شاب في الرابعة والعشرين من عمره يقول إن الموت والدمار يجعلان الكتابة تبدو بلا طعم، لكنه لا يزال يبحث عن بصيص أمل.
نُشر في 22 نوفمبر 2025
كتابه، الذي يحمل عنوان “شاهد على جحيم الابادة”، يوثّق عامين من حربٍ لم تهدأ، ومن تهجيرٍ متكرر ناجم عن القصف المتواصل والتوغلات البرية والتدمير المتعمد وتجويع السكان قسرياً.
روى وسيم سعيد قصته للزميل هاني محمود، مؤكداً أنه يكتب غالباً داخل خيمة شبه خاوية لا توفر له حماية حقيقية من لهيب الصيف أو قسوة برد الشتاء وأمطار المخيمات الغزيرة.
“أصبحت مواقع النزوح والخيم جزءاً من حياتنا. اضطررنا إلى التكيّف مع هذا البأس — رغم أن ذلك يكاد يكون مستحيلاً”، قال.
كل فصل في كتابه يحمل اسم شخص أو مكان أو ذكرى يرفض أن تمحى. وقال مخاطباً القارئ: “لا أريد تعاطفكم. أريد ضميراً لم يفسد … إنساناً لم يتحجر قلبه، قارئاً لا يغلق الكتاب ثم يتنهد ويذهب ليحتسي قهوته.”
كثير من الليالي قضاها يكتب بضوء الشموع بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي معظم البنية التحتية في غزة، فلا كهرباء أو الانترنت لمعظم النازحين. لم يكتب طلباً للاعتراف، بل للتعبير عن مشاعره ولتحمل شهادة عن الفظائع.
“كنت محطمًا. لم أعد أحتمل غضبي. صارت الكتابة الوسيلة الوحيدة لتفريغ ما في داخلي”، قال. بدأ بكتابة تجربته الشخصية، ثم أدرك أن هناك من عاشوا مآسٍ أبشع لا يحس بها العقل بسهولة.
“أناسٌ قتلوا ودُفنوا دون أن يعرف أحدهم؛ لحظاتهم الأخيرة، خوْفهم… سمّيت هذا الفصل ‘القصص غير المروية’.”
بالنسبة إليه، كل صفحة مقاومة هادئة ضد النسيان. في كثير من الأحيان شعر أن الموت حتمي. “كتبت لأنني أردت أن أترك شيئاً وراءي — لأكون شاهداً، لا مجرد شهيد آخر. تختفي القصص إن لم تُدوَّن.”
مع سقوط نحو 70 ألف فلسطيني منذ أكتوبر 2023 وخراب المستشفيات والمدارس والمنازل، اعترف الشاب بأنه شكك أحياناً في جدوى الكتابة أو حتى في جدوى البقاء على قيد الحياة.
“لكن الطبيعة البشرية تبحث عن شرارة أمل. حتى وسط مشاهد الجوع والموت، ما زلت أؤمن أن للكتابة معنى”، قال. “هذا كل ما استطعت كتابته. الباقي يُكتب الآن بالدم. إن بقيت على قيد الحياة — سأكمل القصة.”