توترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا: إجابات على أسئلتكم | أخبار دونالد ترامب

في الأشهر الأخيرة تصاعدت مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى حدّ تشكّل نمطٍ من الهجوم المتواصل، متّهماً إياه بتغذية شبكات تهريب المخدّرات ودفع موجات هجرة جماعية من فنزويلا إلى الولايات المتحدة.

اجتماعات أمنية ومثلت ردود فعل متصاعدة
التقارير الإعلامية تشير إلى أن ترامب عقد اجتماعًا مع فريقه للأمن القومي لمناقشة «الخطوات التالية» بشأن فنزويلا، بينما استمر نشر تحركات عسكرية أميركية في البحر الكاريبي، ما أثار مخاوف جدّية من احتمال انزلاق التوترات إلى صراع مسلح. من جهة أخرى، أكّد مادورو أمام حشد عند قصر ميرافلوريس رغبته في السلام مع واشنطن، لكنه شدّد أن ذلك لا يكون إلا بشرط السيادة والمساواة والحرية: «لا نريد سلام العبيد ولا سلام المستعمرات».

هل بات انهيار العلاقات مقدّمة لحرب؟
في الأسابيع الأخيرة أقرّ ترامب تفويض وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) للقيام بعمليات سرية داخل فنزويلا، ونشر حاملة الطائرات الأكبر في العالم USS Gerald R. Ford، إلى جانب آلاف الجنود وطائرات F‑35 في البحر الكاريبي. كما ألمح إلى احتمال شن ضربات برّية على الأراضي الفنزويلية، بينما رأت دوائر مراقبة أن تحرّكاته قد تشكّل تمهيدًا لعمل عسكري أوسع؛ غير أنه طلب من الصحافيين أخيرًا عدم استنتاج أي شيء مبكرًا من تحركاته. ردّ فنزويلا كان بتكثيف المناورات العسكرية استعدادًا لأي هجوم محتمل.

السياق التاريخي والدوافع
عرضُ القوة الأميركية يذكّر بتاريخ طويل من التدخّلات في أميركا اللاتينية، والتي حملت دومًا مخاوف من نفوذ قوى معادية قرب الحدود الأميركية. العلاقات بين واشنطن وكاراكاس شهدت توتراً ممتدّاً منذ تسلّم هوغو تشافيز السلطة، وتفاقمت بعد وفاة تشافيز وصعود مادورو. في الآونة الأخيرة ركّزت واشنطن على ضربات تستهدف ما تصفه بزمر تهريب مخدرات فنزويلية في مياه الكاريبي، واتهم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مادورو بقيادة ما أُطلق عليه «منظمة نيكوتيرورستية» اسمها Cartel de los Soles، متّهمًا إياه بتصدير المخدرات إلى الولايات المتحدة وأوروبا، من دون تقديم أدلة قاطعة. بعض الخبراء يرون أن تسمية «كارتل» بهذه الصيغة لا تعبّر بدقة عن واقع تركيبات السلطة في فنزويلا. من جانبه، يتهم مادورو واشنطن باستخدام حملة الحرب على المخدرات ذريعةً لتغيير النظام والاستحواذ على موارد فنزويلا النفطية.

يقرأ  الولايات المتحدة تُلغي وضع الحماية المؤقتة عن السوريينأخبار

الإجراءات الأميركية الميدانية والسياسية
نشرت الولايات المتحدة نحو 15 ألف جندي في المنطقة وأرسلت حاملة طائرات، كما نفّذت ما لا يقل عن 21 غارة على زوارق يُزعم أنها متورطة بتهريب المخدرات في الكاريبي والمحيط الهادئ منذ سبتمبر، أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص — تقديرات تشير إلى ما يصل إلى 83 قتيلاً. يصف محلّلون عسكريون القوة المجمّعة بأنها أضخم بكثير مما تتطلبه مهمة مكافحة تهريب المخدرات، بينما تؤكّد كاراكاس أن الهدف هو قلب النظام والسيطرة على الثروات الطبيعية.

على الصعيد القضائي، أصدر قاضٍ في ولاية ديلاور أمرًا ببيع شركة النفط الفنزويلية Citgo — التابعة لشركة PDVSA المملوكة للدولة والمقيمة في هيوستن — لسداد ديون متخلّفة، وهو قرار دانته فنزويلا باعتباره «بيعًا قسريًا» يحرم البلاد من إيراداتٍ أجنبية حيوية. كذلك أعلن ترامب أن الأجواء الفنزويلية «مغلقة» في 29 نوفمبر، بعد تحذير من إدارة الطيران الفيدرالية بشأن وضعٍ جوي محتمل الخطورة. هذه التحركات تتناقض مع شعاراته السابقة عن معارضته «الحروب الأبدية» وتدل على استعداد لتصعيد المواجهة.

الشرعية القانونية للعمليات البحرية
أدان عدد من الأكاديميين القانونيين الضربات الأميركية في المياه الدولية واعتبروها غير متوافقة مع القانون الدولي والقانون الداخلي الأميركي، وتحقق الكونغرس في واقعة قد تكون تضمنت هجومًا ثانياً أدى إلى مقتل ناجين من هجوم سابق. وقد عبّر أمين عام الأمم المتحدة عن أن تلك الضربات «غير متسقة مع القانون الدولي» وأبدى قلقه من التصعيد المتبادل.

