كيف أحارب النظام السجني الأمريكي من الداخل

منذ سنوات، وفي زنزانة احتجاز مقاطعية، صادفت قصيدة لديلان توماس لم أفهمها تمامًا آنذاك. كانت كلماتها تقول: «لا تذهب هادئًا إلى تلك الليلة الطيبة… اغضب، اغضب ضد احتضار النور.» جذبني إيقاعها وإلحاحها، لكنني لم أعرف بعد ما يعنيه أن تغضب من داخل جوف الوحش.

عما قليل، تعلمت.

عندما لا تكفي التعليم
دخلت دراسة القانون بينما كنت في العزل الانفرادي بمركز تصحيح مقاطعة هادسون في كيرني، نيوجيرسي. كنت في الخامسة والعشرين من عمري: متعلمًا، ذكيًا في الشارع، مسافرًا، قارئًا نهمًا، وأدير مشروعًا ناجحًا لبيع الهواتف والحواسيب. ومع ذلك، كانت لغة الجلسات القضائية تبدو لي كلغة غريبة يتقنها الآخرون بطلاقة. سألت محاميّ بعض الأسئلة، لكني لم أصرّ — كنت جديدًا، وثقتُ بهم.

كان خطأً ما يزال يطارِدني. لو علمت لما أعلم الآن، لكنت ألححت على استراتيجيات دفاع مختلفة في المحكمة. لو فعلت، لا أعتقد أنني كنت سأنال حكمَي مؤبد متتاليين — مئة وخمسون سنة في السجن.

المنظومة تريدك أن تجلس، تصمت، وتلتزم. لكن كل زلة تُعلّق حول عنقك كما لو كانت حبلًا. وإذا فشل محاميك في الدفاع عنك، فالنقض يبدأ عادة من فرضية «استراتيجية محاكمة معقولة»، أي أنهم يرفضون النظر إلى أن المحامي قد تقصّر أساسًا.

إلى مكتبة القانون: لا مُنقذين، بل استراتيجيات
عندما وصلت إلى سجن ولاية نيوجيرسي في ترينتون عام 2005، قال لي سجين أكبر سنًا: «وظيفتك أن تتجنب المتاعب، تبقى حيًا، وتحارب من أجل حياتك. لا مُنقذين. اذهب إلى مكتبة القانون وتعلّم.» فالتزمت.

انضممت إلى رابطة السجناء القانونيين، وهي مجموعة شبه قانونية يديرها النزلاء. درّبوني، وصرت مساعدًا قانونيًا غير معتمد. سرعان ما بدأت قضيتي القانونية الخاصة وشرعت بمساعدة آخرين. أول انتصار كان طلبًا إجرائيًا أعاد زميلًا إلى قاعة المحكمة؛ تلك الذاكرة ما زالت كالدرع في نفسي. مساعدة غيري منحَت المعركة معنىً.

يقرأ  إسرائيل تطلب من الطواقم الطبية الاستعداد لإخلاء مدينة غزة

جاء فوز آخر في محكمة الهبياس الفيدرالية حين أردت الطعن في إدانتِي. رُفضت عرائضي، فسحبت استئنافًا. وثقت في بحثي، وقدمت الطعن، وفزت — رغم أن النتيجة لم تستمر ورفض الطلب لاحقًا. لكنها كانت رسالة: بالإمكان الردّ والدفع.

المقاومة الخفية خلف القضبان
هكذا يعيش من يمثّل نفسه أمام القضاء — المصطلح اللاتيني pro se يعني «نفسه». التمثيل الشخصي نادرًا ما يكون خيارًا حقيقيًا؛ في أغلب الأحيان، هو ضرورة. استأجرت محاميًا خاصًا، وكلّفتني الدولة بمحامٍ ثانٍ للمحاكمة والاستئناف الأولي. بعدها أصبحت بمفردي؛ لم أستطع تحمّل تكاليف تمثيل إضافي. ولستُ وحدي.

يقدّم المسجونون عشرات الآلاف من الطلبات القضائية بأنفسهم سنويًا. بيانات المحاكم الأميركية بين 2000 و2019 تُظهر أن 91٪ من التحديات القانونية المقدمة من النزلاء كانت pro se. وهذا ليس جديدًا؛ تقرير مكتب إحصاءات العدالة في منتصف التسعينيات أشار إلى أن 93٪ من طلبات الهبياس الفيدرالية المقدمة من سجناء الولايات كانت أيضًا دون تمثيل.

تؤكد هذه الأرقام ما نعيشه: التمثيل القانوني ينتهي عمليًا بعد الاستئناف الأول، ومن ثم نواجه النظام بلا تدريب، بموارد محدودة، وبحواجز كاسحة.

صوت من تحت الأرض القانونية
خذ مثال مارتن روبليس، بورتوريكي في الثانية والخمسين أمضى ما يقارب ثلاثين سنة في السجن. عندما انقطع عنه التمثيل المعين، تولى مارتن إدارة استئنافاته بنفسه. قال لي: «المحاكم لا تلتزم بقواعدها. لا تُحاسب النيابة كما تُحاسبنا. نحن نحرم من الاستئناف لأننا نتأخر ساعة، أماهم فلهم هامش لا محدود.»

