خريطة زمنية لعمليات وكالة الاستخبارات المركزية في أمريكا اللاتينية أخبار الصراع

على مدار القرنين الماضيين، قامت الولايات المتحدة بتكرار تدخلات عسكرية في دول أمريكا الوسطى والجنوبية ومنطقة الكاريبي.

أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين — حروب الموز
في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، نفذت الولايات المتحدة سلسلة من التدخلات العسكرية المعروفة باسم “حروب الموز” في أميركا الوسطى، بهدف حماية مصالح شركات أميركية تعمل في المنطقة.

سياسة الجار الطيب والحرب الباردة
في عام 1934، أطلق الرئيس فرانكلين د. روزفلت سياسة “الجار الطيب” التي تعهدت بعدم غزو أو احتلال دول أمريكا اللاتينية أو التدخل في شؤونها الداخلية. غير أن سياسات الحرب الباردة شهدت تمويل عمليات سرية هدفت إلى الإطاحة بقادة يساريين منتخبين في المنطقة، ونسّقت أجهزة مثل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، التي تأسست عام 1947، كثيراً من هذه العمليات.

التصعيد الحديث نحو فنزويلا
في الأيام الأخيرة، ومع تمركز قوات أمريكية كبيرة قرب سواحل فنزويلا واستمرار الضربات الجوية ضد زوارق تقول واشنطن إنها متورطة بتهريب المخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لم يستبعد احتمال عملية برية داخل البلاد. يعتقد مراقبون كثيرون أن اتهامات إدارة ترامب بأن فنزويلا مسؤولة عن تهريب المخدرات تأتي في كثير من الأحيان كغطاء لهدف أوسع يتمثل في تغيير النظام هناك.

الخمسينيات — غواتيمالا
في 1954 أطيح بالرئيس المنتخب جاكوبو أربنز جوزمان بعمليات مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية خلال إدارة دوايت أيزنهاور. كان أربنز قد سعى إلى تأميم شركة ما، ما أثار مخاوف في الولايات المتحدة من اتجاهات اشتراكية محلية. ضمن عملية سُميت PBSuccess، درّبت الـCIA مجموعات مقاتلة بقيادة الضابط كارلوس كاستيو أرمّاس الذي تولى السلطة بعد الانقلاب. ولحق ذلك صراع مدني طويل اشتعل في غواتيمالا بين 1960 و1996 بين الحكومة والقوات المسلحة من جهة، والجماعات اليسارية المتمردة من جهة أخرى.
(صورة: جاكوبو أربنز في باريس عام 1955 بعد إقصائه، ثم انتقاله رفقة زوجته إلى سويسرا للحصول على اعتراف بالجنسية السويسرية استناداً إلى أصول والده).

يقرأ  رئيسا المكسيك وغواتيمالا يلتقيان وجهاً لوجه للمرة الأولى لبحث مشاريع إقليمية رئيسية

الستينات — كوبا
في 1959 وصل الزعيم الشيوعي فيدل كاسترو إلى السلطة بعد الإطاحة بالديكتاتور فولخينسيو باتيستا. في عهد أيزنهاور وضعت الـCIA خطة لتدريب منفيين كوبيين لغزو البلد وإسقاط كاسترو. لم يخف الرئيس المنتخب عام 1960 جون ف. كينيدي من هذه الخطة أثناء توليه، وكُشف أمر معسكرات التدريب للقيادة الكوبية، بيما أقر كينيدي في 1961 عملية خليج الخنازير التي فشلت عندما أحبطها الجيش الكوبي.

الستينات — البرازيل
في 1961 وصل جواو جولارت إلى سدة الرئاسة في البرازيل بدعوة لإصلاحات اجتماعية واقتصادية، وحافظ على علاقات طيبة مع دول اشتراكية مثل كوبا، كما أمم فرعاً لشركة دولية أمريكية. ردّت الـCIA بتمويل سياسيين مؤيدين لواشنطن ودعم مجموعات معادية للشيوعية، مما قوّض قيادة جولارت وانتهى بانقلاب عسكري في 1964 أدى إلى إقامة ديكتاتورية موالية للولايات المتحدة استمرت حتى 1985.

