المنصه “إكس” — المنصة الاجتماعية المعروفة سابقاً باسم تويتر والمملوكة لإيلون ماسك — طرحت ميزة جديدة للشفافية تهدف إلى تزويد المستخدمين بمعلومات أكثر تفصيلاً عن الحسابات، من ضمنها البلد أو المنطقة التي يُفترض أن المستخدمين يتواجدون فيها.
ما الجديد في إكس؟
أعلنت نيكيتا بير، مسؤولة المنتج في المنصة، عن إطلاق ميزة “عن هذا الحساب” على مستوى العالم في منشور على المنصة بتاريخ 22 نوفمبر 2025. قالت بير إن الميزة ستتيح للمستخدمين الاطلاع على بلد أو إقليم تمركز الحساب عبر النقر على تاريخ التسجيل في الملف الشخصي، واصفةً ذلك بأنه “خطوة أولى مهمة لتعزيز نزاهة الساحة العامة العالمية”. بير اكد أن هناك خططاً لمزيد من الطرق التي تمكّن المستخدمين من التحقق من أصالة المحتوى الذي يرونه على إكس.
ما الذي تظهره صفحة “عن هذا الحساب” الآن؟
حتى الآن كانت تلك الصفحة تعرض تاريخ إنشاء الحساب علناً فقط؛ أما الآن فهي تتضمن تفاصيل إضافية مثل:
– البلد الذي يُفترض أن مالك الحساب مقيم فيه.
– تاريخ إنشاء الحساب.
– عدد مرات تغيير اسم المستخدم وتواريخ تلك التغييرات.
– بلد المنشأ عند إنشاء الحساب.
– معلومات عن التطبيق المستخدم لتثبيت الحساب (Android أو متجر تطبيقات iOS) والبلد المرتبط بالتثبيت.
– إذا كان الحساب موثّقاً، فتعرض أيضاً تاريخ التحقق وبعض ملفات تعريف الشركات المرتبطة في حالات محددة (مثل X لمالكه أو “وزارة الخارجية الأميركية” لحساب لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو).
هل يمكن للمستخدمين إخفاء هذه المعلومات؟
بشكل عام، لا. حتى موعد الإطلاق، لم تبدُ المنصة أنها توفر خياراً عاماً لإخفاء هذه البيانات عن بقية المستخدمين. أما الحسابات الخاصة، فستظل هذه المعلومات متاحة فقط للمنتسبين الذين تمّ قبول طلبهم للمتابعة. وقالت بير إن المستخدمين في دول تفرض قيوداً على حرية التعبير سيحصلون على مفاتيح خصوصية تسمح بعرض المنطقة فقط دون تفاصيل أدق، لكنها لم تحدد الدول المقصودة أو معايير الاختيار.
مخاطر على السلامة والخصوصية
حذر خبراء من أن الميزة قد تُستغل لتتبع أو تضييق نطاق مكان شخص يحتاج إلى السرية لأسباب أمنية. قال مارك أوين جونز، أستاذ مشارك في تحليل الإعلام بجامعة نورث وسترن في قطر، لقناة الجزيرة إن الميزة قد تسمح للجهات الخبيثة بمطابقة بيانات موقع حساب مجهول مع مصادر أخرى لتقليص دائرة المكان الذي يتواجد فيه صاحب الحساب، مما قد يجعل الأشخاص عرضة للاستهداف أو المضايقات أو اتهامات زائفة.
أمثلة وتداعيات عملية
بعض المستخدمين أشاروا بعد إطلاق الميزة إلى حالات تبدو متضاربة: حسابات تدّعي أنها لفلسطينيين في غزة لكن صفحة “عن هذا الحساب” تظهر أنها قائمة من دول أخرى، مثل الهند أو نيجيريا. ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تغريدة تشير إلى أن الميزة كشفت “عدداً لا يحصى من الحسابات المزيفة المعلنة على أنها ‘غزّية'”. من جهة أخرى، يجدر التذكير بأن خدمات الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) تُخفي عناوين IP وتشوّه موقع المستخدم الفعلي، ما يعني أن الموقع المعلن قد لا يعكس الواقع.
تقييم عام
يخلص جونز إلى أن قيمة الميزة محدودة ما دامت تعطي معلومات مكانية دون آليات واضحة للتحقق من صحتها. كما أنّ خلق حسابات مزيفة يمكن أن يُستخدم بشكل متعمد لتشويه سمعة مستخدمين حقيقيين أو لإثارة الشكوك حول مصداقيتهم، وهو احتمال يمكن هندسته بسهولة من قبل فاعلين سيئين النوايا. «إذا كانت مهمتك في الأساس تشويه صورة الفلسطينيين ولا تمتلك أيّ ضمير أو مواربة، فهذه بالضبط النتيجة المتوقعة». قال جونز إن حسابات مؤيّدة لإسرائيل تعمل منذ زمن على تقويض مصداقية المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل عبر نشر نظريات مؤامرة، من بينها ما يُسمّى بـ«بالي وود» أو «Paliwood».
