ملف: نهاية «المهمّة» المثيرة للجدل لمؤسسة غزة الإنسانية (GHF) وإغلاق نقاط التوزيع
أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية، التي دعمتها الولاات المتحدة واسرائيل لتولي إدارة توزيع المساعدات داخل القطاع، أنها تنهي مهمتها المثيرة للجدل وتغلق مواقع التوزيع بعد الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة ودخل حيز التنفيذ في بداية تشرين الأول/أكتوبر.
خلفية سريعة
تأسست المؤسسة بضغط دولي لإتاحة مرور المساعدات إلى القطاع المحاصر، بعد أن أغلقت اسرائيل ممرات الإغاثة بالكامل منذ آذار/مارس، متهمة —دون تقديم أدلة— عمليات الأم المتحدة للاجئين (الأونروا) بسرقة المساعدات، ومنعت أيضاً موظفي الأونروا من الدخول منذ شباط/فبراير. بينما كانت شبكة الأونروا تدير نحو 400 موقع قبل الانسحاب، أنشأت المؤسسة أربعة «مواقع كبرى» فقط—ثلاثة في جنوب القطاع وموقع واحد قرب غزة المدينة—محمية بحراس خصوصيين أمريكيين، لتوزيع الغذاء والإمدادات على نحو مليوني نسمة.
تفاقم الأزمة والوفيات عند نقاط التوزيع
منذ بدء عمل المؤسسة في أيار/مايو، شهدت نقاط التوزيع إطلاق نار متكرر من قوات إسرائيلية وبعض من المقاولين الأمنيين الأمريكيين على الفلسطينيين الذين يحاولون الحصول على مساعدات. نقص التنظيم وتكدس الحشود أديا إلى حالات اختناق وتدافع أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وعلى الرغم من تصريح المدير التنفيذي للمؤسسة بأن عملياتها شكّلت «الجهد الوحيد الذي وزع وجبات مجانية بشكل موثوق وآمن»، تشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من ألفي شخص نتيجة الدهس أو إطلاق النار أثناء محاولات الحصول على المساعدة، فيما سجل مكتب مفوضية حقوق الإنسان أكثر من 2,146 وفاة في محيط مواقع تعمل بها المؤسسة وعلى طول طرق القوافل.
محطات بارزة من توالي الأحداث خلال العام
26 أيار — أصدرت المؤسسة بياناً عن بدء التوزيع المباشر داخل القطاع بعد استقالة مديرها التنفيذي السابق، مع بروز مخاوف من استقلالية الهيئة. رفضت الأونروا ومنظمات إغاثية أخرى التعاون، محذرة من أن مركزة المساعدات في نقاط محدودة يعرض الناس للخطر ويقوض جهود الإغاثة الأخرى.
27 أيار — بدء تشغيل مراكز المؤسسة وفتح النار على آلاف المتجمهرين في رفح، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى وإجبار طالبي المساعدات على التجاوز عبر سياجات ودفع الحشود للوصول إلى الإمدادات.
29 أيار — اشتباكات وإطلاق نار قرب نقطة إغاثة جنوب القطاع أسفرت عن سقوط قتلى، كما سُجلت انفجارات قرب ممر نتساريم تقسّم شمال القطاع عن بقية القطاع.
30 أيار — إطلاق نار على مدنيين ينتظرون طعاماً في نقطة توزيع على شارع صلاح الدين، وتسجيل عشرات الإصابات.
1 حزيران — دبابات إسرائيلية قصفت مواقع توزيع، ما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى في حادثتين منفصلتين.
3 حزيران — أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن إدانته الشديدة وأطلق دعوة لتحقيق مستقلّ بعد فتح النار قرب موقع توزيع في رفح، حيث قُتل وأُصيب عشرات.
8 حزيران — إطلاق نار كثيف على حشود منتظرة خارج نقطتي توزيع أسفر عن عشرات القتلى والمئات من المصابين، ووصف المكتب الإعلامي لحكومة غزة المواقع المحوّلة إلى «مسلخ بشري».
16 تموز — مذبحة عند مركز توزيع في جنوب القطاع: شهد المكان تدافعاً واختناقاً وسقوط عشرات الضحايا، بعضهم قضى اختناقاً والبعض الآخر برصاص.
22 تموز — أعلنت الأمم المتحدة أن عدد الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم وهم يحاولون الوصول إلى مساعدات عبر نقاط المؤسسة تجاوز 1,000 قتيلاً.
1 آب — أحد العاملين السابقين بالمؤسسة روى ممارسات مهنية قاتمة ومبرّرات بإطلاق ما وُصف بـ«طلقات التحذير» بقذائف ثقيلة، ووصفها الشاهد بأنها جرائم حرب.
2 آب — قتل عشرات طالبي المساعدة رغم الإعلانات الإسرائيلية عن «توقفات تكتيكية» مؤقتة للسماح بوصول المساعدات.
5 آب — مجموعة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة طالبت بتفكيك المؤسسة واعتبرت عملها مثالاً مروّعاً على استغلال المساعدات لأغراض عسكرية.
9 آب — سمحت إسرائيل ببعض إسقاطات جوية من دول عدة، لكن حادث إسقاط أدى إلى سحق فتى فلسطيني بعمر 15 عاماً تحت مناضدة تساقطت من طائرة.
4 أيلول — سجل مكتب مفوضية حقوق الإنسان أكثر من 2,146 وفاة في محيط المواقع التي تديرها المؤسسة وعلى امتداد طرق القوافل.
12 تشرين الأول — أكدت المؤسسة أنها علّقت عملياتها بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر.
10 تشرين الثاني — بثّت شبكة بريطانية فيلماً وثائقياً يستعرض جوانب الحرب الإسرائيلية وما رافقها من توترات داخل مؤسسات الإغاثة.
خلاصة
تجربة مؤسسة غزة الإنسانية طبعها الجدل منذ لحظاتها الأولى: مركزية توزيع محدودة، حماية عسكرية خاصة، حوادث عنف وموت واسعة النطاق، ورفض مؤسسات إغاثية دولية للتعاون خشية تعريض المدنيين لمخاطر أكبر. قرار التعليق وإغلاق المواقع يفتح باب تساؤلات قانونية وإنسانية حول مسؤولية الجهات الراعية وآليات إيصال المساعدة بأمان وكرامة للمدنيين. تتضمن الشهادات روايات لجنود إسرائيليين منتشرين في غزة؛ وبعضهم وصف كيف أن حراس منظمة GHF «يفتحون النار، حتى لو لم يروا تهديداً ملموساً».
24 نوفمبر – أعلنت GHF أنها انهت «مهمتها» في غزة عقب وقف إطلاق النار. وقالت إنها وزّعت أكثر من ثلاثة ملايين صندوق غذائي، أي ما يعادل 187 مليون وجبة.