استفتاء سلوفينيا — أين تسمح القوانين بالمساعدة على إنهاء الحياة؟ — أخبار الصحة

سلوفينيا تصوّت على تقنين المساعدة على الموت (الموت الرحيم)

يجري في سلوفينيا استفتاءٌ لتقرير ما إذا كان يجب تقنين “المساعدة على الموت” لعدد محدود من البالغين المصابين بأمراض مميتة، بعد أن أقدمت دول أوروبية أخرى على إقرار تشريعات مشابهة. أقرّ البرلمان السلوفيني مشروع قانون يجيز القتل الرحيم في يوليو، لكن مبادرة شعبية قادها السياسي اليميني أليس بريمك أجبرت إجراء الاستفتاء يوم الأحد.

آلية الاعتماد وشرط الرفض

يُقال إن القانون سيُرفض إذا عارضه ما لا يقل عن 20% من الناخبين المشاركين في التصويت. ويبلغ عدد الناخبين في سلوفينيا نحو 1.69 مليون شخص.

مضمون المشروع المقترح

بموجب القانون المثير للجدل، كان من المقرر أن يمنح المرضى المتيقنين إدراكياً والذين يواجهون مرضاً مميتاً الحق في طلب إنهاء حياتهم إذا أصبح ألمهم لا يُحتمل واستُنفدت كل الخيارات العلاجية الأخرى. نصوص التشريع تشبه في جوهرها مشروع قانون أقرّه البرلمان البريطاني في يونيو، الذي يسمح بالانتحار المساعد للبالغين المصابين بأمراض مميتة ولديهم توقع بأن حياتهم لن تتجاوز ستة أشهر، شريطة موافقة طبيبين وخضوع العملية لرقابة قضائية وأن يتولى المريض تناول الدواء بنفسه. يقترح القانون السلوفيني أيضاً موافقات طبية ثنائية وفترات ترويٍ (فترة تبريد) وإعطاء المريض دوراً في تناول المادة المميتة بنفسه.

آراء المواطنين والاتجاهات العامة

أظهر استطلاعٌ نشرته صحيفة Dnevnik هذا الأسبوع استناداً إلى 700 إجابة أن نحو 54% من المواطنين يؤيدون تقنين المساعدة على الموت، مقابل حوالي 31% يعارضون و15% لم يقرروا موقفهم بعد. وفي يونيو 2024 كانت نسبة التأييد 55%.

مواقف المؤيدين

دعا رئيس الوزراء روبرت غولوب المواطنين إلى دعم القانون “لكي يتمكّن كل منا من أن يقرر بنفسه كيف وبأي كرامة سينهي حياته”. ويذكر أيضاً ماريان يانزكوفيتش، البالغ من العمر 86 عاماً ويقيم قرب ليوبليانا، من أن تجربته الشخصية دفعت به إلى التأييد؛ زوجته ألينكا كورين-يانزكوفيتش كانت تعاني آلاماً شديدة مرتبطة بالسكري قبل أن تنهي حياتها في عيادة انتحار سويسرية عام 2023. قال لرويترز إن مشاهدتها في الكرسي المتحرك كانت مؤلمة إلى حد أن قلبه كان يتألم لمجرد رؤيتها.

يقرأ  رجل أمريكي أُعدم بالغاز النيتروجيني بعد إدانته بقتل عام 1993أخبار عقوبة الإعدام

مواقف المعارضين

التيار السياسي الرئيسي المعارض، المعروف باسم “صوت من أجل الأطفال والأسرة”، اتهم الحكومة بأنها تسعى عبر القانون إلى “تسميم” المرضى وكبار السن. يرى المعارضون أن القانون لاإنسانياً وينتهك دستور سلوفينيا الذي يعلن قدسية الحياة البشرية. كما شدد رئيس الأساقفة الكاثوليكي ستانيسلاف زور على أن الدولة يجب أن تركز على الرعاية التلطيفية بدلاً من تقديم خيار الانتحار؛ والكنيسة الكاثوليكية تعارض القتل الرحيم.

