الملخص
تواجه الادارة ترامب عاصفة سياسية وقانونية بعد تقارير تفيد بأن القوات الأميركية نفّذت ضربة ثانية على زورق في البحر الكاريبي قالت واشنطن إنه كان يحمل مخدّرات، بعدما نجى شخصان من الهجوم الأول. السؤالان المحوريّان الآن: من أعطى أوامر الضربة الثانية في سبتمبر، وهل كانت قانونية؟
ماذا حدث؟
في 2 سبتمبر 2025، نفّذت القوات الأميركية ضربة أثناء عملية “الرمح الجنوبي” في البحر الكاريبي، وهي حملة وصفها البيت الأبيض بأنها تهدف إلى تفكيك شبكات تهريب المخدّرات. الضربة الأولى دمرت الزورق وأسفرت عن مقتل تسعة أشخاص، بينما بقي اثنان متشبّثين بحطام السفينة.
بحسب تقارير منظمات إخبارية ومنها واشنطن بوست، نقلت الصحافة عن مراجع أن وزير الدفاع بيت هيغسث أعطى توجيهاً شفهياً وورد في التقريير وصفٌ بأنه أمر “بقتل الجميع”. القائد الميداني للبعثة، الأدميرال فرانك برادلي، أصدر بعدها أمراً بتنفيذ ضربة ثانية أودت بحياة الناجين الاثنين. الخبراء الحقوقيون والعسكريون وصفوا الضربة الثانية — ما يُعرف اصطلاحاً بـ”الهجوم المزدوج” — بأنها قد تكون مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وأثارت تنديداً ليس فقط من الديموقراطيين بل من عدد من الجمهوريين في الكونغرس الذين تعهّدوا بإجراء تحقيقات.
الردّات السياسية والمساءلة
لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ، التي يهيمن عليها الجمهوريون، أعلنت أنها ستشدد رقابتها على العملية. رئيسا اللجنة، الجمهوري روجر ويكر والديموقراطي جاك ريد، أوضحا أن اللجنة أحالت استفسارات إلى وزارة الدفاع وستجري تحقيقات دقيقة لتحديد الوقائع. لجنة الشؤون العسكرية في مجلس النواب أيضاً طالبت بـ”حسابٍ كامل” للعملية المعنية وطلبت الحصول على تسجيلات صوتية وأدلة أخرى لتوضيح كيف جرى إصدار الأوامر.
الحصيلة الأوسع
حتى الآن، أسفرت العملية الأميركية الأوسع في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ عن مقتل أكثر من ثمانين شخصاً واستهداف أكثر من عشرين زورقاً.
ماذا قال بيت هيغسث؟
هيغسث نفى التقارير وشنّ هجوماً عليها واصفاً إياها بأنها “أخبار كاذبة”، مؤكداً أن الضربات كانت متوافقة مع قانون النزاعات المسلحة وراجعة إلى مشورة مستشارين عسكريين ومدنيين مختصّين. وفي الوقت نفسه برّر ما حصل بالقول إن الهدف هو إيقاف تدفّق المخدّرات المميتة وتدمير زوارق التهريب وقتل “المتاجرين” المرتبطين بمنظمات صنّفتها واشنطن كمؤسسات إرهابية. هذا السرد جاء بعد أن صنّفت الادارة سابقاً عصابات فنزويلا مثل “ترين دي أراغوا” كمنظمة إرهابية واتّهمت نظام مادورو بالمسؤولية عن شبكة تُعرف في خطاب بعض المسؤولين باسم “كارتل ديلوس سوليس”، في حين تبيّن سجلات وكالة مكافحة المخدّرات الأميركية أن مصادر المخدّرات الرئيسية الواردة إلى الولايات المتحدة من دول أخرى، وأن أجهزة الاستخبارات لم تتوصل إلى رابط مباشر بين زعماء تلك العصابات ورئيس فنزويلا.
التصريحات بين الرئيس ومكتب الصحافة
أجاب الرئيس دونالد ترامب على أسئلة صحفيين على متن “إير فورس وان” بأنه سيتابع التقارير لكنه أضاف أنه “لم يكن يرغب في حدوث ذلك — ليس الضربة الثانية” ونقل أنه تلقى من هيغسث تأكيداً بأنه لم يأمر بقتل الرجلين. في المقابل، متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت دافعت عن الضربة الثانية، ووصفتها بأنها فعل دفاعي لحماية المصالح الأميركية والرعايا، وأنها نفّذت في مياه دولية ووفق قواعد القانون الدولي.
من أعطى التفويض؟
أوضح البيت الأبيض أن وزير الدفاع فوّض الأدميرال برادلي بتنفيذ الضربات الحركية، أي منح القائد الميداني تفويضاً عاماً لتنفيذ هجمات ضد الهدف إذا لزم الأمر. فيما شدّدت المتحدثة على أن قرار تنفيذ الضربة الثانية كان قراراً من الأدميرال برادلي نفسه، وأنه تصرّف “ضمن صلاحياته وبما يتوافق مع القانون”. «هو وجّه الاشتباك لضمان تدمير القارب ولإلغاء تهديد الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات تجاه الولايات المتحدة تمامًا»، قالت.
الأدميرال فرانك “ميتش” برادلي، القائد القادم لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية (USSOCOM)، يلقي كلمة خلال مراسم تسليم القيادة في تامبا بولاية فلوريدا، الولايات المتحدة، ٣ أكتوبر ٢٠٢٥ [رويترز]
لماذا يهم سؤال من أصدر الأمر
بحسب خبراء، فإن الضربة الثانية التي أودت بحياة الناجين كانت غير قانونية.
«بدلاً من مراعاة الإجراءات القانونية وبدء ملاحقة جنائية، اختارت إدارة ترامب أن تكون القاضي والهيئة المحلّفة والمنفذ، وبادعائها فقط أن هؤلاء الأفراد يحملون مخدرات، أمرت بقتلهم، وهو قتل خارج نطاق القضاء، أي جريمة قتل»، قالت ريتشيل فانلاندهام، خبيرة عسكرية في كلية الحقوق بجامعة ساوثرن وسترن، لقناة الجزيرة.
«تلك الضربة الثانية ضد أفراد غرقى، متشبثين بيأس بجانب حطام قواربهم — هذا جريمة حرب. إنها جريمة حرب لأن هؤلاء الغرقى لهم وضع محمي بموجب القانون ما لم يكونوا، على سبيل المثال، يطلقون النار على شخص. وإلا فهم محميون»، أضافت.
قانونياً، لا يمكن للولايات المتحدة استخدام القوة إلا إذا كان هناك تهديد حقيقي، لذا فإن تحديد صاحب القرار أمر اساسي للحكم ما إذا كانت الضربة امتثلت للقواعد، بحسب الخبراء.