اختطف مسلحون مئات التلاميذ والمعلمين من مدرستين في نيجيريا في أسوأ حادثة اختطاف جماعي منذ اختطاف أكثر من 270 فتاة من بلدة شيبوك عام 2014. أكدت رابطة المسيحيين في نيجيريا أن خمسين تلميذاً هربوا وأعيدوا إلى ذويهم خلال أيام من اقتحام مدرسة كاثوليكية في ولاية نيجير بوسط البلاد.
ما الذي حدث؟
هاجم مسلحون مدرسة “سانت ماري” الكاثوليكية في منطقة بابيري النائية بولاية نيجير، وخطفوا نحو 303 تلاميذ و12 معلماً، بحسب رابطة المسيحيين، في هجوم وقع يوم الجمعة. بين المخطوفين فتيات وأولاد تتراوح أعمارهم بين 10 و18 سنة. قبل ذلك بأيام استهدفت مجموعات مسلحة أيضاً مدرسة ثانوية للفتيات في بلدة ماجا بولاية كيبي، على بُعد نحو 170 كيلومتراً، وخُطف 25 تلميذة هناك. حتى الآن لم يعلن أي فصيل مسؤولية هذه العمليات.
حالة المخطوفين وعمليات الإنقاذ
تمكنت خمسون طفلاً من الفرار يومي الجمعة والسبت وأعيدوا إلى عائلاتهم، ما يترك نحو 253 تلميذاً لا يزالون في قبضة الخاطفين إلى جانب الاثني عشر معلماً. وأعلنت السلطات النيجيرية نشر فرق تكتيكية بالتعاون مع صيّادين محليين في محاولاتٍ لاستعادة المخطوفين وإخراجهم من مناطق الاغتياب.
من يقف وراء عمليات الاختطاف؟
لم تصدر أي جهة بيان تبنٍّ، لكن مراسلين محليين ومحللين أشاروا إلى أن شمال نيجير يواجه نشاط عصابات (banditry) متزايداً، حيث تحوّلت بعض المناطق إلى نقاط عبور للمجموعات الإجرامية التي تسرق المواشي وتخطف الناس للمطالبة بفديات. يقول محللون أمنيون إن دوافع هذه الهجمات في الشمال والشمال الغربي والوسطى غالباً ما تكون اقتصادية: إبقاء الأطفال رهائن لأسابيع أو أشهر وابتزاز أسرهم أو الحكومة مقابل فدية قد تصل لمبالغ كبيرة.
هل الدوافع دينية؟
المعطيات تشير إلى أن الدافع لا يبدو دينياً بالأساس. معظم حوادث الخطف الأخيرة تُنسب إلى مجموعات عصابية غير منضوية تحت تنظيمات أيديولوجية مثل بوكو حرام أو ولاية غرب أفريقيا، التي تنفذ هجمات ذات طابع طائفي. ومع ذلك تستحضر هذه الحوادث ذكرى اختطاف 276 تلميذة من شيبوك عام 2014 من قبل بوكو حرام، واقتيدت بعض المختطفات لاحقاً للانضمام إلى الجماعة أو إجبارهن على تغيير الدين؛ ولا يزال عدد غير قليل منهن مفقوداً حتى اليوم.
هل المسيحيون مستهدفون؟
تعاني مجتمعات زراعية مسيحية في وسط نيجيريا من تصاعد هجمات من قِبل عصابات ورعاة ماشية، ويقول قرويون إن الدولة فشلت في حمايتهم واعتقال الجناة. استقطبت الاعتداءات الأخيرة انتقادات وتهديدات من جهات دولية: ذكرت تصريحات على منصات التواصل أن الرئيس الأمريكي هدد بوقف المساعدات وربما اللجوء إلى تدخل عسكري ضد من أسماهم “الإرهابيين الإسلاميين” المسؤولين عن هذه الجرائم. كما دعا بابا الفاتيكان بشكلٍ عاجل إلى الإفراج عن المخطوفين قائلاً إن على السلطات اتخاذ إجراءات فورية لضمان سلامتهم. الحكومة النيجيرية اعترفت بوجود مشكلات أمنية لكنها رفضت وصف الحوادث بأنها اضطهاد ديني ووصفت بعضها بأزمة محلية بين مزارعين ورعاة، بينما حذّر بعض قياديي الكنائس من محاولات جهات خارجية لاستغلال الأزمة.
رد فعل الحكومة
أمرت السلطات إغلاق 47 كلية فوراً وأغلقت حكومة ولاية نيجير كل المدارس الخاصة والعامة في الولاية، ما سيؤثر سلباً على مسيرة التعليم المحلية. وفي اجتماع أمني أمر الرئيس بولا زينوبو بتعيين 30 ألف شرطي إضافي وإعادة توزيع عناصر الحماية الشخصية عن كبار المسؤولين الى واجباتهم الأساسية في المناطق النائية المعرضة للهجوم؛ كما تقرر إرسال وزير الدفاع الى ولاية نيجير. السلطات تؤكد أنها تعمل على تأمين المناطق المتضررة لكن البلاد لا تزال تكافح عصابات إجرامية في الشمال الغربي وتمرد بوكو حرام في الشمال الشرقي، إلى جانب عنف طائفي وقبلي مستمر.
الخلفية والأثر
منذ 2014، اختطف أكثر من 1,400 طالب في نيجيريا، وهذه الحادثة تعد الثالثة عشر من نوعها خلال إحدى عشرة سنة. وبحسب تقارير، قُتل أكثر من عشرة آلاف شخص ونُزح نحو ثلاثة ملايين منذ انتخاب الرئيس تينوبو في 2023. تبقى قضية حماية المدارس والأطفال أحد أبرز التحديات التي تواجهها نيجيرية اليوم، إذ تُعرض موجات الإغلاقات التعليمية المصاحبة لهذه الهجمات مستقبل أجيال بأكملها للخطر.