علماء يكشفون ما أثار «سرب الزلازل» في سانتوريني

كشف الباحثون أن «سرب» الزلازل الذي شمل عشرات الآلاف من الهزات بالقرب من جزيرة سنتوريني اليونانية أوائل العام الجاري كان نتيجة تدفّق للصَهارة عبر مَجرى جوفي على مدى ثلاثة أشهر.

استندت الدراسة إلى مزج دقيق بين مبادئ الفيزياء وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد سبب أكثر من 25,000 هزة، انتشرت أفقياً لمسافة تقارب 20 كم داخل قشرة الأرض. واستُخدمت كل هزة على نحوٍ مجازيِّ كحساس افتراضي، ثم حلّل الذكاء الاصطناعي الأنماط المرتبطة بتلك الهزات لاستخراج صورة ديناميكية للنشاط الزلزالي.

أوضح أحد الباحثين الرئيسيين، الدكتور ستيفن هيكس من كلية لندن الجامعية، أن الجمع بين الميكانيكا الفيزيائية والتعلّم الآلي بهذه الطريقة قد يفتح آفاقاً جديدة لتوقُّع نشاط البراكين. وبدأت الاهتزازات تحت جزر سنتوريني، أمورغوس، وأنافي في يناير 2025، وشهدت المنطقة عشرات الآلاف من الهزات، كثير منها فائق الشدة تجاوزت 5 درجات على مقياس ريختر وكان يمكن الإحساس به.

أدى ذلك إلى فرار كثير من السياح وظهور مخاوف محلية من احتمال اندلاع بركان كولومبو البحري أو أن تكون هذه الهزات مقدمة لزلزال أكبر، على غرار الزلزال المدمر بقوة 7.7 الذي ضرب المنطقة عام 1956.

نشر الفريق نتائجهم في دورية Science بعد أن أنشأوا خريطة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المحيطة بسنتوريني ورصدوا تطور أنماط الاهتزاز وحركة الإجهاد داخل القشرة، ما أنتج نموذجاً مفصلاً يبيّن الآلية المحرِّكة لهذا السرب الزلزالي الممتد لشهور.

توصل الباحثون إلى أن الحدث نجم عن حركة أفقية للصهارة — قادمة من تحت سنتوريني وبركان كولومبو — عبر قناة بطول نحو 30 كم تقع أعمق من 10 كم تحت قاع البحر بين سنتوريني وجزيرة أندروس. وقد قدّر الفريق أن حجم الصهارة المتدفّق كان كافياً لملء نحو 200,000 مسبح أولمبي؛ هذه «اقتحامات الصهارة» اخترقت طبقات صخرية وأطلقت آلاف الهزات.

يقرأ  تعليق نشاط الملاكمة في غانابعد وفاة إرنست أكوشي عن عمر يناهز ٣٢ عاماً

شرح المؤلف الرئيسي للدراسة، أنتوني لوماكس، الجيوفيزيائي الباحث والمطوّر لبرامج تحليل النشاط الزلزالي: الهزات تعمل وكأن لدينا أجهزة مثبتة في أعماق الأرض، وهي تُبلغنا بما يجري. وعند تحليل النمط الذي ترسمه تلك الزلازل في نموذجنا الثلاثي الأبعاد، كان التطابق واضحاً مع سيناريو حركة أفقية للصهارة.

بالنسبة للحالة الراهنة، يقول الباحثون إن النشاط قد خفت على ما يبدو. فالصهارة بقيت على عمق لا يقل عن 8 كم داخل القشرة، وما دامت الانبعاثات تراجعت فالأرجح أن الصهارة تجمّعت وتبَرّدت في الأعماق، وإن كان من المعروف أن البراكين قد تدخل فترات مضطربة طويلة الأمد تمتد لسنوات كما أظهرت الأحداث الأخيرة في جنوب‑غرب أيسلندا.

في المجمل، يخلص الفريق إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الفيزياء الأساسية لحركة القشرة الأرضية واستجابتها للإجهاد قد يحوّل قدرة العلماء على رصد وفهم وحتى توقع نشاط البراكين، ما قد يسهم في حماية سكان المناطق المُعرّضة للخطر.

أضف تعليق