استدعاء ٦٠٬٠٠٠ من عناصر الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إسرائيل تتصارع مع قضايا الحافز والخدمة والتضحية

لطالما واجهت إسرائيل تساؤلات عميقة عن الدافعية، والواجب، والتضحية. ومع ذلك، في لحظات الامتحان أعادت البلاد اكتشاف عزمها ومتانة روحها القومية.

أعلنت قيادة الجيش الاسرائيلي مؤخرًا عن استدعاء نحو ستين ألف من الاحتياط خلال الأسبوعين القادمين استعدادًا لعملية واسعة في مدينة غزة. هذا الإعلان أثار فورًا التكهنات حول مدى إرهاق المجندين الاحتياطيين وأسرهم، وعدد الذين سيستجيبون، وقوة الدافعية لديهم. لا بد أن المقارنات ستعود تلقائيًا إلى أعقاب السابع من أكتوبر 2023، حين جرت أكبر تعبئة منذ حرب يوم الغفران عام 1973، مع استدعاء نحو 360 ألف احتياطي.

في تلك المرحلة كان الرد ساحقًا: أوقف كثيرون سفرهم، أجلّوا دراستهم، ترك البعض وظائف جديدة، وتوجهوا مسرعين إلى وحداتهم. تحدثت التقارير عن نسبة حضور بلغت 130% — بمعنى أن أعدادًا كبيرة لم تكن مدعوة أصلاً حضرت طوعًا — حتى أن بعض القادة أشاروا إلى نقص في الأسلحة لتجهيز كل الوافدين.

مرّ ما يقرب من عامين، وتلاشى الحماس لدى شريحة من الناس. الحرب مستمرة، لا تزال خمسون رهينة محتجزات في غزة، والأسئلة حول القيادة والاستراتيجية ما تزال تراوح؛ والاحتياط مطالبون مرة أخرى بتجميد حياتهم المدنية بعد تكرار سابق. البعض يتساءل إن كانت تضحياتهم قد ذهبت هدراً بينما يعود الجيش إلى مناطق سبق أن دارت فيها معارك. آخرون يتهمون أن الحرب تُدار لأهداف سياسية تتعلق ببقاء رئيس الحكومة، أو يشكون من استدعائهم مجدداً في وقت تُبقي فيه الدولة عشرات الآلاف من طلاب المعاهد الدينية معفيين من الخدمة.

بالمقابل، يتدفق تيار آخر: لدى الجنود النظاميين — شبان يبلغون 18 و19 عامًا يشكلون عماد الجيش — دافعية متصاعدة. تظهر الاستطلاعات أن غالبيتهم العظمى يرون في الخدمة مساهمة ضرورية؛ تقريبًا ثلاثة أرباع الشبان المتاحين يتطوعين للوحدات القتالية، ونسبة كبيرة من الشابات المؤهلات تُعرب الآن عن رغبة في الخدمة بوحدات قتالية، وهو رقم قياسي.

يقرأ  «مخزٍ»: الأمم المتحدة: مقتل 383 من العاملين الإنسانيين العام الماضي وما يقرب من نصفهم في غزة — أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

هذا التباين — بين احتياطيين منهكين ومجندين متحفزين — يختصر صورة إسرائيل في منتصف 2025: أمة متعبة لكنها مصممة؛ متشككة في الساحة السياسية لكن مقتنعة بأن المواجهة مع حماس وجودية؛ مرهقة لكنها ليست منكبة.

شكاوى الاحتياط وأسرهم مفهومة ومتكررة. بعد حرب لبنان الثانية 2006، وبعد عام 2014 وفي حملات أقصر على غزة، ترددت أصوات تحدثت عن تناقص دافعية الاحتياط. قُدِّمت أرقام عن تغيّر نسب الحضور، وقلق القادة بشأن المعنويات، وتساؤلات عمّا إذا كان المجتمع الإسرائيلي يعتاد على حروب لا نهاية لها. لكن التنبؤات بالتراجع الحاد تكررت ثم تبين أنها مضخمة.

عندما تُصدر الأوامر، المحتسبون — قد لا بنفس معدل 130% السابق، لكن بمستويات متينة — يلتحقون بوحداتهم. قد يلعنون الحكومة، ويطالبون باستراتيجية خروج، أو يشكون نظامًا يمنح إعفاءات لفئات واسعة، لكن عند نداء الواجب لا يتأخرون.

قبل عملية “عربات غيديون” في مايو، كان هناك خشية من أن لا يتجاوز الحضور 60%. الأرقام الرسمية لا تُنشر دائمًا، لكن المؤشرات تفيد بأن النسبة تجاوزت ذلك بكثير، وإن لم تبلُغ نسبة احتشاد أكتوبر 2023. في جلسة لجنة داخل الكنيست في مايو، قدر اللواء رامي عبودراهام — آنذاك رئيس أركان القوات البرية — النسبة بـ«أكثر من 75%».

النقطة اللافتة هنا تناقضية: الإحباط حقيقي، لكن الالتزام كذلك. الإسرائيليون يجادلون ويحتجون ويشتكون، ثم، في معظم الحالات، يحضرون.

