لماذا يهددُ الرئيسُ الأميركيُّ ترامبُ رئيسَ فنزويلا مادورو؟

يتصاعد الضغط الأميركي على زعيم فنزويلا نيكولاس مادورو، حيث ضاعفت إدارة ترامب مكافأة المعلومات التي قد تؤدي لإلقاء القبض عليه، ونشر أسطولًا من السفن الحربية على مقربة من السواحل الفنزويلية. ونفذت القوات ضربات على زوارق اتُهمت بتهريب مخدرات، أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص.

في اتصال هاتفي جرى في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، نقلت تقارير عن تهديد تلقاه مادورو بطردٍ فوري من البلاد إن لم يغادر مع عائلته المقربة خلال مهلة أسبوع.

من هو نيكولاس مادورو؟
صعد مادورو إلى الواجهة السياسية تحت راية الرئيس اليساري الراحل هوغو شافيز وحزب الوحدة الاشتراكي (PSUV). كان سائق حافلة وزعيمًا نقابيًا قبل أن يخلف شافيز ويتولى رئاسة البلاد منذ 2013. على مدى نحو ربع قرن هيمنت قيادة الحزب نفسه على مؤسسات الدولة الأساسية، من البرلمان إلى جزء كبير من السلطة القضائية والمجلس الانتخابي.

في انتخابات 2024 أعلن المجلس الانتخابي فوز مادورو بالرئاسة، رغم أن فرزًا أجراه المعارضون أظهر فوز مرشحهم إدموندو غونزاليس بفارق كبير. أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى أن الانتخابات لا تملك شرعية، واعترفت بغونزاليس “رئيسًا منتخبًا”، لكن سيطرة مادورو المحكمة على الجيش والشرطة والسلطات التشريعية أبقتَه في السلطة، بينما تقمص غونزاليس المنفى هربًا من مخاطر الاعتقال.

لماذا يركز ترامب على فنزويلا؟
جعل ترامب مكافحة الهجرة أولوية في ولايته الثانية، ويتهم مادورو بأنه سبب تدفق أعداد كبيرة من الفنزويليين إلى الولايات المتحدة. منذ 2013 يقدَّر أن نحو ثمانية ملايين فنزويلي نزحوا هربًا من الانهيار الاقتصادي والقمع السياسي، وأكثرهم اتجهوا إلى دول أميركا اللاتينية فيما ذهب مئات الآلاف إلى الولايات المتحدة.

ومن دون تقديم دلائل قاطعة اتهم ترامب مادورو بأنه “أفرغ السجون والمستشفيات العقلية” و”أجبر” نزلاءها على الهجرة إلى الولايات المتحدة. كما ركز على مكافحة تدفق المخدرات، لا سيما الفنتانيل والكوكايين، وصنفت إدارته منظمتين إجراميتين فنزويليتين — Tren de Aragua وCartel de los Soles — كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين، مدعية أن الأخيرة يقودها مادورو شخصيًا. نفى مادورو هذه الاتهامات واعتبر أن “حرب المخدرات” مبرر لتدخل أميركي وسعي للسيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في بلاده.

يقرأ  كوريا الشمالية تختبر صواريخ كروز خلال زيارة ترامب إلى كوريا الجنوبيةأخبار الأسلحة النووية

يرى محللون أن تسمية “كارتل الشمس” أو “كارتل السول” ليست تنظيماً هرميًا موحدًا، بل مصطلحًا واسعًا يصف مسؤولين فاسدين سمحوا بمرور شحنات الكوكايين عبر أراضي فنزويلا.

لماذا أرسلت الولايات المتحدة سفنًا حربية إلى الكاريبي؟
نشرت واشنطن 15 ألف جندي وسلسلة من حاملات الطائرات ومدمرات مزودة بصواريخ وسفن إنزال إلى البحر الكاريبي، في أكبر انتشار عسكري منذ غزو بنما عام 1989، وأعلنت أن الهدف وقف تدفق الفنتانيل والكوكايين إلى الولايات المتحدة. منذ أوائل أيلول/سبتمبر شنت قوات أميركية أكثر من 20 عملية استهداف في المياه الدولية ضد زوارق اتُهمت بنقل مخدرات، وأسفرت عنها حالات وفاة تجاوزت الثمانين.

تقول الإدارة الأميركية إنها تخوض نزاعًا مسلحًا غير دولي مع مهربي المخدرات الذين تتهمهم بخوض حرب غير نظامية ضد الولايات المتحدة، ووصفت من كانوا على متن هذه القوارب بـ”الإرهابيين التابعين لعصابات المخدرات”. لكن خبراء قانونيين يرون أن هذه التوصيفات لا تحول المدنيين إلى أهداف عسكرية مشروعة، وأن بعض الضربات قد تندرج ضمن هجمات منهجية ومخططة تستهدف مدنيين في زمن السلم، وفق ما أكد عليه مسؤول سابق في المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وفي إستجابة للانتقادات قال البيت الأبيض إن تصرفات الرئيس ترامب تمت وفق قوانين النزاع المسلح لحماية الأميركيين من شبكات تهدد حياة المواطنين.

هل تُعد فنزويلا مصدرًا رئيسًا للمخدرات المتدفقة إلى الولايات المتحدة؟
يرى خبراء مكافحة المخدرات أن دور فنزويلا يقتصر في الغالب على كونها بلد عبور نسبيًا، حيث تمر عبرها مخدرات تُنتج في مناطق أخرى في طريقها إلى وجهاتها النهائية. جارتها، كولمبيا، هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، لكن معظم الإنتاج يُهرَّب إلى الولايات المتحدة عبر طرق أخرى، لا سيما عبر المحيط الهادئ. وفق تقرير لإدارة مكافحة المخدرات الأميركية عام 2020، يُقدَّر أن نحو ثلاثة أرباع الكوكايين المتجه إلى الولايات المتحدة يُهَرَّب عبر مسارات المحيط الهادئ، في حين تشكل الزوارق السريعة في الكاريبي نسبة صغيرة فقط.

يقرأ  ترامب يأمر بعزل عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كوك إثر اتهامات بالاحتيال في القروض العقارية — اقتصاد

حتى أن الفنتانيل يُنتَج غالبًا في المكسيك ويصل إلى السوق الأميركي عمليًا عبر الحدود البرية الجنوبية للولايات المتحدة، لا عن طريق زوارق بحرية بشكل رئيسي، رغم تصريحات ترامب في سبتمبر بأن بعض القوارب “معبأة بأكياس من مسحوق أبيض أغلبه فنتانيل ومخدرات أخرى”.

هل قد تشن الولايات المتحدة ضربات على فنزويلا نفسها؟
أكد ترامب أنه تحدث هاتفياً مع مادورو في 21 نوفمبر، ونقلت وكالات أنباء عن أنه منح مادورو مهلة أسبوعًا لمغادرة البلاد مع أسرته المقربة، ولم يقبل مادورو عرض مرور آمن. بعد انقضاء المهلة بيوم واحد أعلن ترامب إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا.

هدد الرئيس سابقًا باتخاذ إجراءات ضد مهربي المخدرات “براً”، من دون أن يوضح كيف ستُنفَّذ عملية من هذا النوع. كما لم تستبعد المتحدثة باسم البيت الأبيض احتمال إرسال قوات برية أميركية إلى فنزويلا، قائلة للصحفيين إن “هناك خيارات متاحة على الطاولة” لدى الرئيس، من دون تفصيل. ويرى محلّلون عسكريون أن الانتشار الأميركي في الكاريبي أكبر بكثير مما يتطلبه إجراء لمكافحة المخدرات فحسب.

أضف تعليق