الستينات — الإكوادور
بعد سلسلة اضطرابات سياسية شهدت 27 رئيساً بين 1925 و1947، عاشت الإكوادور فترة استقرار نسبي في الخمسينيات لم تدم طويلاً. بحلول أوائل الستينات، أثارت سياسات الرئيس خوسيه فيلاسكو إيبارا ونائب الرئيس كارلوس جوليـو أروسيمينا القلق في واشنطن بسبب ميلهما لتقارب مع كوبا ودول المعسكر السوفييتي. استخدمت الـCIA منظمات عمالية أمريكية كقنوات لتمويل نشر الخطاب المعادي للشيوعية في البلاد. كما روى عميل CIA لاحقاً في تقييم معتمد عام 2004 أن الوكالة كانت تملك تأثيراً واسعاً على نخبة السياسة في الإكوادور. شهدت البلاد سلسلة انقلابات: أروسيمينا قاد انقلاباً أولياً ضد فيلاسكو ثم اتجه لليمين، وفي 1963 أطاح بالجيش بحكومته وحظرت الحزب الشيوعي وقطعت العلاقات مع كوبا بما يتوافق مع المصالح الأمريكية.
(صورة: متظاهرون طلابيون يقلبون سيارة في غواياكويل عام 1961 خلال احتجاجات ضد حكومة فيلاسكو إيبارا).

الستينات والسبعينيات — بوليفيا
بين 1963 و1964 استخدمت واشنطن تمويلات سرية عبر الـCIA للتأثير في السياسة البوليفية، دعمّت قادة موالين للولايات المتحدة وساهمت في نجاح انقلاب نوفمبر 1964 الذي قاده الجنرال رينيه بارينتوس وأطاح بالرئيس المنتخب فيكتور باز استنسّورو وأجبره على المنفى. لم تتوقف التدخلات؛ في أوائل السبعينات وجّهت الإدارة الأمريكية اهتمامها إلى الإطاحة بالرئيس خوان خوسيه توريس بعد تأميمه شركات أمريكية. حسب سجلات وزارة الخارجية الأمريكية، طلب سفير واشنطن في لاباز في يونيو 1971 دعم معارضي توريس، وفيما وُصف داخلياً بأنه “أموال انقلاب” حصل البيت الأبيض سراً على 410,000 دولار آنذاك (ما يعادل نحو 3.3 مليون اليوم) لتمويل قادة عسكريين وسياسيين معادين لتوريس. بعد شهرين قاد هوغو بانسر انقلاباً ناجحاً ضد توريس، وظل بانسر في الحكم حتى 1978، ثم عاد لاحقاً وفاز انتخاباتياً في 1997.
(صورة: هوغو بانسر بزيه العسكري وزخارفه على مكتبه عام 1978).

يقرأ  انفراج محتمل؟ ترامب يعلن أن ممداني سيزور البيت الأبيض يوم الجمعة

السبعينيات — تشيلي
قدّمت وكالة الاستخبارات المركزية دعماً مالياً وسياسياً لجهود إنهاء رئاسة المناضل اليساري المنتخب سالفادور الليندي، وهو ما مهّد لعملية إطاحته وبزوغ حكم ديكتاتوري لاحقاً.

