جلب نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانْس ووزير الدفاع بيت هيجسث حضورا بارزا للبيت الأبيض إلى شوارع واشنطن، حين زارا عناصر الحرس الوطني في محطة الاتحاد الرئيسية بالمدينة، برفقة نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر. المشهد تجسّد كدلالة على تركيز الإدارة الجمهورية المكثّف على الوضع في العاصمة ورغبتها في ترويج مبادرة أثارت انقساما واسعاً في مدينة يقودها الديمقراطيون.
قال فانْس، بينما كان المتظاهرون يهتفون «حرّروا واشنطن»، إنهم أعادوا «بعض النظام والقانون»، وقدّم للجنود همبورغر كلفتة شكر. وأردف أن أصوات المحتجين التي تردّدت في المحطة تعبّر عن رفضهم «لفكرة أن الأميركيين يستمتعون بأحيائهم»، في محاولة لتأطير الاحتجاجات بوصفها إزعاجا لحياة السكان اليومية.
بدأت وكالات إنفاذ القانون الفدرالية، بينها مكتب التحقيقات الفدرالي وادارة الجمارك والهجرة، بدوريات في أجزاء من واشنطن في الثامن من أغسطس. وبعد أيام، في الحادي عشر من أغسطس، أعلن الرئيس ترامب «حالة طوارئ جنائية» بموجب المادة 740 من قانون الحكم المحلي لمقاطعة كولومبيا، ما وضع شرطة العاصمة مؤقتا تحت سلطة فيدرالية.
تُقدَّر قوة الانتشار بنحو 1900 عنصر في العاصمة، أكثر من نصفهم قادمون من ولايات تقودها سلطات جمهورية. إلى جانب محطة الاتحاد، شوهدت القوات خصوصا في وسط المدينة، وعلى طول الحديقة الوطنية ومحطات مترو العاصمة.
التقاطع بين الحياة المدنية والحضور العسكري تولّد به أيضاً حادث اصطدام لمدرعة بسيارة مدنية في وقت مبكر من الأربعاء، على بعد أقل من ميل واحد من مبنى الكابيتول. قال متحدث باسم إدارة الإطفاء في العاصمة إن شخصا احتجز داخل السيارة بعد الحادث واضطر فرق الطوارئ لاستخراجه، ونُقل إلى المستشفى بإصابات طفيفة. لم يتضح سبب الاصطدام على الفور، لكن فيديو منشور على الإنترنت أظهر مدرعة بلون ترابي تفوق ارتفاعها سيارة مدنية بنحو الضعف وجانب السيارة مدعوما ومطحونا.
في ذات التسجيل سمع ناشدّة توجه انتقادا حادا للقوات: «جئتم إلى مدينتنا وتتصرفون هكذا؟ بحق الجِدّ؟»
قالت المدعية العامة الأمريكية بام بوندي إن أكثر من 550 شخصا أُوقفوا حتى الآن، وإن خدمة المارشالز تعرض مكافآت بقيمة 500 دولار لمعلومات تؤدي إلى توقيفات إضافية، وكتبت على وسائل التواصل الاجتماعي: «معا، سنجعل واشنطن آمنة مجددا!»
تعاملت عمدة واشنطن موريل باوزر مع التطورات محاولة موازنة بين القاعدة التي انتخبتها والواقع الماثل أمامها؛ وحضرت فعالية «العودة إلى المدارس» مع معلّمين وطاقم إداري، مؤكدة أن هذا العام الدراسي مختلف عن سابقه وتوجّه رسالتها للعاملين بالمدارس بأن «مهمتكم أن تحبّوا الأطفال، وتعلّمُوهم وتعدّوهم، وثقوا أنني سأفعل الصواب من أجلنا جميعا». وأضافت أن من المهم أن يشعر الأطفال بالفرح عند عودتهم إلى المدارس؛ حيث تُستأنف الدراسة الرسمية في مدارس المدينة بدءا من يوم الإثنين.
تظهر إحصاءات المدينة أن شرطة العاصمة اعتقلت في المتوسط 61 بالغا وقاصّرا يوميا خلال 2024. ولم تُحدّد إدارة ترامب ما إذا كانت أرقام الاعتقالات التي تستشهد بها تشمل توقيفات ضباط شرطة العاصمة أو تقتصر على توقيفات الوكالات الفدرالية فقط. وبحسب بيانات شرطة العاصمة، ظل معدل الجريمة العام على حاله تقريبا مقارنة بالعام السابق؛ إذ تراجع بنسبة 7% على أساس سنوي، وهي النسبة نفسها المسجلة قبل تشديد الإجراءات، مع انخفاض مماثل في جرائم العنف والسرقات.
دافع الرئيس عن قرار نشر الجنود في العاصمة بوصفه إجراء ضروريا لاحتواء موجة عنف، فيما رفضت السلطات المحلية هذا التبرير مستندة إلى بيانات المدينة والجهات الفدرالية التي تبين أن جرائم العنف انخفضت بشكل ملحوظ بعد ذروة عام 2023. وفتحت وزارة العدل تحقيقا لمعرفة ما إذا كانت الأرقام قد عُرضت بصورة مضلِّلة، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست استند إلى مصادر لم تُسمّ.
روّج البيت الأبيض على نحو بارز لعدد الأسلحة التي تمت مصادرتها منذ البداية التفويضية لانتشار الوكلاء الفدراليين، إذ قالت المدعية العامة بوندي في منشور إن العملية أخرجت 76 سلاحا غير قانوني من الشوارع إلى جانب أكثر من 500 توقيف. ونشرت بوندي كذلك تغريدة بعنوان أن «66 توقيفا بالأمس و8 أسلحة غير قانونية صودرت»، مع شكر لإدارة الكلاب البوليسية «ريد» وللعناصر الميدانيين.
أفادت تقارير أن المدعين الفدراليين في واشنطن لن يسعوا بعد الآن إلى توجيه اتهامات بموجب قانون محلي يحظر حمل البنادق الطويلة أو الشوتغن في العاصمة، لكن هذا التوجه لا يمنع المدعين من مواصلة متابعة جرائم أخرى تتعلق بالأسلحة النارية، مثل حيازة سلاح من قِبل مُدان سابق. وقالت المدعية الفدرالية لولا المنشور إن «سنواصل مصادرة كل الأسلحة غير القانونية وغير المرخّصة».
ينص قانون مقاطعة كولومبيا على حظر حمل البنادق الطويلة أو الشوتغن مع استثناءات ضيقة، وما تزال التفاصيل العملية لتطبيق السياسة الجديدة محور نقاش قانوني وسياسي محتدم. أفادت بيرّو، الحليفة المقربة من ترامب، في بيان لصحيفة واشنطن بوست بأن هذا القانون ينتهك حكمين صادرين عن المحكمة العليا الأمريكية اللذَيْن وسّعا نطاق حقوق حمل السلاح.
في عام 2008، قضت المحكمة بإبطال قانون منفصل في مقاطعة كولومبيا كان يحظر المسدسات، وأكدت أن للأفراد الحق في الاحتفاظ بالأسلحة داخل منازلهم دفاعاً عن أنفسهم.
وفي 2022، حكمت المحكمة بأن أي تشريع يقيّد السلاح يجب أن يكون مستنداً إلى التقاليد التاريخية للبلاد ليُعدّ صالحاً ودستوريًا.
وعلى خلاف المدّعين العامّين الفيدراليين في جميع الولايات المتحده الخمسين، الذين يقتصر دورهم على ملاحقة الجرائم الفيدرالية، فإن مكتب المدعي العام في واشنطن يتولّى أيضاً مقاضاة الجرائم المحلية.