أكثر من 3,350 شخصًا في غزة عانوا حروقًا بالغة، ومن بينهم الطفلة إلهام أبو حجّاج التي تبلغ من العمر تسع سنوات.
آخر ما تذكره إلهام من تفجير منزلهم في مدينة غزة أن والدتها كانت تحتضنها وتدعو لها. عندما فتحت عينيها وجدت نفسها داخل مستشفى، وجهازٌ موضوع على بطنها وجسدها كله يرتجف، كما روَت لإذاعة الجزيرة.
لمست جسدها فوجدته محروقًا بالكامل، وسألت طبيبًا عن مصير والدَيها فلم يجبها. الهجوم الإسرائيلي في منطقة الصفاوة بمدينة غزة قضى على والديها، وتركت الطفلة بإصابات حروق من الدرجة الثالثة.
ليست إلهام حالة معزولة في عواقب هذه الحرب. قدّرَت منظّمة الصحة العالمية في سبتمبر أن نحو 42 ألف شخص — أي ما يقرب من 2% من سكان غزة — تعرضوا لإصابات تغيّر مجرى حياتهم، وربما يصل ربع هؤلاء إلى فئة الأطفال. أكثر من 3,350 شخصًا أصيبوا بحروق كبيرة، لتصبح من أكثر الإصابات شيوعًا التي وثقتها المنظمة، مع تأكيدٍ واضح أن الأطفال هم الأكثر تضررًا؛ نحو 70% ممّن خضعوا لعمليات جراحية لعلاج الحروق هم أطفال، كثيرون منهم دون سن الخامسة، والعديد من الحالات كانت نتيجة انفجارات.
تقول إلهام وهي تنظر إلى صور التندّب الكثيف في عنقها وذراعها وساقها: «عندما أنظر في المرآة أقول لنفسي: يا الله، انظري إلى هذه الجروح، إنها جروح خطيرة». ومع ذلك بقي تصور فقدان والديها أمرًا بعيد المنال بالنسبة لها؛ حتى عندما قال لها جدها إنهما ينتظرانها في الجنة، ظلت تصرّ على أنهما على قيد الحياة. لم تقبل الحقيقة إلا عندما أخذها جدها لتعيش معه، حينها أدركت أن والدَيها قد ماتا وبدات تبكي.
أكثر من 39 ألف طفل في غزة فقدوا أحد والديهم أو كلاهما، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في أبريل، منهم نحو 17 ألفًا أصبحوا بلا والدين منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023.
تعيش إلهام الآن مع جدّيها وباقي الأقارب الناجين، بمن فيهم شقيقها. وهي، واقفةً خارج منزل العائلة المحاط بأطلال الحي المدمر، تقول إن شعورًا من الفرح ملأ قلبها عندما عرفت أن شقيقها ما زال على قيد الحياة: «وجدت جدتي وخالتي وجدي، هم بجانبي. عندما التقيت بشقيقي شعرت بسعادةٍ قليلة، لكن قلبي حزين على أبيّ وأمي اللذين توفيا».
اتخذت الصغيرة الرسم وسيلةً للتعبير عن مشاعرها تجاه فقدان والديها وبيتها الطفولي. تقول: «يساعدني على نسيان كل ما حدث. آخر رسم رسمته كان للبيت المدمر». لكنها لم تَرسم بيتها كما أصبح في الواقع؛ أعادت بنائه على اللوحة وأضافت أرجوحة وشجرة — الشجرة التي كان والدها قد غرسها.
إلهام وأخوها، يدا في يد، وسط ركام غزة، يكتبان فصلًا من حكايةٍ تكبر معها كل يوم.