شاهد: «سأشجعه» — ترامب يمتدح زوران ممداني بعد لقائهما الأول
التقيا الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعمدة نيويورك المنتخب زوران ممداني في البيت الأبيض في لقاء وُصف سابقًا بأنه المواجهة السياسية الأهم هذا العام، لكنه تحوّل بدلاً من ذلك إلى تبادل مديح غير متوقع. في خطاب الفوز، وصف العمدة المنتخَب، الذي يعرّف عن نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، ترامب بأنه «مستبد»، وقبل الاجتماع وصفت متحدثة الرئاسة زيارة ممداني بأنها «شيوعي قادم إلى البيت الأبيض». ومع ذلك، وبالوقوف جنبًا إلى جنب في المكتب البيضاوي، سجَّل اللقاء نبرة مصالحة فاجأت المراقبين السياسيين.
بدَتا الاهتمامات المشتركة لحل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في صميم الحوار؛ تبادلا الابتسامات مرارًا، وبدا ترامب مستمتعًا أحيانًا بتعليقات الصحافيين حول الهجمات السياسية التي وجّهها ممداني إليه. بدا أن كلا الرجلين يدركان أن معالجة أزمة القدرة على تحمل تكاليف السكن والعيش أمر حاسم لنجاحهما السياسي، وما إذا كانت الهدنة ستدوم بعد تولي ممداني مهامه في الأول من يناير، فلا يزال أمراً مفتوحًا. وحتى ذلك الحين، قال ترامب: «سأشجعه».
ترامب مفعم بالثناء
تجلّت نبرة المصالحة منذ البداية، عندما وقفا أمام الإعلام بعد اجتماع مغلق. وقف ممداني إلى يمين ترامب ويداه مشبوكتان بينما جلس الرئيس خلف «مكتب العزم». كان جسداهما مريحًا، وخصوصًا ترامب. لم يقتصر الأمر على امتناع ترامب عن مهاجمة ممداني، بل أثنى عليه عدة مرات، معبّرًا عن أمله بأن يصبح «عمدة رائعًا» ومضيفًا لاحقًا أنه «واثق من أنه سيقوم بعمل جيد جدًا».
التعامل مع اتهامات التطرف والفاشية
تبادلا الرجلان لهجات حادة خلال الحملة الانتخابية، وذكّر مراسل الحضور بأن ترامب وصف ممداني بـ«الشيوعي»، بينما أطلق ممداني وصف «المستبد» على الرئيس. لكن في المؤتمر الصحفي تحاشى كلاهما الغوص في تصريحات الماضي، وعادا مرارًا إلى لغة المديح. حتى أن ترامب سمح لممداني بالرد على سؤال عمَّا إذا كان العمدة المنتخب يعتقد أن الرئيس «فاشيًا»، قائلاً مازحًا بينما يربتك ذراع ممداني: «هذا مقبول، يمكن أن تقول نعم — أسهل من الشرح». وأقرب ما كان ترامب إلى انتقاد ممداني سياسياً كان بقوله للصحافيين: «لديه آراء غريبة بعض الشيء».
وعندما اقتبس صحافي تصريحات النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك، متسائلًا إن كانا يقفان إلى جانب «جهادي» في المكتب البيضاوي، رد ترامب سريعًا: «لا أعتقد ذلك»، مضيفًا إن الناس «يقولون أشياء أحيانًا في الحملات» وأن ستيفانيك «شخص كفؤ».
تقارب الجذور النيويوركية
لدى الرجلين قاسم مشترك واضح: كلاهما من نيويورك وسكنًا في كوينز. نشأ ترامب في حي جامايكا إستيتس بينما يقيم ممداني في أستوريا. تحدثا عن «حب مشترك» للمدينة؛ وبالرغم من أن ترامب نادرًا ما يتردد الآن على ناطحته السحابية المعنَونة باسمه في مانهاتن، فقد عبّر عن مودةٍ واضحة تجاه مسقط رأسه وقال: «هذه المدينة يمكن أن تكون مذهلة، وإذا صار نجاحه استثنائيًا فسأكون سعيدًا جدًا». وفي لحظة ما ألمح ترامب أنه في سياق سياسي مختلف قد يكون قد طمح لأن يكون عمدة نيويورك بنفسه.
التركيز على القدرة على التحمل
جزء من سبب التوافق الظاهر قد يكون تركيزهما المشترك على قضايا تكلفة المعيشة. راهن ترامب في حملته لإعادة الانتخاب على ملف التضخم المرتفع الذي أزعج الناخبين في 2024، وبات يعزف على وتر الاستقرار الاقتصادي بينما يزداد سخط المستهلكين بشأن أسعار المواد الغذائية والسكن والأساسيات. وفي الانتخابات المحلية الأحدث، تكبّد الجمهوريون خسائر وحقق الديمقراطيون مكاسب مهمة، ما يجعل الأنظار متجهة إلى انتخابات التجديد النصفي المقبلة حيث سيتحدد مصير الكونغرس.
خلال حملته ركّز ممداني تركيزًا حادًا على أزمة السكن الميسور، مقترحًا إجراءات من بينها تجميد زيادات الإيجارات في بعض الشقق الخاضعة لضوابط الإيجار، إلى جانب مقترحات أخرى. قال ممداني إنهما ناقشا كيفية «تأمين قدرة تحمل المعيشة لسكان نيويورك»، وكان يعيد دائمًا الحديث إلى هذا المحور عند مواجهته بالاختلافات السياسية بينه وبين ترامب. وفي سؤال عن رؤاهما المختلفة حول تحقيق السلام في الشرق الأوسط، أجاب ممداني أن ناخبي ترامب عبّروا له عن رغبتهم في «إنهاء حروب لا تنتهي» وتركيز القادة على «أزمة تكلفة المعيشة».
تعقيد محتمل لاستراتيجية الجمهوريين
لا تزال هناك قضايا كبرى قد تعيد الرجلين إلى مواجهة سريعة، من بينها مسألة تطبيق إنفاذ الهجرة الفدرالي في المدينة التي أثارت غضب الديمقراطيين وجماعات مهاجرين في نيويورك. قال ممداني إنه ناقش عمليات إنفاذ الهجرة والهواجس المتعلقة بكيفية تنفيذها، بينما قال ترامب إن النقاش تمحور أكثر حول الجريمة من الهجرة: «هو لا يريد أن يرى الجريمة ولا أريد أن أراها»، وأضاف أنه «ليس لديه شك كبير» في إمكانية التفاهم بينهما في هذا الشأن، بل وأكد أنه سيشعر بالأمان لو عاش في نيويورك تحت إدارة ممداني.
ومع ذلك، ومع استمرار إدارة ترامب في وضع أهداف طموحة للترحيل، قد يعيد هذا الأمر الطرفين إلى التباين. كما أن الخطر السياسي الأوسع لا يقتصر على سياسياتهما الداخلية؛ فقد ألمح الجمهوريون إلى رغبتهم في استخدام ممداني كورقة سياسية في انتخابات التجديد النصفي 2026، حيث سيكون التحكم في الكونغرس على المحك. وفي المكتب البيضاوي، بينما كان يثني على ممداني، قال ترامب إنه يتوقع أن «يفاجئ بعض الأشخاص المحافظين»، وما قد يبدو تحييدًا الآن قد يتحول إلى إرباك لاستراتيجية حزبه لاحقًا.