روسيا: لم نتلقَ أي إخطار رسمي من الولايات المتحدة بشأن خطة السلام

أعلنت موسكو أنها لم تتلقَّ أي وثيقة رسمية من الولاياتالمتحدة تتعلق بخطة سلام اقترحتها واشنطن، فيما أعرب الرئيس فولووديمير زيلينسكي عن استعداد حكومته للبحث والعمل مع إدارة ترامب بشأن رؤيتها لإنهاء الحرب.

تكشف المسودة المتسربة عن مقترحات كانت كييف قد استبعدتها سابقًا: تنازل عن أجزاء من مقاطعة دونيتسك الشرقية التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا، تقليص حجم الجيش، والتزام بعدم الانضمام إلى حلف الناتو. تبدو تلك البنود منحازة بشدة إلى موسكو، وردت عليها إدارة زيلينسكي برد محسوب الحدة.

في الوقت نفسه تواصل الضربات الروسية، وأسفرت الهجمات الليلية عن مقتل ستة أشخاص — خمسة في إقليم زاباروجيا وجريح واحد في إقليم دنيبروبتروفسك. كما تضررت مبان سكنية واشتعلت فيها الحرائق وأُحرقت سيارات نتيجة القصف.

برزت المسودة بينما تدّعي روسيا تحقيق مكاسب إقليمية طفيفة في الشرق، ويواجه زيلينسكي أزمة داخلية بعد تورط مسؤولين كبار في فضيحة فساد تُقدَّر بمئتي مليون دولار تقريبًا. ودفعت هذه التسريبات واشنطن إلى التنصل من اتهامات استبعاد أوكرانيا عن عملية الصياغة، بعد لقاءات جرت بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ونظيره الروسي كيريل ديمترييف.

أخبر مسؤول أمريكي لم تُكشف هويته شريك البث الأمريكي أن الخطة صيغت «فورًا» عقب مناقشات مع روستم عمرُف، أحد كبار مسؤولي إدارة زيلينسكي، الذي وافق على معظم بنودها وأدخل عليها تعديلات قبل عرضها على الرئيس. بيد أن عمرُف نفسه كتب على تليغرام أنه لم يُقدِّم تقييمات أو موافقات نهائية، وأن أوكرانيا ما تزال «تدرس باهتمام مقترحات شركائنا».

امتنع زيلينسكي عن إدانة الخطة علنًا أو رفضها بصورة قاطعة، قائلاً إنه «يقدّر جهود الرئيس ترامب وفريقه لإعادة الأمن إلى أوروبا»، ربما سعيًا للحفاظ على دعم أمريكي رغم ما بدا من ميل الإدارة نحو تسهيلات لروسيا. وذكرت مكتبه أن الخطة «من وجهة نظر الجانب الأمريكي قد تُعيد إطلاق مسار دبلوماسي».

يقرأ  خبراء الأمم المتحدة يدينون الحصيلة المهولة للإعدامات في إيران

من جهته قال الكرملين إنه لم يستلم أي وثيقة رسمية، ونقل المتحدث ديميتري بيسكوف: «نرى عناصر جديدة، لكننا رسميًا لم نتلقَّ شيئًا، ولم يُجرَ نقاش جوهري حول تلك النقاط». وأضاف أن روسيا «منفتحة تمامًا على محادثات السلام»، لكنها تصر على أن أي اتفاق يجب أن يتصدى «لجذور الصراع» — عبارة تستخدمها موسكو للدلالة على سلسلة مطالب قصوى تعتبرها كييف بمثابة استسلام.

احتدت حدة المواقف الدولية: طالبت كييف وحلفاؤها الأوروبيون بسَلام «عادِل ودائم» يضمن عدم انتزاع مزيد من الأراضي الأوكرانية، بينما قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن أوروبا لم تشارك في صياغة الخطة «على حد علمي» وأضافت: «لكي تنجح أي خطة، يجب أن يشارك فيها الأوكرانيون والأوروبيون».

وصف وزير الخارجية الألماني يوهان واديفول المسودة بأنها ليست وثيقة مكتملة بل «قائمة مواضيع وخيارات». كما ناقش قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا — كير ستارمر، وإيمانويل ماكرون، وفريدريش ميرتس — محتوى الخطة مع زيلينسكي.

تتضمن المسودة تقليص القوات الأوكرانية إلى نحو 600 ألف عنصر، ونشر طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا، فضلاً عن تخلي أوكرانيا عن عدد كبير من أسلحتها. وعُرضت «ضمانات أمنية موثوقة» لكييف دون تفصيل، مع افتراض أن روسيا لن تغزو جيرانها وأن حلف الناتو لن يتوسع أكثر. كما تقترح إعادة دمج روسيا في الاقتصاد العالمي عبر رفع العقوبات ودعوتها للعودة إلى مجموعة السبع، بما يجعلها مجموعة الثمانية مجددًا.

ردّ مدنيون وعسكريون أوكرانيون بغضب: في كييف قالت أرملة جندي للـBBC «هذه ليست خطة سلام، إنها خطة لاستمرار الحرب». ومن أحد الأراضي المحتلة قال أحد السكان لـBBC إنه «يحاول الحفاظ على عقله في ظل الدعاية المستمرة التي تقول إن أوكرانيا نسينا؛ آمل ألا يوقعوا عليها». وفي زاباروجيا، حيث لحقت أضرار ببنايات جراء الغارات الليلية، قال جندي إن على أوروبا أن تتدخل إذا لم تُقدّم أوكرانيا الدعم الكافي لإنهاء الحرب.

يقرأ  تيمور الشرقية تتخلى عن خطة شراء سيارات مجانية للنواب بعد احتجاجات

تسيطر روسيا حاليًا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، وتحرز تقدمًا بطيئًا على طول جبهة واسعة رغم الخسائر القتالية الضخمة المبلّغ عنها. وفي ظل ذلك، أدرجت إدارة ترامب مزيدًا من العقوبات الجمعة على اثنين من أكبر منتجي النفط الروس، إذ بدا أن الرئيس يتصاعد انزعاجه من مجرى المفاوضات مع موسكو.

أضف تعليق