نُشِر في ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٥
أفرجت السلطات التونسية عن المحامية البارزة سونيا دهامني، المنتقدة الصريحة للرئيس قيس سعيّد، بعد قضائها نحو سنة ونصف في السجن إثر توقيفها عام ٢٠٢٤ بعد تصريحاتها حول سياسة الحكومة تجاه اللاجئين والمهاجرين الأفارقة. أثارت اعتقالها احتجاجات محلية وانتقادات دولية واسعة.
تُعتبر دهامني، التي تعمل أيضاً كمحللة إعلامية، من أهم الأصوات المعارضة في تونس، وقد أدت تصريحاتها التلفزيونية إلى إدانتِها بتهمة الإساءة إلى الوطن ونشر معلومات كاذبة تُعرِّضه للضرر. عندما سُئلت عما إذا كان بعض المهاجرين سيحاولون البقاء و”غزو” تونس، ردّت: «عن أي دولة استثنائية نتحدث؟ تلك التي يريد نصف شبابها الرحيل؟»
عند خروجها من سجن بمنوبة قرب تونس، هتف عشرات من أقاربها ونشطاء: «انتهى عهد الدولة البوليسية وقمعها». وقالت للصحفيين إنّها امل أن يكون هذا الإفراج “نهاية الكابوس بالنسبة لي ولكل السجناء الآخرين.”
محاميها، سامي بنغازي، أفاد بأن وزير العدل أصدر أمراً بالإفراج بموجب نظام يتيح للمحبوسين تقديم طلبات إطلاق سراح بعد انقضاء نصف مدة محكومياتهم. ونَشَدَت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالإفراج عن دهامني ودعت إلى إطلاق سراح باقي الصحفيين المعتقلين.
منظمات حقوقية محلية ودولية اعتبرت سجن دهامني مؤشراً على اتساع حملة القمع تجاه الأصوات المعارضة في البلاد. منذ تجميد البرلمان في يوليو ٢٠٢١ وتوسيع صلاحيات الرئاسة لتمكين الحكم بمرسوم، زجّت السلطات بعدد من منتقدي الرئيس في السجون. كما سُوّغت كثير من الصلاحيات التي احتفظ بها سعيّد لنفسه بدستور جديد أُقرّ عبر استفتاء قاطعته شريحة واسعة من المواطنين عام ٢٠٢٢، في حين خضع قادة فاعلون في الإعلام والمحامون الذين ينتقدون السلطة للملاحقات تحت ما يُعرف بـقانون «الأخبار الكاذبة» الصادر عام ٢٠٢٣.
يؤكد سعيّد أن إجراءاته قانونية وتهدف إلى إنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري.
حملة القمع الواسعة
أفادت منظمة العفو الدولية هذا الشهر أن حملة على منظمات حقوقية بلغت مستويات حرجة، شملت اعتقالات واحتجازات تعسفية، وتجميد أصول، وقيوداً مصرفية، وتعليق نشاطات استهدفت ١٤ جمعية. كما وثقت هيومن رايتس ووتش وقوع أكثر من خمسين حالة توقيف أو ملاحقة تعسفية بحق سياسيين ومحامين وصحفيين ونشطاء منذ أواخر ٢٠٢٢ لممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع والنشاط السياسي.
في بداية مرحلة سعيّد، تم توجيه الحملة بشكل خاص ضد حزب النهضة. وأصدرت محاكم تونسية أحكاماً بالسجن بحق زعيم النهضة، راشد الغنوشي، في قضايا قال أنصاره إنها ذات طابع سياسي. ولم تسلم أيضاً قيادات كانت قريبة من سعيّد من ملاحقات؛ فقد حُكم على نادية عكاشة، رئيسة ديوانه السابقة التي كانت تُعتبر من أقرب مستشاريه، بالسجن لمدة ٣٥ عاماً غيابياً في يوليو.