حلفاء فنزويلا الإقليميون والدوليون
تستند شبكة دعم فنزويلا السياسية إلى تحالفات راسخة مع دول ترفض النفوذ الأميركي في المنطقة. روسيا تُعتبر الداعم الأبرز على الصعيد الجيوسياسي وتوفّر تعاونًا عسكريًا ودبلوماسيًا، بينما تُعدّ الصين أكبر مشترٍ لنفط فنزويلا وتقدّم دعمًا اقتصاديًا. تتعزّز العلاقات مع إيران على أساس موقفٍ مشترك من الغرب وسعيٍ متبادل لخيارات بديلة تحت وطأة العقوبات. إقليميًا، تحافظ كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا على تحالفات أيديولوجية مع كاراكاس وتدافع عنها في الأطر الإقليمية مثل ألبا وبتروكاريبي. أما البرازيل وكولومبيا، فمع أنهما تديران حكومات يسارية حالياً، فقد رفضتا الاعتراف بإعادة انتخاب مادورو عام 2024 لكنها أبدت قلقها من التهديدات العسكرية.

يقرأ  في جلسة مجلس الأمن: تصاعد الخلاف بين الغرب وروسيا حول انتهاكات المجال الجوي للناتو — أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

لماذا لا تعكس الثروة النفطية ثروة البلاد؟
تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم — نحو 303 مليارات برميل وفقَ تقديرات 2023 — لكنها صدّرت في ذلك العام نحو 4 مليارات دولار فقط من النفط الخام، رقم متدنٍ للغاية مقارنةً بمنتجين كبار، ويرجع ذلك إلى مزيج من عقوبات أميركية أعيد فرضها خلال ولاية ترامب الأولى، وضعف استثمارات البنية التحتية لشركة PDVSA، وسوء الإدارة والتقادم التقني. بيانات مرصد التعقيد الاقتصادي تشير إلى أن صادرات فنزويلا من الخام في 2023 لم تتجاوز نحو 4.05 مليار دولار، مقابل صادرات ضخمة لدى دول مثل السعودية (181 مليار دولار) والولايات المتحدة (125 مليارًا) وروسيا (122 مليارًا). أدّت العقوبات أيضًا إلى رفع كلفة الواردات، مما فاقم نقص السلع والتضخم المفرط؛ صندوق النقد الدولي يتوقّع أن يبلغ معدل التضخم نحو 600 بالمئة في العام المقبل. أدّت الأزمة الاقتصادية، التي تفاقمت بفعل العقوبات الأميركية، إلى نزوح ملايين الأشخاص إلى دول الجوار خلال السنوات الأخيرة.

في عام 2024 بلغ الناتج المحلي الإجمالي لفنزويلا نحو 119.8 مليار دولار، ما يضعها ضمن أصغر اقتصادات أميركا اللاتينية. وتعود هشاشة الاقتصاد الفنزويلي إلى سنوات من العقوبات القاسية وإلى اعتماده الكبير على عوائد النفط.

ما كان الرد الدولي؟
في 30 نوفمبر دعا الرئيس نيكولاس مادورو منظمة الدول المصدِّرة للنفط (أوبك) إلى مساعدة بلاده في التصدي لـ«التهديدات المتزايدة وغير القانونية» الصادرة عن ادارة ترامب. وفي رسالة موجهة إلى أعضاء المنظمة كتب مادورو: «آمل أن أتمكن من الاعتماد على أقصى جهودكم لوقف هذا العدوان المتصاعد». وحتى الآن لم يصدر عن دول المنظمة رد علني.

في 25 نوفمبر قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لشبكة سي إن إن إن ترامب «لا يفكر في ديمقراطية فنزويلا، ناهيك عن مكافحة تهريب المخدرات»، مشيراً إلى أن جزءاً ضئيلاً فقط من تجارة المخدرات العالمية يمر عبر ذلك البلد الكاريبي.

يقرأ  هل يشنُّ ترامبُ سباقَ تسلُّحٍ نوويٍّ جديدًا مع إجراءِ الولاياتِ المتحدةِ أولَ اختباراتٍ نوويةٍ منذَ ٣٣ عامًا؟— أخبارُ الأسلحةِ النووية

ما الذي قد يحدث لاحقاً؟
في 17 نوفمبر، عندما سئل عن احتمال نشر قوات أميركية على الأراضي الفنزويلية، قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: «لا أستبعد ذلك. لا أستبعد أي شيء. علينا فقط أن نعتني بفنزويلا».

ثم ذكرت رويترز يوم 21 نوفمبر أن ترامب عرض على مادورو ممرّاً آمناً لمغادرة فنزويلا خلال مكالمة هاتفية. وبحسب التقرير فإن مادورو أبلغ ترامب استعداده للمغادرة شريطة منح عفو قانوني كامل له ولأفراد أسرته.

وطلب الرئيس الفنزويلي أيضاً رفع العقوبات عن أكثر من مئة مسؤول حكومي فنزويلي، متهمين من قبل الولايات المتحده بانتهاكات حقوق الإنسان أو الاتجار بالمخدرات أو الفساد. رفض ترامب معظم تلك المطالب خلال المكالمة، لكنه أخبر مادورو أن أمامه أسبوعاً لمغادرة البلاد إلى الوجهة التي يختارها برفقة أفراد أسرته. ولم تتمكن قناة الجزيرة من التحقق من التقرير بصورة مستقلة.

أضف تعليق