واشنطن — وصفت لجنة بالبيت الأبيض تشرف على تنظيم كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة الحدث بأنه «لحظة عالمية للوحدة».
قال أندرو جولياني، المدير التنفيذي لفريق عمل البيت الأبيض الخاص بكأس العالم، للصحفيين يوم الأربعاء: «نريد أن نضمن أن نكون مرحبين إلى أقصى حد ممكن». وركّز على جهود وزارة الخارجية لتقليل أوقات الانتظار لمقابلات تاشيرات الزوار كي يتسنّى لمشجّعين من أنحاء العالم الحضور إلى البطولة التي ستستضيفها الولايات المتحدة بالشراكة مع المكسيك وكندا.
ومع ذلك، أثارت خطابيات وسياسات الرئيس دونالد ترامب المتصاعدة المعادية للمهاجرين تخوفات من قدرة واشنطن على الوفاء بوعدها بتنظيم بطولة مرحبة. أكد جولياني أيضاً أنه لن تكون هناك إعفاءات خاصة لكأس العالم لمشجّعين من 19 دولة خاضعة لحظر سفر أميركي، ولم يستبعد إمكانية استهداف المهاجرين غير الموثقين بعمليات ترحيل قرب الملاعب والمناسبات.
دان دانيال نورونا، مدير المناصرة لأمريكا في منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة، نهج الإدارة الأميركية قائلاً: «لا يمكن أن تقوم وحدة حقيقية إذا كنتم تروّجون للتمييز، أو للقمع، وتعملون على إسكات من يخالفكم الرأي. لا أرى أننا يمكن أن نصف هذا بكونه لحظة وحدة إذا كانوا يفعلون عكس ما تعنيه الوحدة».
حظر السفر وتأثيره
تشمل قائمة الدول الخاضعة لحظر السفر دولتين مشاركتين في البطولة: هايتي وإيران. ورداً على أسئلة متكررة حول القيود، كرر جولياني أن اللاعبين والطاقم المساند المباشر من الدول المحظورة سيُمنحون تأشيرات دخول، لكن المشجّعين قد لا يُعاملون بالمثل، مؤكداً أن منح التأشيرات «مسألة تتعلّق بالأمن القومي».
وفي وقت سابق رفضت السلطات الأميركية بالفعل منح تأشيرات لبعض أعضاء الوفد الإيراني لحضور سحب مجموعات كأس العالم. كما قلل جولياني من أثر الحظر على مشجّعي هايتي بالإشارة إلى أن مدرّب المنتخب الوطني سيباستيان ميجن قال إنه لم يزر البلاد مطلقاً، في إشارة إلى الأزمات المتلاحقة التي تعانيها هايتي من عنف عصابات وكوارث إنسانية وطبيعية. وتطبيق الحظر يشمل الهايتيين سواء داخل هايتي أو في الخارج، بينما يلفت نورونا إلى أن تشديد الإجراءات قد يطال أيضاً الهايتيين المقيمين داخل الولايات المتحدة مع تراجع الحماية المؤقتة لهم.
خطر «بيئة معادية»
حذّر نورونا من أن السياسات تمثّل نقيض روح كأس العالم التي ترتبط بالانفتاح واستقبال شعوب العالم، قائلاً: «نخشا أن تخلق هذه السياسات بيئة غير مرحبة ومعادية للمشجّعين واللاعبين وكل من يشارك في البطولة». وأضاف أن احتمال قيام مكاتب الهجرة و«إنفاذ القانون» بمداهمات في مواقع البطولات قد يخلق «تأثيراً رادعاً» يثني الجمهور والمجتمعات الكروية عن الحضور.
وتحتضن الولايات المتحدة نحو 14 مليون شخص بلا وضع هجرة نظامي، منهم كثيرون من مجتمعات لاتينية عاشوا في البلاد لسنوات وبنوا حياتهم وعائلاتهم هناك. وقال جولياني: «أنا أعرف الرئيس منذ 25 عاماً… الرئيس لا يستبعد أي شيء من شأنه أن يساعد في جعل المواطنين الأميركيين أكثر أمناً». وردّ نورونا بأن حملات الترحيل لا تجعل أحداً أكثر أماناً، بل تؤدي إلى تهديد شعور الناس بالطمأنينة والرغبة في حضور المباريات.
