رست في قناة بحر الشمال على مقربة من أمسترادام سفن شراعية شاهقة من مختلف أنحاء العالم يوم الأربعاء، وراح طواقمُ سفن من بيرو وأوروغواي وألمانيا وفرنسا يلوحون من على سطحها بينما هتفت الجموع على ضفاف القناة.
انطلقت بهذه العروض فعاليات مهرجان أمستردام البحري الذي يستمر خمسة أيام، احتفالٌ بالسفن والبحارة وماضٍ بحري للمدينة، ويتوقع المنظمون أن يجتذب ما بين 2.3 و2.5 مليون زائر.
قالت قائدة الميناء ميلمبي ماتيو لوكالة الأنباء الفرنسية إن عرض الدخول البحري (Sail‑in Parade) يمثل أصعب لحظات المهرجان. «هناك الكثير من الصحافة، وهناك عدد هائل من القوارب التي تريد المشاهدة، وكثيرون من ذوي المناصب العليا يحرصون على الحضور، لذا فهذه هي اللحظة الأكثر تحدياً،» وأضافت: «حالما تنتهي هذه المرحلة بسلام أستطيع أخيراً أن أنام وأستمتع ببقية المهرجان.»
يدخل مهرجان Sail Amsterdam هذا العام دورته العاشرة، وهو جزء من احتفالات المدينة بذكرى تأسيسها الـ750. يشارك في الدورة الحالية نحو خمسين سفينة شراعية و700 زورق تاريخي.
وشرح رئيس المهرجان آري يان دي وارد أن شعار هذه الدورة «متحدون بالأماج» اختير استجابةً للتوترات العالمية، مؤكداً: «من المهم أن نتواصل عبر المياه ومن خلال الثقافات على السفن والطاقم الذي يجتمع هنا في أمستردام. أعتقد أن هذا أمرٌ في غاية الأهمية.»
بدأت المسيرة من إيجمويْدن على ساحل بحر الشمال، حيث عبرت السفن الأولى الأقفال البحرية العملاقة بعد الساعة العاشرة صباحاً، لتستكمل رحلة طويلة نحو الداخل بطول نحو 25 كيلومتراً. امتدت التشكيلة البحرية على نحو عشرة كيلومترات تقريباً، وشملت سفناً تدريبية بحرية، وبواخر بخارية، وحرفاً تراثية شراعية، واسطولاً واسعاً من القوارب الترفيهية التي التحق كثير منها بالموكب.
اصطفّ آلاف المتفرجين على طول القناة من الأقفال وحتى ميناء آي جي خلف محطة أمستردام المركزية، حيث استُقبلت السفن الشراعية بتحيات مدفعية وموسيقى. اعتلت عائلات سيارات التخييم الأسطح، وانحنى تلاميذ المدارس فوق الحواجز، ولوح المتقاعدون بالأعلام بينما كانت الطواقم ترد التحية من على الصواري.
قال سييب دي هان، البالغ من العمر 60 عاماً، إنه صار «مدمناً» على مهرجان Sail Amsterdam بعد أن شهد نسخته الأولى قبل عقد من الزمن: «نحن نحب مواكب القوارب،» وأضاف: «ابتكرنا موكب فخر القوارب هنا قبل ثلاثين عاماً، ومنذ أن شاهدت أول عرض قوارب قبل عشر سنوات أصبحت مهووساً بكل ما يتعلق به.»
من جهته قال دانييل توب، القادم منذ الطفولة إلى المهرجان، إن الحدث دائماً ما يكون مناسبة عائلية ممتعة بالنسبة لهم: «ربما نخرج في منتصف الأسبوع بقارب صغير لنرى السفن من الماء.»
نُظّم الحدث أول مرة عام 1975 للاحتفال بالذكرى السبعين لميلاد أمستردام، ومنذ ذلك الحين تقام كل خمسة أعوام، باستثناء عام 2020 عندما أُلغي بسبب جائحة كورونا، ما يجعل دورة هذا العام الأولى بعد عقد كامل.
خلال الأيام المقبلة سيتيح المهرجان للزوار صعود السفن الشراعية، ومشاهدة موكب مئات أفراد الطواقم الدولية في وسط المدينة، وحضور حفلات ومآدب على الواجهة البحرية. وفي يوم الأحد المقبل ستبحر السفن مجدداً في موكب بحري ضخم نحو البحر.
ومن بين الطقوس الأخفّ ظرافةً ما يعرف بـ«الهرم» حيث يطلق السكان عوامات منزلية مصنوعة من ألواح ركوب الأمواج والكراسي وأي مواد طافية أخرى، وغالباً ما يكون الهدف المظهر البصري أكثر من مهارة الإبحار—قليلون هم من يبلغون خط النهاية، لكن العرض هو المقصود أساساً.