يستخدم هؤلاء مصطلحات مثل «بالي وود» أو «غزاوود» لادعاء أن مقاطع الفيديو التي تُظهر فظائع في غزة مُركَّبة أو مزيفة. وأضاف جونز أن ادعاء حسابات مؤيّدة لإسرائيل بأن المؤثرين والصحفيين الفلسطينيين يكذبون بشأن مواقعهم الجغرافية، يشكل “قطعة أخرى من «الأدلة» التي توحي بأنهم يضلّون الجمهور عمداً”.
«هذا هو أخطر جانب في تلك الهجمات على السمعة ضد الفلسطينيين، لأنه يسهِم في شرعنة الاحتلال والإبادة على نحو أكبر.»
هل ستساعد هذه الخاصية فعلاً في كشف «البوتات» الحقيقية؟
الإجابة قابلة للنقاش. منذ إطلاق الخاصية في 22 نوفمبر، ظهرت صفحات “عن هذا الحساب” تشير إلى أن عدداً من الحسابات المؤيّدة لدونالد ترامب — مثل @MAGANationX و@MAGAStormX — مسجّلة على أنها مقرّها أوروبا الشرقية. كما ظهرت صفحات مماثلة تُبيّن مواقع في تايلاند وبنغلاديش، مما أعاد إحياء المخاوف من ارتفاع أعداد «البوتات» في دول أجنبية التي تنشر معلومات مضلِّلة تتعلق بالسياسة والانتخابات الأميركية.
لكن، ومع الانتشار الواسع لاستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) التي تُخفِي المواقع الحقيقية للمستخدمين، لا يستطيع الناس التأكد من دقة المعلومات الظاهرة، بحسب جونز. ونتيجة لذلك، تُحوِّل منصة X عمليّة اكتشاف الاحتيال والبوتات والعمليات المعلوماتية المدعومة من دول إلى المستخدمن بدلاً من أن تتحمّل هي المسؤولية.
«كل ما تفعل المنصة هو عرض معلومات عن الموقع دون منح الناس وسيلة حقيقية للتحقق من صحة هذه البيانات. فما الجدوى من إطلاق ميزة إذا كنت تضيف معها تحفّظاً يقول إن دقة هذه المعلومات لا يمكن الوثوق بها؟ ينبغي أن تكون الشركات هي التي تمنع إساءة استخدام المنصة وامتلاك الحسابات مزيفة، لا أن تجعَل من رقابة الحسابات مهمة جماعية. هذا مجرد تكاسل من الشركات وعدم قيامها بالتحقق الواجـب ثم تحويل المسؤولية للمستهلك.»
هل يمكن تزوير صفحات “عن هذا الحساب”؟
نعم—يمكن تزييف الصور ولقطات الشاشة لها. بدأ بعض مستخدمي X بالفعل بمشاركة صور وفيديوهات مُحرَّفة تدّعي أنها لصفحات “عن هذا الحساب” لأشخاص آخرين. مثال على ذلك منشور اتهم حساب وزارة الأمن الداخلي الأميركية (DHS) بأنه مقرّه إسرائيل.
تدخلت بيير لنفي ذلك، قائلة إن «وزارة الأمن الداخلي أظهرت دوماً عناوين آي بي من الولايات المتحدة منذ إنشاء الحساب». وعندما تحقّقت الجزيرة يوم الثلاثاء، كانت مكان الحساب يظهر على أنه الولايات المتحدة.
في 23 نوفمبر، نشرت الوزارة على حسابها في X بياناً مفاده: «لا أصدق أننا مضطرّون لقول هذا، لكن هذا الحساب لم يُدارة أبداً إلا من الولايات المتحدة. لقطات الشاشة سهلة التزوير، والفيديوهات سهلة التلاعب. شكراً لاهتمامكم.» (تاريخ النشر: 23 نوفمبر 2025).
هل قد تكون المعلومات الموجودة في صفحة “عن هذا الحساب” خاطئة؟
الخاصية جديدة على X، وبيّر أقرّ بأن فريقه يعمل على تلميع بعض «الحواف الخشنة» وستُحلّ هذه المشكلات خلال أيام. وأوضح: «إذا كانت أي بيانات غير صحيحة، فستُحدَّث دورياً استناداً إلى أفضل المعلومات المتاحة. هذا يحدث وفق جدول زمني مؤجّل وعشوائي للمحافظة على الخصوصية»، من دون الخوض في تفاصيل إضافية.