امتد التأثير ليشمل المقيمين قانونياً
لم تقتصر سياسات الإدارة على المهاجرين غير الموثقين؛ إذ سعت خلال الأشهر الماضية إلى ترحيل أشخاص متواجدين قانونياً، من بينهم زوار وطلاب أجانب ومقيمون دائمون، على خلفية انتقاداتهم لإسرائيل. وفي سياق ذلك اعتقل عملاء الهجرة مذيعاً بريطانياً هو سامي حمدي واحتُجز لأسابيع قبل ترحيله بسبب نشاطه المناصر لحقوق الفلسطينيين.
قال نورونا إن «التأثير الرادع هنا لا يطال المهاجرين غير الموثقين فحسب، بل أي شخص قد يعبّر عن استياء أو اختلاف مع الإدارة الحالية». من جهته رفض جولياني السردية التي تصوّر أن ترامب لا يريد دخول الأجانب إلى البلاد، مشدداً على أن ما يريده الرئيس هو أن يأتي الناس بشكل قانوني لضمان سلامة الألعاب والتجارب المرتبطة بها.
خطاب ترامب ونبرته «الفريدة»
خلافاً للتصريحات الدبلوماسية، شن ترامب مؤخراً حملة كلامية معادية للمهاجرين وصف فيها الصوماليين في الولايات المتحدة بأنهم «قمامة»، ما أثار استهجاناً واسعاً. سُئل جولياني عن تضارب هذا الخطاب مع رسالة الوحدة التي تروجها الولايات المتحدة بالنسبة لكأس العالم فأجاب بأن للرئيس «أسلوباً فريداً» واصفاً إياه بأنه نوع من الصراحة النيويوركية التي تقربه من قلوب شريحة واسعة من الأميركيين، بينما اعتبر نورونا أن هذه التصريحات «عنصرية وتمييزية» واختيارات لفظية يجب أن يدينها الجميع.
رغم ذلك، لم يخفِ ترامب اهتمامه الواضح بكرة القدم وبكأس العالم، وهو ما بدا في مشاركاته وحضوره المتكرر للأحداث الكروية، ما يضع إدارة منتخبات ومشجّعين أمام معادلة صعبة بين ترحيب رسمي مشروط وسياسات وهجومات كلامية قد تثير القلق وتؤثر على تجربة الحدث الأكبر في تاريخ اللعبة. حضر المباراة النهائية لكأس العالم للأندية في نيوجيرسي خلال شهر يوليو، واستضاف بانتظام رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، في البيت الابيض.
وفي الشهر الماضي استقبل أيضاً النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في مأدبة رسمية بواشنطن خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
سيحضر الرئيس الأمريكي أيضاً مراسم سحب قرعة البطولة يوم الجمعة، حيث سيُقدّم الاتحاد جائزة السلام الافتتاحية.
يواجه الاتحاد الدولي لكرة القدم دعوات متزايدة للمطالبة بحماية المهاجرين داخل الملاعب، كما تعرّض لانتقادات بسبب علاقاته الوثيقة مع دونالد ترامب.
خلال منافسات كأس العالم للأندية، امتنع الاتحاد عن ترويج رسائله المعتادة لمناهضة العنصرية على هامش البطولة، وهو أمر بدا متوافقاً مع موقف ترامب المعارض لبعض برامج التنوع والإدماج.
ولم تردّ المنضمة على طلب قناة الجزيرة للتعليق حتى ساعة النشر.
«ما تسمّيه فيفا بجائزة السلام يُمنح على خلفية احتجازات عنيفة للمهاجرين، ونشر الحرس الوطني في مدن أمريكية، والإلغاء الذليل لحملات فيفا نفسها لمناهضة العنصرية والتمييز»، قالت مينكي ووردن، المسؤولة عن قضايا الرياضة في منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان.
«لا يزال هناك وقت للامتثال لوعود فيفا بتنظيم كأس عالم خالٍ من انتهاكات حقوق الإنسان، لكن الساعة تدقّ.»