خطة ترامب الجديدة المكوّنة من 28 نقطة: ما التنازلات التي تطالب أوكرانيا بها لصالح بوتين؟

الولايت المتحدة وروسيا يعتقد أنهما أعدّا إطارًا جديدًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق تقارير صحفية دولية متعددة. الخطة، التي تضم 28 بندًا، تقضي بتنازل كييف عن أسلحة وأراضٍ.

هل هذا المقترح رسمي؟
لا. لم تعلن الولايات المتحدة عن الأمر رسميًا، وروسيا نفت وجود خطة سلام من هذا النوع. مع ذلك، نقلت عدة وسائل إعلامية، بالاستناد إلى مصادر مجهولة الهوية، تفاصيل عن الخطة؛ وكانت منصتا Axios وFinancial Times من أولى من أفاد بتلك المعلومات. وذكرت وكالة Reuters لاحقًا أن مصادر مطلعة قالت إن واشنطن “أشارت” إلى زيلينسكي بضرورة قبول الخطة التي تتضمن تنازلات إقليمية وعسكرية، مقابل ضمانات أمنية أمريكية محتملة.

نشرت Financial Times مقولات لمسؤول مجهول وصف المقترح بأنه “منحاز بشدة لروسيا” ومريح لفلاديمير بوتين، وأضافت الصحيفة أن صياغة المسودة قد شملت مسؤولين أمريكيين وروس فقط. ونقلت الصحيفة أيضًا أن الولايات المتحدة أبلغت أوكرانيا بالخطة عبر مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.

وفق Axios، وبتحفظ من مصدر أمريكي مطلع، تمنح الخطة روسيا أجزاءً من شرق أوكرانيا لا تسيطر عليها الآن مقابل ضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا وأوروبا ضد عدوان روسي مستقبلي. مع ذلك، قال الخبير العسكري في تشاتم هاوس، كير جايلز، إن تسريب الخطة قد يكون “عملية معلوماتية روسية” أكثر منه واقعًا، وأن الإعلام الغربي تعامل مع ذلك بقبول سريع. في تعليق على منشور في X برابط تقرير Axios، قال ويتكوف يوم الأربعاء: “لا بد أنه حصل على هذا من كـ.” ولم يؤكد أو ينفِ وجود خطة الـ28 بندًا، وقد حُذف المنشور لاحقًا. أضاف جايلز أن حرف “K” قد يشير إلى كيريل ديميترييف، المقرب من بوتين ورئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر، أو إلى كيث كيلوج، مبعوث ترامب الخاص للحرب الأوكرانية. وذكرت Financial Times أن ديميترييف من بين “مهندسي” الاقتراح.

ماذا قال المسؤولون الأمريكيون والأوكرانيون؟
البيت الأبيض امتنع عن التعليق. وكتب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على X أن الولايات المتحدة “ستواصل تطوير قائمة أفكار محتملة لإنهاء هذه الحرب بناءً على مدخلات من كلا طرفي النزاع”. وأضاف أن إنهاء حرب معقدة ودموية يتطلب تبادلًا موسعًا للأفكار الواقعية، وأن تحقيق سلام دائم يستلزم من الطرفين قبول تنازلات صعبة لكن ضرورية. ولم يدل زيلينسكي بتصريح علني حول المقترح أثناء زيارته لتركيا، واكتفى بالقول على تيليجرام بعد لقائه أردوغان إن الأهم لوقف إراقة الدماء وتحقيق سلام دائم هو التنسيق مع جميع الشركاء وأن تظل القيادة الأمريكية فعالة وقوية، وأن الولايات المتحدة وترامب وحدهما “يمتلكان القوة الكافية” لوضع حد للحرب.

يقرأ  العائد على الاستثمار في تحول التعلمإثبات تأثير التعلم الإلكتروني

ماذا تتضمن بنود الخطة بحسب التقارير؟
بحسب Axios، تشمل الخطة 28 بندًا محددًا لكنها لم تكشف نصوصها الكاملة. عمومًا، ستمنح الخطة روسيا السيطرة الكاملة على شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس (دونيتسك ولوهانسك). حاليًا تسيطر روسيا على كامل لوهانسك ومعظم دونيتسك، فيما تبقى لدى أوكرانيا سيطرة على نحو 14.5% من مساحة دونباس، تضم أجزاء من دونيتسك حول سلوفيانسك وكراماتورسك، حسب معهد دراسة الحرب.

تتطلب الخطة انسحاب القوات الأوكرانية من دونباس وتحويل المنطقة إلى منطقة منزوعة السلاح تمنع أيضًا تواجد القوات الروسية فيها. كما تفرض قيودًا طويلة الأمد على حجم الجيش الأوكراني وامتلاكه لصواريخ بعيدة المدى. إلى جانب القرم ومعظم دونباس، تسيطر روسيا الآن على 75% من مناطق زابوريجيا وخيرسون في الجنوب المطلة على البحر الأسود، وتنص الخطة على تجميد خطوط القتال الحالية في هذين الإقليمين، ويُركن أي نقاش بشأن إعادتهما لأوكرانيا إلى مفاوضات لاحقة.

هل ستكون الخطة مفيدة لأوكرانيا؟
المحللون يرون أن الخطة غير مفضلة لأوكرانيا إذ تبدو من جانبها مجحفة. قال جايلز إن تنفيذ مثل هذا المقترح سيترك أوكرانيا عُرضة لهجوم روسي جديد، لأن تقليص حجم الجيش وحرمانها من قدرات طويلة المدى يجعلها ضعيفة للغاية، ووصف الخطة بأنها “كارثية للأمن الأوروبي”. وذهبت باحثة أخرى، مارينا ميرون من كلية كينغز بلندن، بحسب ما نقلته الجزيرة، إلى أن القوة المسلحة الأوكرانية قد تضطر إلى تقلص يصل إلى 60% من حجمها، بما يعني ألا تتجاوز القوة نحو 400 ألف فرد، وأن يُحظر عليها امتلاك قدرات بعيدة المدى قادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية.

