بعد دورة اختيار متوترة، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين اختيار النحات المولود في يوتا والمقيم في المكسيك ألما ألن لتمثيل الولايات المتحدةة في بينالي البندقية 2026.
يفتتح المعرض المرموق في أيار/مايو المقبل، حين يتوافد عدد كبير من القيّمين والمقتنين والصحافيين إلى مدينة القنال لتقييم جودة الأعمال المعروضة، فضلاً عن الرسائل السياسية التي تنقلها كل جناح وطني في أرفع حدث فني دولي.
في ظل إعادة نسج الأيديولوجيا المرتبطة بالفنون والثقافة في عهد إدارة ترامب، يوفر اختيار الممثل الأمريكي نافذة لقراءة أولويات الإدارة، لا سيما بعد تحديث توجيهات هذا العام لتشمل أن المقترحات يجب أن «تعزز الفهم الدولي للقيم الأمريكية من خلال عرض أعمال فنية مبتكرة وجذابة تعكس وتروّج للقيم الأمريكية».
من هي ألما ألن؟
ولد ونشأ في هربِر سيتي بولاية يوتا عام 1970، ومكث سنوات في جوشوا تري بولاية كاليفورنيا وفي تبوزتلان على بعد نحو 50 ميلاً من مكسيكو سيتي، حيث يمتلك المرسم مزوّداً بورشة صبّ البرونز.
ما نوع الفن الذي يصنعه؟
يصنع تماثيل تأخذ أشكالاً مجردة وبيومورفيّة؛ في بينالي ويتني 2014 بدت بعض أعماله ككائنات بحرية بدائية، بينما تُحيل أشكال أخرى إلى مناظر غابية. وهو إلى حد كبير ذاتي التعلّم، ويستخدم طيفاً واسعاً من تقنيات الإنتاج، من النحت اليدوي إلى التصنيع بمساعدة الروبوتات عندما يتطلب الحجم ذلك.
وصفت معرضيته السابقة لدى غاليري Mendes Wood DM مسيرته بأنها نهضت من «أصول متواضعة، إذ كان يبيع نماذج مصغرة محفورة يدوياً في شوارع سوهو» إلى اختراقه المهني بدخوله بينالي ويتني. مثل كثير من أعماله، كانت التماثيل المعروضة هناك بسيطة من الناحية الشكلية لكن غامضة دلالياً. تُستخدم وصفات مثل «ارتجالي» و«إلزامي» كثيراً في المواد الصحفية لوصف منهجه في النحت.
يبدو أنه يتوافق تماماً مع الذوق الجمالي المفضل لدى إدارة ترامب: أعماله لا تحمل الهيئة الإنسانية، تلمع كالمعادن الثمينة، ويطغى عليها الطابع التمثالي الضخم. وبالنظر إلى هوس الرئيس بالصناعة، يُعد أن المواد في ممارسته لا تقل أهمية عن المنتج النهائي أمراً مفيداً؛ فقد عمل بالبرونز المشدود وخشب باروتا والسبج والستانالاغمات ونوع من الرخام المحلي من مدينة أوريزابا المكسيكية.
ما هي مؤهلاته؟
عرض ألن أعماله على نحو واسع منذ أوائل التسعينيات، مع بداية ظهوره في نيويورك ضمن معرض جماعي في Charles Cowles Gallery، وسيرته تمتد من لوس أنجلوس إلى آسبن وطوكيو. كانت غالبية معارضه الفردية لدى معارض تجارية: Blum & Poe ولاحقاً Blum؛ Mendes Wood DM؛ وKasmin (التي أصبحت الآن Olney Gleason). أُغلِق Blum في وقت سابق من هذا العام، وقال ألن لصحيفة نيويورك تايمز إن Mendes Wood DM وOlney Gleason شجعا الفنان على عدم قبول تكليف جناح الولايات المتحدة، وعندما قبِل—قطعتا علاقاتهما معه.
قدّم Mendes Wood DM معرضه الفردي الأول في أوروبا عام 2021 في فضاء الجاليري ببروكسل ومتحف وحدائق فان بيورين في المدينة. ضم العرض أشكالاً ملفوفة دهنية مستوحاة، لكنها بوضوح ليست من عالمنا. تُضمّن أعماله في مجموعات دائمة مثل متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفن (LACMA) ومتحف فنون بالم سبرينغز، ونُشر أول أحاديثه المصوّرة عن طريق Rizzoli Electa في 2020. أقام معرضين فرديين مؤسسيين خلال مسيرته، في متحف بالم سبرينغز عام 2018 ومتحف أناهواكالي في مكسيكو سيتي عام 2023.
