تتهيأ نقابة العمال العامة التونسية (الاتحاد العام التونسي للشغل) لمواجهة الرئيس قيس سعيّد في احتجاج مقرّر في الحادي والعشرين من أغسطس.
دعت النقابة إلى هذه الوقفة احتجاجاً على ما تصفه بمحاولات الحكومة النيل من حقوق العمال، واستخدام أساليب الترهيب لوقف الإضرابات، مشيرة إلى إضراب النقل الذي دام ثلاثة أيام في نهاية يوليو وأوقف شريان الحركة في البلاد.
منذ استيلائه على السلطة في 25 يوليو 2021، عمل سعيّد على تقويض دور البرلمان والأحزاب السياسية، ومنح نفسه صلاحيات واسعة عبر دستور مُعدّل بمقتضى مراسيمه.
ورغم ذلك، تظل قدرة الاتحاد على تعبئة مئات آلاف الأعضاء أحد الضوابط القليلة المتبقية في مواجهة سعيّد، بحسب محللين.
«الاتحاد كان دائماً أكثر من مجرد نقابة»، قال حمزة مدّب من معهد كارنيغي، الذي كتب باستفاضة عن المنظمة، لقناة الجزيرة. أضاف أن الاتحاد «تأسّس قبل حتى الاستقلا» ولعب دوراً بارزاً في تحقيقه عام 1956، ثم واصل أداء أدوار اقتصادية وسياسية، كما في 2015 عندما كان القوة الأساسية وراء إرساء حوار وطني أنقذ البلاد من انفجار سياسي هدد ديمقراطيتها بعد الثورة.
بلغ التوتر ذروته بين الاتحاد وسعيّد في 7 أغسطس، عندما تجمع مئات من أنصار الرئيس أمام مقر الاتحاد متهمين إياه بـ«الفساد» و«هدر أموال الشعب» بعد إضراب النقل الذي شلّ أجزاء واسعة من البلاد. وفي الليلة التالية دافع سعيّد عن المتظاهرين المناهضين للنقابة، مطالباً بمحاسبة الاتحاد ومؤكّداً أن أنصاره لم ينووا العنف، ومشدداً على أن هناك «ملفات يجب فتحها كي تُسترد أموال الناس»، كما ظهر في شريط فيديو نشره مكتب الرئاسة على فيسبوك.
ورغم أن المواجهات المستقبلية كانت متوقعة، يشير كثير من المحللين إلى أن الاتحاد يعاني من هشاشة داخلية نتيجة انقسامات، وتهدّد احتكاره للنفوذ النقابي الذي استمر لعقود في تونس.
قال محلل سياسي مقيم في تونس، طلب عدم الكشف عن هويته، إن «الاتحاد ظل صامتاً طوال العامين الماضيين، خصوصاً على الصعيد السياسي». وأضاف أن سعيّد «عدّل قانون الشغل في مايو من دون استشارتهم»، مشيراً إلى أن اتخاذ قرار بهذا الحجم من دون مشاركة الاتحاد كان في السابق أمراً لا يصدّق.
يكمن جزء من ضعف الاتّحاد في شرخ داخلي نشأ بعد قرار عام 2021 تمديد ولاية المجلس الإداري من فترتين إلى ثلاث فترات، وهو قرار فرّق صفوف الأعضاء وأضعف الهيئة القيادية. يصف مدّب قرار 2021 بأنه «شبه انقلاب داخل نقابته» ما حدّ من فعالية المجلس في اتخاذ قرارات حاسمة.
ولا يمكن إغفال تردّي الوضع المالي في البلاد الذي بات أشدّ وطأة، ما يؤثر على قاعدة الاتحاد الأساسية من العمال ويقلّص قدرتهم على التحرك والمشاركة في تحركات طويلة الأمد، ويضعف بالتالي من نفوذه التقليدي وسط الضغوط السياسية والاقتصادية المتصاعدة.