صورة: طلاب يتدربون ليصبحوا رجال إطفاء يجتمعون أمام مبنى سكني أصابته صاروخ روسي في تيرنوبل بأوكرانيا، 20 نوفمبر 2025 (توماس بيتر/رويترز). «ثم ستُعترف رسميًا بالأراضي الواقعة تحت السيطرة الروسية، وكذلك بشبه جزيرة القرم.»

يقرأ  تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وسط اشتداد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

قالت ميرون: «يبدو هذا المخطط محابياً بوضوح لموسكو، ومن المثير أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على ممارسة قدر كافٍ من النفوذ على أوكرانيا وعلى زيلينسكي لقبول هذا المقترح.»

كيف تغيّر موقف ترامب مع مرور الوقت؟

تذبذب ترامب مرات متعددة هذا العام حول مسألة تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لصالح روسيا. في أواخر الشهر الماضي اقترح تجميد الحرب عند خطوط التماس الحالية. قال للصحفيين على متن «أير فورس ون» في أكتوبر: «تتركونها كما هي الآن. يمكنهم … التفاوض لاحقاً على شيء ما»؛ إلا أن موسكو رفضت هذا المقترح وأكدت سعيها لتحقيق هدفها بالحصول على انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق الشرقية التي تطالب بها.

في تلك اللحظة كانت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون قد دعموا الفكرة، وصرحوا في بيان مشترك أن «الخط الحالي لجهة الاتصال يجب أن يكون نقطة انطلاق للمفاوضات»، مما مثّل تحوّلاً في موقف كييف التي كانت تصر سابقاً على استعادة كل أرض فقدتها.

كما مثّل ذلك تغييراً في موقف ترامب نفسه. ففي 23 سبتمبر قال إن أوكرانيا يمكنها استعادة كامل أراضيها التي استولت عليها روسيا منذ بدء الحرب بمساعدة الاتحاد الأوروبي والناتو. وكتب حينها على منصته: «مع الوقت، والصبر، والدعم المالي من أوروبا وبالأخص من الناتو، فإن الحدود الأصلية التي بدأت منها هذه الحرب تبقى خياراً وارداً.»

وقبل ذلك، في 11 أغسطس، صرّح ترامب بأن على كل من روسيا وأوكرانيا التنازل عن أجزاء من الأراضي لإنهاء الحرب، وقال إن روسيا أخذت بعض «أهم أراضي» أوكرانيا وإنهم «سنحاول استعادة بعض تلك الأراضي». في ذلك الوقت رفض زيلينسكي فكرة التنازل عن أي شبر.

في فبراير هذا العام التقى ترامب بزيلينسكي في المكتب البيضاوي، حيث وبّخه هو ونائب رئيسه جيه. دي. فانس على عدم إبداء الامتنان الكافي للدعم الأميركي حتى الآن. وأشار ترامب إلى أن إنهاء الحرب يتطلب من أوكرانيا التنازل عن بعض الأراضي، قائلاً لزيلينسكي: «كان يجب أن تكون ممتناً. أنت لست في موقف قوي — أنت محاصر هناك، وشعبك يموت، وأنتم تنفد من الجنود.»

يقرأ  منتزه ترفيهي مُغلق يعلن أنه سيضطر إلى القتل الرحيم لثلاثين حوتًا ما لم تتدخل الحكومة

خلال حملته الانتخابية قبل الانتخابات الأميركية العام الماضي تعهّد ترامب بإنهاء حرب أوكرانيا خلال أول 24 ساعة من ولايته. وبعد تنصيبه أواخر يناير هذا العام، وبعد حوالي أحد عشر شهراً، باءت جميع محاولاته لإجراء محادثات سلام بالفشل.

تستمر الحرب في أوكرانيا منذ فبراير 2022. وفي حادثة حديثة، أسفر هجوم جوي روسي على تيرنوبل في غرب أوكرانيا عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً وإصابة آخرين، بحسب وزير الداخلية الأوكراني إيغور كليمنكو.

ما الذي سيحدث لاحقاً؟

ترى ميرون أن هذا المخطط، إذا طُرِح فعلاً، سيُرفض من قبل أوكرانيا وأوروبا لكونه يميل بشدة لصالح روسيا. وأضافت: «سندخل في دورة جديدة من إعادة كتابة المخطط، وسيضع أوكرانيا وأوروبا مطالبهما الخاصة. قيل إن زيلينسكي كان لديه مخطط خاص به في تركيا جُمِع مع حلفائه الأوروبيين.»

وأشارت إلى أن التقارير عن هذا المخطط ستؤدي على الأرجح إلى «لعبة دبلوماسية». «إذا رفض الأوكرانيون والأوروبيون الخطة، فبإمكان ترامب دائماً القول: ‹حسناً، لقد قدمنا خطة وأنتم رفضتموها. إذن أنتم العائق أمام تحقيق سلام دائم›.»

وختمت ميرون بالقول إن الأوروبيين وأوكرانيا والروس يلعبون هذه اللعبة كلٌ بطريقتها، حيث يقدم كل طرف شيئاً يعلم أن الطرف الآخر سيرفضه، «وهكذا تكون الكرة في ملعب أوروبا وأوكرانيا».

أضف تعليق