كيف اُختير لتمثيل الولايات المتحدة؟
أخبر ألن نيويورك تايمز أنه لم يقدم اقتراحاً رسمياً لهيئة البينالي، بل عُرض عليه العرض مباشرةً من قبل جيفري أوسليب، الذي تم اختياره لتنظيم العرض الأمريكي في البندقية. لم يلتقِ الفنان والقيّم سابقاً، ومع ذلك قال ألن إنه قبل العرض بسرعة. (أوسليب يعمل حالياً بشكل مستقل؛ وقد نسّق جناح مالطا في بينالي البندقية 2022. استقال من متحف الفن المعاصر في سانت لويس عام 2016 حيث كان رئيساً للقسم المعروض وسط جدل حول معرض كيلي ووكر).
ذكرت ARTnews أولاً أن ألن قد تم اختياره كالفائز في وقت سابق من هذا الشهر، لكن الإعلان تأخر بسبب إغلاق حكومي. وفي اليوم نفسه أفادت صحيفة الواشنطن بوست أن الفنان روبرت لازاريني، بالتعاون مع القيّم المستقل جون رافينال ومتحف الفن المعاصر بجامعة جنوب فلوريدا، قد كان «مختاراً في البداية»، لكن عندما انهارت المفاوضات بين وزارة الخارجية وجامعة جنوب فلوريدا سُحب اقتراحهم.
مثّل هذا نهاية غير تقليدية لدورة اختيار غير مسبوقة. لفترةٍ كان من غير الواضح ما إذا كان جناح الولايات المتحدة سينعقد أصلاً في 2026، إذ واصلت إدارة ترامب إعادة تشكيل وكالات اتحادية مرتبطة بالفنون والثقافة بما في ذلك المؤسسة الوطنية للفنون. وتفاقمت حالة عدم الاستقرار بسبب التهديد القائم—الذي تبلور في الأخير—بإغلاق الحكومة.
تقليدياً، يُختار فنان جناح الولايات المتحدة في بينالي البندقية عبر دعوة لتقديم المقترحات يراجعها مجلس استشاري للمعارض الدولية تُشكّله المؤسسة الوطنية للفنون ووزارة الخارجية. ونظراً لثقل مهمة إقامة جناح وطني، يبدأ مسار المنح عادةً قبل الافتتاح بحوالي 18 شهراً. تصدر المؤسسة الوطنية للفنون إشعاراً اتحادياً للدعوة لتشكيل اللجنة، التي تقيم المقترحات المقدمة بعد ذلك بعدة أشهر.
لم يُفتح ذلك البوّابة حتى أيار/مايو الماضي تقريباً، أي قبل عام كامل تقريباً من افتتاح المعرض في مدينة تشتهر بصعوبتها في إقامة العروض. وعندما فُتح بواب وزارة الخارجية تضمن ليس فقط التوجيه بـ«عكس وتعزيز القيم الأمريكية» بل أزاح لغة سابقة كانت تشير إلى توجيهات الإدارة الجديدة ضد الفن الذي يتناول قضايا التنوع والعدالة والشمول (DEI). وطُلب من الراغبين بالمشاركة إثبات «الامتثال بكل جوانبه لجميع قوانين مكافحة التمييز الاتحادية المعمول بها» وعدم «إدارة أي برامج تروّج للتنوع والعدالة والشمول بما يخالف أي قوانين مكافحة التمييز المعمول بها».
ماذا نعرف عن جناحه في البندقية؟
حمل معرض الجناح عنوان «ألما ألن: نادِني النسيم» وهو من تنسيق جيفري أوسليب، نائب مدير سابق للمعارض في متحف الفن المعاصر سانت لويس. مفوّضة الجناح هي جيني بارّدو، مؤسسة American Arts Conservancy المتحالفة مع تيارات مؤيدة لترامب.
سيعرض جناح البندقية نحو ثلاثين تمثالاً، بينها أعمال «تتجاوب مع المكان» ستستكشف، بحسب وزارة الخارجية، مفهوم «الارتفاع»… كهيئة فيزيائية وكرمز للتفاؤل الجماعي وتحقيق الذات، مواصلةً تركيز إدارة ترامب على إبراز التميز الأمريكي. سيُقام على الأقل واحد من هذه الأعمال في الهواء الطلق بمدخل الجناح الأمريكي.
قال ألن في بيان: «التماثيل غالباً في فعلٍ ما: إنها تبتعد أو تغادر أو تتفاعل مع شيء غير مرئي. ورغم أنها تبدو ثابتة كأشياء، فهي ليست ثابتة في خيالي. في رأيي، هي جزء من كون أوسع بكثير».
وأضافت بارّدو: «ألما ألن يجسّد صفات أفضِل وألمع ما في أمريكا؛ إنه قصة نجاح أمريكية تعلم نفسه بنفسه».