رحلة مارجوري تايلور غرين — من حليفةٍ لترامب إلى الاستقالة من الكونغرس

دخلت مارجوري تايلور غرين إلى عضوية الكونغرس كإحدى أشد المدافعين عن دونالد ترامب، وقد أدى اليمين قبل أيام قليلة من هجوم السادس من يناير 2021 على مبنى الكابيتول. في حين تبرأ كثيرون داخل الحزب الجمهوري منه بعد أحداث ذلك اليوم، ظلت غرين تؤيد الرئيس وتردد روايته بأن انتخابات 2020 «سُرقت».

واليوم، بعد خمس سنوات، تغادر غرين الكونجرس وقد وصَفها الرجل الذي كانت تقدرُه سابقًا بـ«الخائنة». على مدى شهور قليلة فقط، حصل تباعد دراماتيكي بينها وبين ترامب، إذ انتقدت قراراته بشن ضربات جوية على إيران، ودعمَه لإسرائيل خلال حرب غزة، وعدم تشديده الرقابة على شركات التكنولوجيا الكبرى في وقت سابق من العام.

لكن الشرخ النهائي بدا أنه تشكّل حول ملف جيفري إبستين؛ فغرين دانت عدم رغبة ترامب في أن يأمر وزارة العدل بالإفراج الكامل عن ملفات القضية، ووقفت إلى جانب ضحايا إبستين والديمقراطيين لدفع إجراء تصويت في مجلس النواب بشأن الأمر. ولم يتوقف التباعد عند هذا الحد: فقد شكّكت غرين في استراتيجية الجمهوريين أثناء إغلاق الحكومة الأخير، وانحازت إلى الديمقراطيين في مطالبتهم بالحفاظ على إعانات الرعاية الصحية المنتهية لمواطني الدخل المنخفض.

وانتقدت ترامب علنًا لنهجه الذي ترى أنه يولي اهتمامًا مفرطًا للسياسة الخارجية على حساب القضايا الاقتصادية ومعيشة الناس. وكتبت على منصة X في وقت سابق من الشهر الجاري: «الشعب الأمريكي لا يتحفز بالحروب الخارجية أو إنقاذ دول أخرى. يريد قادة يظهرون، يؤدون عملهم، ويناضلون من أجلهم يوميًا!».

على الرغم من إصرارها على أنها لا تزال تؤيد ترامب، أصبح واضحًا أن تصورها لحركة «أمريكا أولاً» يختلف عن رؤيته. امرأة نشأت ناشطة ثم تحولت إلى عضوة في الكونغرس—كانت معروفة باعتدائها على المؤسسة السياسية—وجدت أن حركة ماجا التي دعمتها قد تحولت إلى المؤسسة نفسها. ومع تظهير ثقل نفوذ ترامب لسحبها من المشهد، اختارت أن تغادر وهي تختم كلمتها بعدة لقطات انتقادية.

يقرأ  الذكاء الاصطناعي والمهارات الناعمةالمدرّب المفاجئ للتعلّم والتطوير

في بيان استقالتها قالت: «أرفض أن أكون ‹زوجة مضروبة› أأمل أن يزول كل شيء ويصبح أفضل». وأضافت أن استبعادها لصالح «النيوقراطيين، وعملاق الأدوية، وعملاق التكنولوجيا، والمجمع الصناعي العسكري، وقادة أجانب، وطبقة المانحين النخبوية التي لا تفهم الأمريكيين الحقيقيين» يعني أيضًا استبعاد كثير من الأمريكيين العاديين.

طوال مسيرتها السياسية، لم تتجنب غرين الجدل؛ فقد كانت مدربة لياقة في ولاية جورجيا قبل انخراطها في السياسة عام 2016 مع انطلاق حملة ترامب للبيت الأبيض، وزادت زياراتها إلى واشنطن حيث انتقدت نواب الحزب الديمقراطي على سياساتهم التي وصفتها بالاشتراكية والمؤيدة للإسلام. كما روّجت نظريات مؤامرة من دون أساس مثل QAnon، وتشكيكها في وقائع إطلاق نار في مدارس أمريكية وادعاءاتها بوجود شبكة من مُرتكبي اعتداءات جنسية تدير الحزب الديمقراطي.

وبينما تنازلت عن بعض آرائها السابقة المثيرة للجدل، صوت مجلس النواب في مرحلة مبكرة على سحب بعض صلاحياتها في اللجان. وبعد عودة الجمهوريين إلى قيادة المجلس لاحقًا، خضعت لعملية إصلاح سياسي عملت خلالها مع رئيس المجلس آنذاك كيفن مكارثي لتعزيز الدعم المحافظ. وبعد الإطاحة بمكارثي خاضت صراعات مع خليفته مايك جونسون وحاولت استبعاده هي الأخرى دون نجاح، وفي 2023 طُرِدت من كتلة الحرية المحافظة.

تحولت غرين إلى ورقة مصيرية سياسية: مكروهة من اليسار، ومثيرة للريبة لدى محافِظين آخرين، لكنها لم تزل تحتفظ بعلاقات وثيقة مع ترامب كانت تمنحها نفوذًا في واشنطن — حتى توقف هذا النفوذ. وفي مقابلة سريعة يوم الجمعة، وصف ترامب رحيلها عن الكونغرس بأنه «خبر عظيم للبلاد»، ثم قال لاحقًا على منصته إنهــا «انحرفت» لكنه سيظل «يقدّرها ويشكرها على خدمتها لبلادنا».

أعلنت غرين أنها ستعود إلى جورجيا وتبحث «مسارًا جديدًا» لحياتها. رغم تقارير عن اهتمامها بسباق الحاكم في الولاية العام المقبل، قالت مؤخرًا إنها لن تترشح لحاكم الولاية ولن تسعى للإطاحة بالسيناتور الديمقراطي جون أوسوف. ومع ذلك، تترك استقالتها المقررة سريانًا في 5 يناير الباب مفتوحًا أمام احتمال تراجعها وتقديمها ترشيحًا مستقبليًا في ولاية يمكن للجمهوريين فيها الفوز حتى دون دعم ترامب، كما فعل حاكم جورجيا الحالي براين كيمب.

يقرأ  وزراء الاتحاد الأوروبي يدينون الهجوم على كييف — بوتين يسخر من مساعي السلام

تتيح هذه الخطوة لغرين إعادة تحديد موقعها السياسي في وقت يبدأ فيه الحزب الجمهوري التعامل مع واقع آراء الجمهور المتذبذبة تجاه ترامب — خصوصًا حول أدائه الاقتصادي — ومع قيدٍ دستوري يمنع ظهور الرئيس ذاته على ورقة اقتراع رئاسية مستقبلية. وفي الخامسة والخمسين من عمرها، قد تكون ممارسة غرين العضوية في الكونجرس قد انتهت، لكن مشاركتها في الحياة السياسية الأمريكية قد تكون أبعد ما تكون عن النهاية.

أضف تعليق