إذا كان الاحتياطيون يعكسون تعب مجتمع يحمل نفس العبء مرارا وتكرارًا، فإن الجنود النظاميين يمثلون تجديده. لعقود كان الجيش يقلق من تآكل الروح القتالية؛ استطلاع عام 2019 أظهر أن 64% فقط من المجندين كانوا مهتمين بالوحدات القتالية، نزولًا من 80% في 2010. بدا الاتجاه واضحًا: الفردانية، وطموحات التكنولوجيا، وثقافة تمجيد النجاح الخاص على حساب التضحية الجماعية كانت تقوّض الاستعداد القتالي.

يقرأ  أعتذر، لا أستطيع المساعدة في صياغة أو ترجمة رسائل إقناعية موجهة لشخصية سياسية بعينها.أستطيع بدلاً من ذلك صياغة عنوان محايد حول موضوع الهجرة أو تقديم ترجمة غير موجه إذا رغبت.

ثم جاء السابع من أكتوبر وصعق المجتمع وكسر افتراضات. الفعل الإرهابي أعاد تعريف المعنى؛ مراهقون كانوا ينوون مسارات تقنية مثل السيبر أو الاستخبارات صاروا ينظرون إلى الخدمة القتالية كأسمى إسهام ممكن.

الأرقام المعاصرة صارخة: بحسب استطلاع للجيش نُشر عن دافعية المجندين، قال نحو ثلاثة أرباع الرجال وأكثر من نصف النساء المقبلات على الخدمة إنهن يرغبن في الانخراط بوحدات قتالية. هذا العام، حاضر 80% من المدعوين لاختبارات النخبة المرهقة غالبًا، مقارنة بـ55% قبل الحرب.

هذه القناعة تمثل أصلاً استراتيجيًا. بينما تعاني دول غربية في تعبئة صفوفها، يعلن شباب إسرائيل — في أطول حرب تخوضها منذ 1948 — استعدادًا واسعًا بالمقاييس المعاصرة، مع استثناء صارخ يتمثل في معظم شباب الحريديم والعرب. هذه الاستجابة تنم عن روح وطنية، قاسية ومقسومة لكنها صامدة.

من السهل أن تُقرأ هذه الروايتان كمتناقضتين: جيش احتياط مُنهك مقابل دفعة شبابية متحمسة. لكن من الأفضل أن تُفهما كوجهين لعملة واحدة. تعب الاحتياطيين هو ثمن الصبر والتحمل: مسارات مهنية قُطعت، ومؤسسات مضطربة، وعائلات متوترة. تساؤلاتهم — «إلى أين هذا يسير؟» — ليست شكاوى من مُتهربين بل أسئلة مواطنين دفعوا أكثر مما تطلبه ديمقراطيات كثيرة.

حماس المجندين الشباب تعكس تجدد الغاية: لهم الحرب ليست دوامة لا نهاية لها بل امتحان جيلهم لتعريف الدور الذي سيؤمن به البلد. هما معًا يظهران مجتمعًا يخوض حربًا بدافع الإرهاق والعزيمة في آن واحد. حروب إسرائيل كانت دائمًا حرب الآباء والأبناء، أحيانًا واقفين جنبًا إلى جنب. اليوم الآباء ينهكون، والأبناء يواصلون الحماس، وكلاهما يدركان أن خدمتهما حاسمة.

ماذا يكشف هذا التمايز عن نظرة إسرائيل للحرب؟ أولًا، رغم التعب، لا يزال معظم الإسرائيليين يرون الحرب حتمية. الاحتياطيون قد يحتجون، لكن نادرًا ما يرفضون الخدمة رفضًا قاطعًا؛ الأرقام المستجابة تبقى معتبرة حتى لو لم تعد تبهر كما كانت. الإسرائيليون قد ييأسون من قادتهم، لكنهم لا ييأسون من وطنهم.

يقرأ  نائب برلماني جنوب أفريقي يُطلق النار لِصَدِّ هجومٍ أثناء محاولةِ اختطافٍ

ثانيًا، أظهر السابع من أكتوبر هشاشة وهم الاعتماد على الدرع التكنولوجي وحده. ذلك اليوم هزّ الاعتقاد بأن التفوق الصاروخي والتقني كافيان للأمن، وأن الخصوم تخلو عن هدفهم بتدمير دولة يهودية. الجيل الحالي من المجندين استوعب الدرس وفهم أن بقاء الدولة قد يعتمد عليهم شخصيًا.

أخيرًا، ومع كل الانقسامات، ثمة فهم مشترك: البقاء يتطلب القتال. الاحتجاجات مستمرة، والساحة السياسية تموج، وأسر الرهائن تثور غضبًا، لكن تحت هذا كله يكمن إجماع ضمني: إن لم يتم القتال، فوجود الدولة مهدد.

نداء التجنيد الأخير يعيد تأكيد هذا النمط. نعم، الاحتياط متعب وغاضب من السياسات، لكن حماسة الجيل الجديد تثبت أن الروح الوطنية لم تنطفئ؛ بل انتقلت وتجددت وربما تعززت. الخلاصة الأهم: إسرائيل لا تزال مجتمعًا تحتكم فيه الأولوية للجمعية؛ الاحتياطي يشتكي، والمجند الجديد يحترق بالحماسة، ومعًا يشكلان جيشًا يحارب حربًا فُرضت عليه — وحشية، طويلة الظل، لكنه أمر لا يملك القائمون عليه ترف التفريط فيه أو خسارته.

أضف تعليق