ما هدف ترامب من ضربات على زوارق قرب سواحل فنزويلا ومنطقة الكاريبي؟

منذ أوائل سبتمبر تُنفّذ القوات الأمريكية ضربات جوية وبحرية ضد قوارب يُشتبه في نقلها المخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، وفي 13 نوفمبر أُعلِنت الحملة رسميًّا باسم «الرمح الجنوبي». نشرت القيادة الجنوبية للولايات المتحدة الأسبوع الماضي شريطًا يظهر استهداف زورقٍ وتكفُّنه باللهب، فيما أعلنت السلطات أن آخر ضربة في المحيط الهادئ الشرقي أودت بحياة ثلاثة «رجال مخدرات» على متن القارب.

خلاصة الوضع
– نشطت منذ بداية سبتمبر منظومة واسعة من القوى الأمريكية تشمل عشرات الآلاف من الجنود، وقطعًا جوية وبحرية كبيرة، لتشكّل بذلك أكبر تواجد عسكري أمريكي في وحول أميركا اللاتينية منذ عقود.
– وصلت إلى المنطقة حاملة الطائرات الأكبر في العالم، USS Gerald R. Ford، التي وصفها الأسطول الأمريكي بأنها منصة قتالية عالية الكفاءة والقدرة.
– الولايات المتحدة عدّت الضربات إجراءً دفاعيًّا لمواجهة تدفّق المخدرات نحو الداخل الأمريكي، بينما أثارت الحملة جدلاً واسعًا ومخاوف من تصعيد أوسع في الإقليم.

لماذا تُنفَّذ الضربات؟
إدارة الرئيس ترامب وبرامجها الأمنية تُبرّر الضربات بأنها خطوة لمكافحة التهريب المسلّح وقطع تدفقات المخدرات إلى شوارع الولايات المتحدة. صرّح وزير الدفاع بيت هيغسِث بأن الحملة تهدف إلى «إخراج المقاتلين المرتبطين بالشبكات المخدِّرة من نصف الكرة الأرضية» وتأمين الولايات المتحدة من «المخدرات التي تقتل مواطنينا». مع ذلك، قلّة من المعلومات الرسمية تُفرَج عنها من البنتاغون بشأن هويات الأهداف أو الانتماءات التنظيمية المزعومة لتلك القوارب؛ وفي بعض التصريحات ربط مسؤولون المجموعة المستهدفة بعصابة فنزويلية تُعرف باسم Tren de Aragua.

أين تمركزت الوحدات الأمريكية؟
تحرّكت الولايات المتحدة بنشر قدرة ضاربة ملموسة في الكاريبي والأطلسي الغربي ضمن نطاق قد يهدّد السواحل الفنزويلية. وحدات تتبعها تحقيقات BBC Verify أظهرت وجود نحو 15 سفينة حربية في المنطقة بالاستناد إلى بيانات تتبّع السفن وصور الأقمار الصناعية وتصريحات رسمية. بالإضافة إلى حاملة الطائرات، تضمّ القوة مدمّرات مزوّدة بصواريخ موجهة وسفن إنزال قادرة على إنزال آلاف الجنود، كما نُشرت مقاتلات أمريكية في قواعد ببورتو ريكو وطارت قاذفات بعيدة المدى داخل مدى التهديد لسواحل فنزويلا. وأكّد البيت الأبيض كذلك أنه منح وكالة المخابرات المركزية تفويضًا لإجراء عمليات سرية في فنزويلا، من دون توضيح نطاق تلك العمليات.

يقرأ  المزارعون الهنود المتضررون من الفيضانات: خسائر متزايدة واضطرار للبدء من الصفر

كم عدد الضربات والخسائر؟
في الفترة بين 2 سبتمبر و16 نوفمبر نفّذت القوات الأمريكية ما لا يقل عن 21 ضربة استهدفت 22 زورقًا في المياه الدولية بالمناطق الكاريبية وشرق المحيط الهادئ، ووقعت الغالبية قبالة سواحل فنزويلا وكولومبيا. تُشير البيانات المعلنة إلى سقوط ما لا يقل عن 83 قتيلًا جُمِعت أسماؤهم كمدّعًى «مقاتلين مخدرين». نشرت القيادة الجنوبية أنّ عمليات الاستخبارات أكدت تورّط بعض الزوارق في تهريب المخدرات عبر مسارات معروفة، وقدّمت تسجيلًا مرئيًّا لانفجار زورق كبير. تحقيق صحفي لوكالة أسوشييتد برس بيّن أن بين القتلى مواطنين فنزويليين كانوا في الغالب متورطين على مستوى منخفض بدافع الفقر، بالإضافة إلى زعماء محليين.

هل الضربات قانونية؟
البيت الأبيض أصرّ على شرعية الضربات واعتبرها مبرَّرة كإجراء دفاعي لحماية الأرواح الأمريكية. وفي مذكرة سرية أُرسلت إلى الكونغرس جادلت الإدارة بأن الولايات المتحدة في صراع مسلّح مع عصابات المخدّرات التي تُصنَّف ـ بحسبها ـ كمقاتلين غير شرعيين وأن أعمال تهريب المخدرات تشكّل هجومًا مسلّحًا على البلاد. بالمقابل، حذّر قانونيون دوليون وأخلاقيون من أن الضربات قد تشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، خصوصًا إذا طالت مدنيين أو حُرِم المشتبه بهم من إجراءات قانونية. لويس مورينو أوكامبو، المدّعي العام السابق لدى المحكمة الجنائية الدولية، صرّح أنه يعتقد أن بعض الأفعال قد تندرج ضمن جرائم ضدّ الإنسانية. كما أثار النقاش تساؤلات دستورية حول ما إذا كانت الإدارة استنفدت دوره وجود الكونغرس في إعلان الحرب، فقد صرح الرئيس ترامب بأنه «مخوّل» لضرب سفن قرب فنزويلا، لكنه قال أيضًا إن إقرار توسّع العمليات على الأراضي قد يستلزم العودة إلى الكونغرس.

هل تُحضّر الولايات المتحدة لهجوم على فنزويلا؟
التجمّع العسكري الواسع أثار مخاوف من احتمال استهداف فنزويلا مباشرةً أو محاولة الإطاحة بالحكومة اليسارية بزعامة نيكولاس مادورو. ترامب قلّل من احتمال خوض حرب مع فنزويلا، قائلاً إنه «يشكّ» في ذلك، رغم تعليقاته بخصوص أن أيام مادورو قد تكون معدودة.

يقرأ  ظاهرة «لابوبو» تنتشر في ألمانيا مع افتتاح فرع جديد في برلين

كيف ردّت حكومة مادورو؟
اتهمت كاراكاس الولايات المتحدة بتأجيج التوترات بهدف إسقاط الحكومة، وردّ الجيش الفنزويلي بإجراءات تعبئة استعدادية وأعلن مادورو في نوفمبر «تعبئة عسكرية كبيرة» شملت نحو 200 ألف عنصر عبر البلاد. دعا مادورو إلى تجنّب التدخلات الأجنبية وإلى السلام، وقال في مقابلة تلفزيونية: «لا حروب أبدية بعد الآن. لا حروب غير عادلة بعد الآن. لا ليبيا بعد الآن. لا أفغانستان بعد الآن. تحيا السلام».

تقرير إضافي من توم إدجنجتون

أضف تعليق