هجوم روسي بالطائرات المسيّرة والصواريخ على كييف
شنّت القوات الروسية هجوماً بطائرات مسيّرة وصواريخ على عاصمة أوكرانيا، ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل، وذلك فيما يسعى مسؤولون أوكرانيون وأميركيون لإعادة صياغة خطة اقترحتها واشنطن لإنهاء الحرب.
أفادت خِدمة الطوارئ الحكومية الأوكرانية في بيان يوم الثلاثاء أن الهجوم الليلي على كييف أضرّ بمبانٍ سكنية في منطقتَي بيتشيرسكي ودنيبروفسكي. وقالت الخِدمة: «في كييف، نتيجة الهجوم الليلي، قُتِلَ شخصان وأُصيب ستة أشخاص، وتمّ إنقاذ 18 شخصاً من بينهم ثلاثة أطفال». وأضافت أنه في هجوم لاحق شُنّ على مناطق بروفارسكي وبيلا تشيركفا وفيشغورود جُرح طفل يبلغ من العمر 14 عاماً.
لم يصدر تعليق فوري من روسيا.
وجاء الهجوم بعد محادثات جرت في جنيف بين ممثلين أميركيين وأوكرانيين سعياً لمناقشة ما تُسمّيه واشنطن «خطة من 28 نقطة»، التي اعتبرتها كييف وحلفاؤها الأوروبيون بمثابة قائمة مطالب تروق للكرملين. وفي خطابه الليلي المتأخر يوم الاثنين قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن المحادثات في جنيف قد تُحوّل «قائمة الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب إلى أمور قابلة للتنفيذ».
لكنه أشار إلى أنه لا تزال هناك «قضايا حساسة» سيناقشها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال: «بعد جنيف تقلّصت النقاط — لم تعد 28 — وقد أُُخذت في الاعتبار كثير من العناصر الصحيحة ضمن هذا الإطار. ما يزال هناك عمل يجب أن نقوم به معاً — الأمر شديد التعقيد — لإنهاء الوثيقة، وعلينا أن نفعل كل شيء بكرامة». وأضاف: «أوكرانيا لن تكون أبداً عائقاً أمام السلام — هذا مبدأنا، ومبدأ مشترك، وملايين الأوكرانيين يعوّلون على سلام كريم ويستحقونه».
لا اجتماع مقرر بين ترامب وزيلينسكي
ألمح ترامب بدوره إلى إحراز تقدم محتمل، فغرّد على منصته قائلًا: «هل من الممكن حقاً أن يكون تقدّم كبير جارٍ في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا؟ لا تُصدّق ذلك حتى تراه، لكن قد يحصل شيء جيّد». في البيت الأبيض قالت المتحدثة كارولين ليفيت إن ثمة نقطتي خلاف متبقيتين، لكن «نحن واثقون أننا سنتمكّن من تجاوزهما». وأضافت أن ترامب يرغب في التوصل إلى اتفاق بأسرع ما يمكن، لكن لا يوجد حالياً اجتماع مقرر بين الرئيسين.
أعاد ترامب، الذي عاد إلى السلطة هذا العام مُتعهدًا بإنهاء الحرب بسرعة، توجيه سياسة الولايات المتحدة بعيداً عن دعم قوي لكييف نحو قبول بعض مبررات روسيا لغزوها عام 2022. غير أن سياسة واشنطن تجاه الحرب شهدت تقلبات؛ فقمّة أُنجزت على عجل في ألاسكا بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس أثارت مخاوف من استعداد واشنطن للقبول بالعديد من مطالب موسكو، لكنها في نهاية المطاف أدّت إلى مزيد من الضغوط الأميركية على روسيا.
أثار اقتراح السلام الأخير المؤلف من 28 نقطة من جديد دهشة أجزاء من الحكومة الأميركية وكييف وأوروبا وأعاد القلق من أن إدارة ترامب قد تضغط على أوكرانيا لتوقيع صفقة تميل بشكل كبير لمصلحة موسكو. وتطلب الخطة من كييف التنازل عن المزيد من الأراضي، وقبول قيود على قواتها، ومنع الانضمام إلى حلف الناتو نهائياً — شروط اعتبرتها كييف منذ زمن طويل بمثابة استسلام. كما أنها لا تساهم في تهدئة المخاوف الأوروبية الأوسع بشأن احتمال عدوان روسي مستقبلي.
صاغ حلفاء أوكرانيا في أوروبا مقترحًا مضاداً، ووفقاً لوكالة رويترز سيوقف القتال عند خطوط المواجهة الحالية ويترك مسألة الأراضي للمباحثات لاحقاً، ويتضمن ضمانة أمنية على شاكلة ضمانات الناتو مقدّمة من الولايات المتحدة. لم يُنشر بعد نص النسخة المعدّلة من المسودة التي جرى العمل عليها في جنيف.
الكرملين ينتقد المقترح الأوروبي
قال مستشار لزيلينسكي حضر المحادثات في جنيف لوكالة أسوشيتد برس إنهم تمكنوا من مناقشة معظم بنود الخطة تقريباً، وإن المسألة العالقة تتعلق بالأراضي التي لا يمكن حسمها إلا على مستوى قادة الدول. وأشار أوليكساندر بيفز إلى أن الولايات المتحدة أبدت «انفتاحاً وفهماً كبيرين» بأن الضمانات الأمنية هي حجر الأساس لأي اتفاق لأوكرانيا. وأضاف أن واشنطن ستواصل العمل على الخطة ثم سيلتقي زعماء الولايات المتحدة وأوكرانيا، وبعد ذلك ستُعرض الخطة على روسيا.
رحّب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالـ«نتيجة المؤقتة» لمحادثات جنيف وقال إن المقترح الأميركي «تم تعديل أجزاء كبيرة منه الآن»، من دون أن يقدم تفاصيل. وأضاف أن على موسكو أن تدخل الآن في العملية: «الخطوة التالية يجب أن تكون حضور روسيا إلى الطاولة»، قال ذلك من أنغولا حيث كان يشارك في قمة بين دول إفريقية والاتحاد الأوروبي. «هذه عملية شاقة. ستمضي على الأرجح بخطوات أصغر هذا الأسبوع. لا أتوقع حصول اختراق هذا الأسبوع.»
قال الكرملين إنه لم يطلع بعد على خطة السلام المنقحة. وأشار المتحدث دميتري بيسكوف إلى أنه لا توجد خطط لاجتماع بين الوفدين الأميركي والروسي هذا الأسبوع، لكن الجانب الروسي يظل «منفتحاً لمثل هذه الاتصالات». وذكر يوري أوشاكوف، مستشار الشؤون الخارجية للكرملين، أن الخطة التي تسلمها الكرملين قبل محادثات جنيف تضم العديد من البنود التي «تبدو مقبولة إلى حدّ كبير» لموسكو، لكنه وصف المقترحات الأوروبية المتداولة بأنها «غير بنّاءة تماماً».
الدول الداعمة لكييف — جزء من «التحالف الراغب» — من المُقرّر أن تعقد مكالمة فيديو يوم الثلاثاء عقب محادثات جنيف. كما أعربت تركيا عن أملها في بناء جسور بين روسيا واوكرانيا. وقال مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه تحدث مع بوتين هاتفياً وأبلغه أن أنقرة ستساهم في أي جهد دبلوماسي يسهل الاتصال المباشر بين روسيا واوكرانيا، مضيفاً أن أردوغان «أكد أن تركيا ستواصل جهودها لإنهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا بسلام عادل ودائم».