المحاكم لا تأخذ بعين الاعتبار صعوبات التواصل مع المساعدين القانونيين أو البحث في السوابق لإعداد المذكرات. الوصول إلى مكتبة القانون محدود: علينا طلب تصريح للزيارة خلال دورية وحدة السكن الأسبوعية، لكن التصاريح معدودة، وأحيانًا ننتظر أسابيع. تفرض المحاكم مهلًا زمنية على النزلاء قد يكون الوفاء بها مستحيلًا، دون مراعاة لقيود السجن. كان أحد الأصدقاء مُطلَبًا منه أن يقدّم مذكرة خلال شهر، لكنه لم يُسمح له بدخول المكتبة لأن ذراعَه مكسورة والجبيرة اعتُبرت سلاحًا محتملاً. دون المكتبة لم يستطع الاستعانة بالمساعدين القانونيين أو المراجع أو الحواسيب لكتابة مذكرته. انقضت المهلة، كتب للقاضي يشرح حاله، فلم يُمنح تمديدًا.

يقرأ  مخطط زمني: ٢٦ عاماً من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا — أخبار النزاع

حوّل مارتن غضبه إلى فعل؛ «أبدأ أول دورة قانونية باللغة الإسبانية في سجن ولاية نيوجيرسي،» قال. «متطوعة. أفعلها من أجل الناس. سئمتُ من استغلالهم.»

عندما لا يشتري المال الحماية
كاشف حسن، 39 عامًا، دخل النظام وبيده شهادة ماجستير واستأجر محامين خاصين. «أخذت أرمِ المال على المحامين واعتقدت أنني بأمان،» قال. «لكن استُغليت وتعرضت للتدافع. لم أقاتل في وقت مبكر بما يكفي.»

في النهاية التقط كاشف كتبًا قانونية وتولّى مستقبله. «أول فوز كان طلب كفالة في سجن المقاطعة.» أضاف: «إن لم تقاتل بنفسك، لن يفعل أحد. التقاضي الشخصي ينجح إذا عرفت ما تفعل. لكن المحاكم تعاملنا كمبتدئين، كأننا لا نُحتَسب.»

محامٍ لم يُعدّ دفاعًا
تومي كوسكوفيتش، 47 عامًا، اعتُقل وهو لا يزال في المدرسة الثانوية. «سخَرَ مني محاميّ،» تذكر. «قال إن مكتب الدفاع العام لا يدفع له كفاية، فلم يُعِدّ دفاعًا. عندما رفضت صفقة الإدعاء قال: ‘لم أعد دفاعًا من أجلك.’» تومي خسر بعد ذلك كل استئنافاته، لكنه يسعى الآن إلى ما تبقى من خياراته: طلب لإلغاء الحكم ومنح رحمة رئاسية.

النصّ هنا ليس مجرد سرد لحالات فردية، بل شهادة على منظومة تُسلب الناس وسائل العدالة تدريجيًا. ومن داخل هذه القيود، تتكوّن مقاومة يومية تتخذ شكل قراءة، بحث، وكتابة — واستراتيجية بسيطة لكنها مُثبتة: إن لم تدافع عن حياتك، فلن يدافع عنها أحد. كما تقدّم أيضاً بطلب للعفو عبر مبادرة العفو الجديدة في نيوجيرسي.

طوال العملية تعلّم تومي تمييز المسائل القانونية. «أحياناً لا تنظر المحاكم في مسألتك بجدية إلا بعد أن ترفعها بنفسك»، قال. «هكذا حدثت قضية State v Comer، حين أثار السجين المسألة بنفسه.»

كان جيمس كومر في السابعة عشرة عندما أُدين بجريمة قتل جنائية وجرائم أخرى بعد أن نفّذ عدة عمليات سطو مسلحة مع اثنين آخرين عام 2000. حُكم عليه بالسجن حتى سن الخامسة والثمانين. وعلى الأرجح كان سيموت خلف القضبان، لكنه قضى قضيته مع محاميه أمام محكمة نيوجيرسي العليا فأُعيد تحديد عقوبته، وأُطلق سراحه في أكتوبر بعد أن أمضى 25 عاماً.

يقرأ  المحكمة البولندية ترفض تسليم مواطن أوكراني إلى ألمانيا بتهمة تورطه في تفجيرات نورد ستريم — أخبار الحرب الروسية الأوكرانية

يعكس مارتن وكاشيف وتومي ما يعرفه كثيرون منا خلف الجدران: النظام ليس مصمّماً للعدالة — بل للإدانة. بمجرد انتهاء الاستئنافات الأولية، تصبح وحيداً.

كل خطأ ترتكبه يُعاقَب. كل زلة تُستغل لإحكام الباب أكثر.

النضال القانوني هو أيضاً نضال أخلاقي

ومع ذلك، نقاتل. نكتب على كراسي مكسورة تحت أضواء وامضة. نعلّم الآخرين كيف يقدمون المذكرات، كيف يتنقلون بين السوابق، وكيف يفكّون شيفرة المصطلحات القانونية.

أما أنا فأتولى إعداد طلب لاختبار الحمض النووي لإثبات براءتي، وطلب بديل لإلغاء حكمي. لكن هناك قضايا معلّقة أمام محكمة نيوجيرسي العليا قد تفيد قضيتي، فأنا أنتظر نتائجها.

لأننا لا نصمت.
لا نستسلم بهدوء لتلك الليلة.
نثور — ضد الإدانات الخاطئة، ضد المحاكم اللامبالية، وضد نظام يأمل أن نتخلا.
نثور حتى عندما لا يرانا أحد.
حتى عندما لا يؤمن بنا أحد.
حتى عندما تكون الانتصارات ضئيلة.

الغضب، بعد كل شيء، هو أمل في حركه.

هذه القصة الأولى في سلسلة من ثلاث قصص عن كيف يواجه السجناء النظام القضائي الأميركي بالقانون، ومهارات البقاء داخل السجن، والتعليم الذي انتُزع بصعوبة.

أضف تعليق