ممارسات دولية واختلاف النماذج

السماح بالمساعدة على الموت معمول به حالياً في أستراليا ونيوزيلندا وكندا وعدة ولايات أمريكية، بالإضافة إلى هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ والنمسا وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وسويسرا. في دول مثل أستراليا ونيوزيلندا وكندا وبعض الولايات الأمريكية تُؤطَّر القوانين حول مفهوم “المساعدة الطبية على الموت”، مع اشتراط أن يكون المريض مريضاً مميتاً وقادراً نفسياً وخاضعاً لتقييم طبي من طبيبين مستقلين. في كثير من هذه النظم يجب على المريض تناول الدواء بنفسه، وتُعطى الأولوية لاستقلالية المريض وتُطبق ضمانات إجرائية صارمة مثل فترات الانتظار.

على النقيض، تتّسم سياسة هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإسبانيا والبرتغال بتسامح أكبر، إذ تُبيح القتل الفعّال تحت شروط محدّدة من المعاناة الشديدة، حتى لو لم يكن المريض يعاني مرضاً مميتاً. أما في ألمانيا والنمسا وسويسرا فَالمُعاقَب عليه هو القتل الفعّال عادةً، بينما يُسمَح بالانتحار المساعد؛ وسويسرا تظل استثناءً لأنها لا تملك نظاماً تنظيمياً خاصاً يحدّ هذه الممارسة، مما يتيح لغير المقيمين الاستفادة من خدمات منظمات متخصصة.

قضايا جارية في دول أخرى

في مايو أقرّت الجمعية الوطنية في فرنسا مشروع قانون لـ”الحق في الموت” يسمح للبالغين المقيمين أو المواطنين المصابين بأمراض مستعصية ويعانون معاناة جسدية أو نفسية “لا تُطاق” بطلب دواء مميت، شرط أن يقيم فريق طبي حالة المريض وفترة تفكير إلزامية قبل وصف المادة، وإذا كان المريض غير قادر على تناولها بنفسه فيجوز للطبيب أو الممرّض تقديم مساعدة. يستثني المقترح الأشخاص ذوي اضطرابات نفسية شديدة أو الحالات التنكسية العصبية مثل الخرف المتقدّم، ولا يزال المشروع بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ وقراءة ثانية في الجمعية الوطنية قبل أن يصبح قانوناً.

يقرأ  المسؤولون المفصولون في مكتب التحقيقات الفيدرالييُقاضُون إدارة ترامب بتهمة «انتقام غير قانوني»أخبار دونالد ترامب

في بريطانيا، صوتت الهيئة الأدنى للبرلمان في يونيو لصالح تقنين الانتحارالمساعد بقبول مشروع قانون “البالغون المرضى مميتاً (نهاية الحياة)”، ما يمثل خطوة بارزة نحو تقنين المساعدة على إنهاء الحياة في إنجلترا وويلز. المشروع يسمح للبالغين الواعيين نفسياً والذين يُتوقّع ألا يعيشوا أكثر من ستة أشهر بطلب مساعدة طبية لإنهاء حياتهم، شريطة تقييم اثنين من الأطباء ولجنة تضم اختصاصياً نفسياً ومحامياً وعاملاً اجتماعياً. القانون لم يصبح نافذاً بعد؛ إذ لا يزال يمر بمراجعات في مجلس اللوردات وقد يتعرض لتعديلات، وإذا أُقرّ فقد لا يبدأ تطبيقه قبل عام 2029.

ملاحظة أخيرة

النقاش حول تقنين المساعدة على الموت يجمع بين اعتبارات أخلاقية وقانونية وصحية واجتماعية عميقة، ويعكس تفاوت رؤى المجتمعات بشأن حرية الفرد وكرامة الحياة وواجبات الدولة في حماية الضعفاء.

أضف تعليق