تأكيد التوتر — زيارة رئيس هيئة الأركان إلى بورتو ريكو في سياق انتشارٍ عسكري واسع بالمنطقى الكاريبية
نظّم مسؤول عسكري أميركي رفيع زيارة إلى بورتو ريكو يوم الاثنين، في وقت تواصل فيه واشنطن أحد أكبر عمليات الانتشار البحري في البحر الكاريبي منذ عقود، ما زاد حدة التوتر مع فنزويلا وسط اتهامات بإجراءات مضادة للمخدرات. دان كاين، رئيس هيئة الأركان المشتركة والمستشار العسكري الأعلى للرئيس دونالد ترامب، التقى بعناصر منتشرين في بورتو ريكو وعلى متن فرقاطات تابعة للبحرية في مياه إقليمية. وذكر مكتبه أن الزيارة تهدف إلى الاطلاع على الأوضاع و”التواصل مع العسكريين وشكرهم على دعمهم المتميز للمهام الإقليمية”.
يشمل التوسع العملياتي إرساء حاملة الطائرات الأحدث والأكبر في الأسطول، يو إس إس جيرالد آر. فورد، إلى جانب مجموعات ضاربة بحرية مصاحبة. وخلال جولة سابقة قال وزير الدفاع بيت هيغسيث إن المارينز المنتشرين “على الخطوط الأمامية للدفاع عن الوطن الأميركي”. ونشرت القيادة الأميركية الجنوبية تغريدة في 24 نوفمبر 2025 تُظهِر نشاطات جوية وبحرية شملت طائرات E/A-18G Growler وطائرات من طراز B-52 خلال عمليات غربي الأطلنطي (صورة لوكالة رويترز).
العمليات البحرية الأميركية شملت ضربات على قوارب قالت الولايات المتحدة إنها متورطة في تهريب مخدرات، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصًا على متن 21 زورقًا. حتى الآن لم يُعرض دليل يثبت وجود مخدرات على تلك القوارب، ويؤكد خبراء قانونيون أن مثل هذه الضربات قد تنتهك القانون الدولي حتى لو ثبت وجود نشاط تهريبي.
في شأن دبلوماسي وسياسي، أفاد ترامب لمستشاريه أنه يعتزم التحدث مباشرة مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في موعد لم يُعلن عنه. ويبلغ عدد القوات الأميركية المنتشرة في البحر الكاريبي الآن نحو 15 ألف عنصر، بينهم قوات مشاة بحرية على سفن برمائية ونحو 5000 عنصر متمركزين في بورتو ريكو. كما كثفت واشنطن تدريباتها المشتركة مع ترينيداد وتوباغو، مطلقة جولة ثانية من المناورات خلال شهر استجابة لمحاولات مكافحة الجريمة العنيفة وتهريب المخدرات. ومن المتوقع أن يزور كاين ترينيداد وتوباغو غدًا للقاء رئيسة الوزراء كاملا بيرساد-بيسيسار.
التصنيف الإرهابي يزيد الضغوط
صعّدت الولايات المتحدة ضغوطها على كاراكاس بتصنيف “كارتل سوليس” — المعروف باسم Cartel de los Soles أو “كارتل الشموس” — منظمة إرهابية أجنبية، رغم أن الشبكة لا تُشبه الكارتل التقليدي بالمعنى المعهود. حتى العام الجاري، كان تصنيف المنظمات كمنظمات إرهابية أجنبية يقتصر إلى حد كبير على جماعات ذات دوافع سياسية مثل القاعدة وداعش. أعلنت واشنطن رسميًا تصنيف الكارتل بتهمة شحن مخدرات إلى الأراضي الأميركية، وزعمت أن الشبكة تضم مادورو ومسؤولين فنزويليين رفيعي المستوى، من دون تقديم أدلة علنية. ووصفت فنزويلا القرار بأنه محض اتهام سخيف يهدف إلى تبرير إجراءات ضد جهة “غير موجودة”.
يأتي هذا الإجراء بعد سلسلة قرارات سابقة استهدفت ثماني منظمات إجرامية لاتينية متورطة بتهريب المخدرات وتهريب المهاجرين. وتقول السلطات الأميركية إن كارتل الشموس تعاون مع عصابة “ترين دي أراجوا” الفنزويلية — المصنفة أيضًا منظمة إرهابية أجنبية — لتحريك المخدرات شمالًا. المسؤولون الأميركيون قلّة ما يحددون هويات المجموعات التي يعتقدون أنها وراء القوارب المستهدفة، وفي حديث سابق قال هيغسيث إن التصنيف الجديد يفتح “مجموعة كبيرة من الخيارات” أمام الولايات المتحدة في التعامل مع مادورو، وأضاف رداً على إمكانية توجيه ضربات برية داخل فنزويلا: “لا شيء مستبعد، ولا شيء موضوع على الطاولة تلقائيًا.” ومع ذلك يشير خبراء العقوبات إلى أن نصوص تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية لا تمنح سلطة تلقائية للقيام بعمليات عسكرية.
كاراكاس تردّ
تنفي حكومة مادورو أي ضلوع في عمليات إجرامية وتتهم واشنطن بالسعي لتغيير النظام للسيطرة على ثروات فنزويلا. وقالت وزيرة النفط ديلسي رودريغيز على التلفزيون الرسمي إن “همّهم احتلال احتياطيات النفط والغاز في فنزويلا مجانًا، يريدون ذهب فنزويلا وألماسها وحديدها وبوكسيتها” في تنديد بالسياسات الأميركية. وكرر وزير الخارجية يڤان غيل أن تصنيف الولايات المتحدة يروّج لكذبة دنيئة لتبرير تدخل غير قانوني وغير شرعي ضد البلاد.
وتنقل مؤسسات بحثية متخصصة في الجريمة المنظمة، مثل InSight Crime، أن خطاب “الكارتل” مُبالَغ فيه وأن الواقع أقرب إلى “نظام فساد” يتقاسم فيه ضباط عسكريون وسياسيون الأرباح عبر التعاون مع تجار المخدرات بدل وجود كارتل هرمي موحّد. وفي الداخل الأميركي أثار الحملة نقاشًا حادًا؛ إذ أظهر استطلاع لرويترز أن 29٪ فقط من الأميركيين يؤيدون قتل مشتبه فيهم بتهريب المخدرات من دون رقابة قضائية، فيما أكد مسؤول مصرفي رفيع سابق أن تصنيفات المنظمات الإرهابية الأجنبية لم تُصمَّم أبدًا لتبرير عمليات عسكرية: “لم يُقترح قط أن تصنيف كيان كمنظمة إرهابية أجنبية يفي بمعيار اللجوء إلى العمل العسكري.”