تبعات مجزرة حمص — نقطة تحوّل محتملة لحكومة سوريا

قتل زوجين بدويين جنوب مدينة حمص هزّ الساحة وهدّد بإشعال موجة جديدة من الصراعات الطائفية داخل البلاد هذا الأسبوع. عُثِر على الجثتين يوم الأحد، وكانا من قبيلة بني خالد السنيّة البارزة، وبالقرب من الجثتين كُتِبَت شعارات طائفية يبدو أنها وُضعت من قبل الجناة.

حالة التوتر في حمص — المدينة المتعدّدة الانتماءات الدينية — ارتفعت بسرعة. تحرّك أفراد من القبيلة ووردت أنباء عن إطلاق نار نحو منازل في أحياء يغلب عليها العلويون، وفي المقابل شهدت اللاذقية وطرطوس احتجاجات واسعة دعا إليها زعيم ديني علوي يوم الثلاثاء في معاقل الأقلية. مع ذلك، تجنّبت سوريا حتى الآن اندلاع موجة عنف طائفي واسعة كما حدث في مناطق ساحلية في مارس أو في السويداء في يوليو خلال الأشهر التي تلت سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024. نشرت قوات من وزارتي الداخلية والدفاع إلى المنطقة وبالتعاون مع بعض وجهاء القبائل هدأت الأوضاع، وفرضت السلطات حظر تجول لاحتواء التوتر.

ما مدى خطورة احتمال تشكّل عنف طائفي واسع؟ وما الذي تفعله الحكومة لدرء ذلك؟ ولماذا تشعر بعض الأقليات بالقلق إزاء مستقبلها؟

ردّ الحكومة
بدا أن السلطات تحرّكت بسرعة لاحتواء التصعيد، خصوصاً بعد ردود الفعل العنيفة من بعض أفراد القبائل تجاه أحياء علويّة في حمص. لم تُعلَن خسائر بشريّة رسمياً، رغم أن منظمات رصد أفادت بوجود عشرات الإصابات. عملت قوات الأمن الحكومية جنباً إلى جنب مع زعماء قبليين لتهدئة الوضع واعتقلت نحو 120 شخصاً تورّطوا في أعمال العنف.

تشير تقارير ميدانية إلى أن الانتشار الأمني أحدث أثره في تفادي اشتباكات عنيفة واسعة، على خلاف ما حدث في الربيع والمواجهات في السويداء، حين شاركت مجموعات قبلية وأطراف مسلحة أدّت إلى موجات عنف واسعة. الحكومة الجديدة تعرضت لانتقادات دولية لقصورها عن منع هجمات سابقة رغم إعلانها فتح تحقيقات، ومع سعي رئيس الجمهورية أحمد الشّراء إلى استعادة شرعية دولية، سارعت السلطات لاتخاذ خطوات تمنع تجدد الاشتباكات.

يقرأ  ٢٨ مشروعًا جديدًا تُصنَّف كـ«قنابل كربونية»منذ ٢٠٢١ وفق منظماتٍ غير حكومية — أخبار أزمة المناخ

في الوقت نفسه حاولت السلطة التشكيك في دافع الطائفية وراء القتل؛ فقال متحدث وزارة الداخلية نور الدين البابا إنّ الرسائل الطائفية التي وُجدت بجانب الجثتين قد تكون زُرعت «لتضليل المحققين وإثارة الفتنة». وكتب قائد الأمن الداخلي في حمص، العميد مرهف الناعسان، على فيسبوك إدانة شديدة للجريمة مؤكدًا أنها تهدف إلى «إشعال الخطاب الطائفي وزرع الفرقة في المجتمع».

الوضع الحالي في حمص
التوتر الطائفي لم يختفِ تماماً، لكن حظر التجول رُفع صباح الثلاثاء. أثناء الانتفاضة التي أدت إلى إسقاط النظام السابق كانت حمص تُعدّ لدى كثير من الناشطين قلب الثورة؛ وكانت فئات واسعة من المجتمع السني تشكو منذ وقت طويل من القمع تحت حكم عائلة الأسد التي تتولى قيادتها أوساط علويّة. تظلّ حمص مدينة متعددة الأديان والاختصاصات، يعيش فيها سنّة وعلويّون ومسيحيون.

منذ انقلاب ديسمبر 2024 أفاد علويون في حمص بتعرضهم لتمييز وعنف وطرد من منازلهم، وبعد أحداث العنف الساحلي في مارس لجأ بعضهم إلى قرى في منطقة عكار اللبنانية.

ماذا جرى في أماكن أخرى من سوريا؟
أثارت أحداث حمص احتجاجات على الساحل المعروف بتواجد أعداد كبيرة من العلويين، خاصة في اللاذقية حيث تجمّع المئات في دوّار الزراعة ودوّار الأزهري وساحة الحمّام، كما نُظمت اعتصامات في حي القصور بمدينة بانياس، وفق تقارير محلية. شهدت جَبْلَة وقَرْدَاحَة وصفّيتا ودريكيش وشيخ بدر اعتصامات طالبت «الحق الإنساني في العيش بأمان وكرامة» وندّدت بـ«قتل العلويين»، بحسب وسائل محلية.

تفاوتت الشعارات بين مطالب بالوحدة الوطنية وبين دعوات إلى شكل من اللامركزية أو الفدرالية، ورفع بعض المحتجين مطالب بالإفراج عن سجناء علويين لدى الحكومة الجديدة. دعا إلى التظاهر رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى غزال غزال مُطالباً أن يكون الاحتجاج سلميًا. في المقابل تظاهر مؤيدون للحكومة في جَبْلَة وبانياس، وأفاد مصدر صحفي بحدوث إطلاق نار من أجل تفريق احتجاجين متقابلين، بينما قالت الحكومة إن «مهاجمين مجهولين أطلقوا النار أيضاً على مدنيين وقوات الأمن».

يقرأ  الجيشُ الإسرائيليُّ ينفّذُ أحدثَ توغّلٍ بريٍّ في جنوبِ سوريا — أخبار حرب سوريا

هل يشكّل هذا نقطة تحوّل للحكومة السورية؟
لا يمكن الجزم بعد ما إذا كانت الحكومة قد نجحت نهائياً في منع جولة جديدة من العنف الطائفي، لكن عدم انزلاق الأوضاع في حمص إلى عنف واسع لعدة أيام يُعدّ بحد ذاته خطوة مهمة نحو استعادة ثقة شريحة من السكان. قالت الباحثة وحقوقية السوريّة لينا غوتوك لقناة الجزيرة إن «التواصل من جانب السلطات كان جيداً. بدا جلياً أن هذا العنف أو هذا الخطاب الطائفي غير مقبول بالمطلق». لكنها أضافت أن هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات لتجريد القبائل من السلاح وإدماجها تحت سلطة قوى الأمن الحكومية، لأن «المشكلة الجذرية لم تُحلّ»، ووجود أسلحة خارج سيطرة الدولة يجعل تكرار حوادث مماثلة أمراً واردا. لم يتم تزويدي بأي نص لترجمته أو إعادة صياغته.
أرجوو إرسال النصّ المراد معالجتهه.

أضف تعليق