة المتحدة ولماذا؟
الجماعات المسلحة الأيديولوجية مثل القاعدة وداعش مُدرجة في قوائم الحظر بالمملكة المتحدة؛ فقد ارتبطت القاعدة بهجمات كبرى في البلاد، مثل اعتداءات لندن عام 2005 التي راح ضحيتها 56 شخصاً وأُصيب أكثر من 700.
وفي اليوم نفسه الذي صُنفت فيه فلسطين أكشن «إرهابية»، أُدرجت كذلك مجموعة Maniacs Murder Cult (MMC) وحركة الإمبراطورية الروسية (RIM) في نفس الفئة. تُوصف كلتاهما كمجموعات متفوّقة بياضياً، ويُعتقد أن MMC تحمل ميولاً نازية جديدة وتحثّ أعضاءها على تصوير أنفسهم أثناء ارتكاب أعمال عنف بحق الآخرين. لم تُزَوّدْني بأي نصٍ لأعيدَ صياغته أو أترجمه.
يرجى إرسال النصّ المطلوب لأبدأ العمل عليه.

أضف تعليق