مادورو مستعد للحوار وجهًا لوجه مع تصاعد ضغوط الولايات المتحدة

فانيسا بوششلوتِر، محررة شؤون أمريكا اللاتينية ـ بي بي سي أونلاين

«وجهاً لوجه»: زعيم فنزويلا نيكولاس مادورو يعلن استعداده للحوار المباشر مع ممثلي إدارة ترامب

أعرب نيكولاس مادورو عن استعداده لإجراء محادثات وجهاً لوجه مع ممثلين عن إدارة ترامب، في ظل تصاعد الضغوط الأميركية عليه. وجاء هذا التصريح بعد ساعات من قول الرئيس دونالد ترامب إنه لم يستبعد نشر قوات برية في البلاد اللاتينية.

تتهم إدارة ترامب مادورو — الذي اعتبر كثير من البلدان انتخابه العام الماضي مزوراً — بأنه زعيم عصابة مخدرات. ونفى مادورو هذه الاتهامات، متهماً الولايات المتحدة بمحاولة افتعال حرب لانتزاع سيطرتها على احتياطيات النفط الفنزويلية.

منذ تنصيب ترامب لولاية ثانية في يناير، كثفت واشنطن ضغوطها على مادورو: ضاعفت مكافأة المعلومات التي تقود إلى اعتقاله لتصل إلى 50 مليون دولار (حوالي 38 مليون جنيه إسترليني)، وفي أغسطس أطلقت عملية لمكافحة المخدرات استهدفت زوارقَ اتُهمت بنقل مخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة. وقد أسفرت الضربات الأميركية على سفن مشتبه بها عن مقتل أكثر من ثمانين شخصاً، غالبيتهم في البحر الكاريبي وبعضهم في المحيط الهادئ.

وبحسب ما قاله «وزير الحرب» الأمريكي بيت هيغست، فإن هدف «عملية الرمح الجنوبي» هو إبعاد ما وصفهم بـ«الإرهابيين المتعاملين بالمخدرات» عن نصف الكرة الغربي. ومع ذلك تساءل خبراء قانونيون عن شرعية هذه الضربات، مشيرين إلى أن واشنطن لم تقدم دلائل تُثبت أن الزوارق كانت تحمل مخدرات. كما يبقى من غير الواضح مدى تأثير هذه الضربات على تدفّق المخدرات الأوسع، الذي ينتقل جزء كبير منه عبر الحدود البرية بين المكسيك والولايات المتحدة.

حجم الانتشار العسكري الأميركي — الذي يشمل أكبر حاملة طائرات في البحرية الأميركية، يو إس إس جيرالد فورد — أثار أيضاً تكهنات في فنزويلا والولايات المتحدة عن أن الهدف الحقيقي قد يكون الإطاحة بمادورو. طُرحت على ترامب مراراً أسئلة حول خطة حكومته، وقدّم إجابات تبدو متناقضة. فعندما سألته محطة سي بي إس في 3 نوفمبر عما إذا كانت الولايات المتحدة ذاهبة إلى حرب مع فنزويلا، أجاب: «لا أعتقد ذلك». لكن يوم الاحد، حين سُئل عما إذا كان سيستبعد وجود قوات برية أميركية في فنزويلا، قال: «لا، لا أستبعد ذلك، لا أستبعد شيئاً». وعندما دُفع به إلى القول ما إذا كان سيتحدث مباشرة مع نظيره الفنزويلي، رد: «ربما سأتحدث معه، نعم. أنا أتكلم مع الجميع».

يقرأ  القائد المؤقت في بيرو يشرف على مداهمات السجون لمواجهة تصاعد الجريمة

في ذات اليوم، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تعتزم تصنيف «كارتل دي لوس سولس»، عصابة تهريب المخدرات التي تزعم أنها يقودها مادورو، كمنظمة إرهابية أجنبية. إلا أن الوزارة قالت إن هذا التصنيف لن يصبح سارياً فوراً، بل سيُفعَّل في 24 نوفمبر. وقد فُسِّر هذا التأجيل، إلى جانب ترك الباب مفتوحاً للحوار المباشر، من قبل بعض المراقبين على أنه إنذار نهائي لمادورو: ابدأ المفاوضات أو واجه إجراءات أميركية أشد.

ويتضمن تصنيف جماعة كمنظمة إرهابية أجنبية حظراً على مواطني الولايات المتحدة من تقديم دعم مادي أو موارد لها بمعرفتهم، وبحسب البيت الأبيض يصبح بعد ذلك من سياسة الولايات المتحدة «ضمان القضاء الكامل على وجود هذه التنظيمات داخل الولايات المتحدة وقدرتها على تهديد أراضيها وسلامتها وأمنها». يرى بعض المحللين أن الإدارة قد تستند إلى هذا التصنيف لتبرير ضربات على أرض فنزويلا ضد شبكة «كارتل دي لوس سولس»، على غرار ما جادلت به بشأن استهداف زوارق مخدّرات في الكاريبي بذريعة الخطر الذي تشكّله على الأميركيين.

خلال عدد من ظهوره العلني الأخير، خاطب مادورو الشعب الأميركي مباشرة، وتكلّم — وغنّى مرة — بالإنجليزية. وقال يوم الاثنين: «الحوار نعم، النداء نعم، السلام نعم، الحرب لا، لا أبداً الحرب»، مؤكداً استعداده للحوار «وجهاً لوجه» مع أي أميركي «يرغب في التحدث إلى فنزويلا».

محاولات سابقة للتفاوض بين أطراف مختلفة وممثلي حكومة مادورو باءت بالفشل. انهارت المحادثات التي جرت في باربادوس بوساطة نرويجية، وكذلك فشلت وساطات سابقة بدعم من الفاتيكان لإيجاد مخرج للأزمة السياسية في البلاد.

وفيما تصعّد الضغط الأميركي، ظلت زعيمة المعارضة الفنزويلية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام ماريا كورينا ماتشادو تحثّ الجيش على الانحياز إلى جانب المعارضة والإطاحة بمادورو. تتحدّث ماتشادو وتنشر من مكان غير معلوم داخل فنزويلا، حيث تختبئ لتفادي الاعتقال؛ وقد واصلت وصف حكومة مادورو بأنها «بنية إجرامية» ودعت الفنزويليين إلى التوحد لإسقاطها.

يقرأ  تعطّل حركة القطارات في تلّ أبيب — سكك حديد إسرائيل تتسارع لإصلاح البنية التحتية

يوم الثلاثاء، نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما سمَّته «بيان الحرية» عرضت فيه رؤيتها لفنزويلا ما بعد مادورو، قائلة: «نقف على أعتاب عصر جديد — حيث ستعلو حقوقنا الطبيعية» ومؤكدة على ضرورة محاسبة مادورو وحلفائه المقربين على «جرائم ضد الإنسانية»، لا سيّما ما يتعلق بسوء معاملة السجناء السياسيين والمحتجزين خلال حكمه.

أضف تعليق