هذا التتالي من التدخلات، المتنوع في أساليبه وأهدافه، يوضح نمط تحرك استراتيجي طويل الأمد من جانب الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، حيث تداخلت المصالح الاقتصادية والسياسية والاستخباراتية حتى شكلت صفحات مؤلمة في تاريخ المنطقة. كان سلفادور أليندي يعتزم تأميم شركات النحاس في تشيلي، والكثير منها كانت مملوكة لمصالح أمريكية. مولت وكالة المخابرات المركزية جهوداً دعمت خصم أليندي ونشرت خطاباً معادياً للشيوعية، ما انحدر سريعاً نحو الانقلاب العسكري عام 1973 بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه. أطلق أليندي النار على نفسه بواسطة بندقية من طراز AK-47 قبل أن يُقبَض عليه؛ وظلت الشكوك حول ملابسات وفاته قائمة لعقود إلى أن أكدتها تشريح مستقل بعد سنوات. استمرت الديكتاتورية الوحشية المدعومة من الولايات المتحدة بقيادة بينوشيه سبعة عشر عاماً.

ادوارد ج. جيريتي، نائب الرئيس الأول للعلاقات المؤسسية في شركة الاتصالات الدولية المملوكة أمريكياً (ITT)، أخبر محققي مجلس الشيوخ الأميركي عام 1973 أنه تحدث مع عميل من وكالة الاستخبارات المركزية عام 1970 حول خطط تهدف إلى خلق فوضى اقتصادية في تشيلي بعد انتخاب أليندي رئيساً.

سبعينيات: عملية كوندور في ست دول
في عام 1975 أسست وكالة المخابرات المركزية شبكة عابرة للحدود دعمت بها ديكتاتوريات عسكرية يمينية في ست دول بأميركا اللاتينية، في ما عرف بعملية كوندور، التي انطلقت في عهد رئاسة جيرالد فورد. شملت الدول المستهدفة الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وتشيلي والأوروغواي والباراغواي. كان الهدف قمع المعارضين السياسيين واليساريين ومؤيدي الشيوعية، فاستخدمت هذه الأنظمة قاعدة بيانات مشتركة لمراقبة المعارضين وعائلاتهم عبر الحدود، وتبادلت معلومات استخباراتية وأسرى وتقنيات التعذيب. ووفق مبادرة مشتركة قادتها منظمات لاتينية وجامعة أكسفورد، قُتل ما لا يقل عن 97 شخصاً بموجب أنشطة هذه العملية.

يقرأ  ١٠ معارض لا تُفَوَّت في شمال ولاية نيويوركنوفمبر ٢٠٢٥

ثمانينات: السلفادور
في ديسمبر 1981 ارتكبت كتيبة أتلاتاتل النخبوية التابعة للجيش السلفادوري مجزرة في قرية إل موزوتي، أودت بحياة نحو ألف مدني بينهم نساء وأطفال، خلال الحرب الأهلية التي استمرت بين 1980 و1992. تلك الكتيبة تلقّت تدريباً وتجهيزاً من الولايات المتحدة في إطار سياساتها خلال الحرب الباردة لقمع الانتفاضات اليسارية في المنطقة، وقد ضاعفت واشنطن المساعدات العسكرية إلى السلفادور بين 1980 و1982.

ثمانينات: غرينادا
تبنّى موريس بيشوب، رئيس وزراء الجزيرة الكاريبية الصغيرة، سياسات ماركسية-لينينية بعد أن استولى على السلطة عام 1979 أثناء غياب رئيس الوزراء السابق إيريك غايري. وبحلول أوائل الثمانينات أثارت مخاوف الولايات المتحدة من نفوذ كوبا في غرينادا. عندما اندلعت صراعات دامية داخل حزب بيشوب في أكتوبر 1983، تدخلت الولايات المتحدة في عملية أطلق عليها اسم «الغضب العاجل»، وغزت البلاد، واعتقلت عناصر كوبِيَّة في غرينادا، وضمنت أن يتماشى مستقبل الجزيرة مع أولويات واشنطن.

ثمانينات: بنما
غزت الولايات المتحدة بنما عام 1989 في عهد الرئيس الجمهوري جورج هـ. و. بوش، في عملية أُطلق عليها اسم «الهدف العادل». حاولت واشنطن التقليل من حجم الخسائر البشرية، وبررت الغزو بأنه جاء لإزالة الرئيس مانويل نورييغاا بتهمة الاتجار بالمخدرات المزعومة.

أضف تعليق