خطة مشتركة لغواتيمالا والمكسيك وبليز لحماية ١٤ مليون فدان من غابات المايا

مدينة غواتيمالا — أعلنت المكسيك وغواتيمالا وبليز عن خطة لإنشاء محمية شاسعة من الغابات الاستوائية تمتد عبر حدود البلدان الثلاثة. لن يكون طرد العصابات الإجرامية وحماية الأرض من مزارعين ومسّاحين ومنقّبي المعادن وقطاعي الأخشاب أمراً يسيراً.

أُطلِق على المحمية المعلنة الأسبوع الماضي اسم «الممر البيوكولتكوري لغابة المايا العظيم» وستشمل مناطق غابية في جنوب المكسيك وشمال دولتَي أمريكا الوسطى، بمساحة تزيد على 14 مليون فدان (نحو 5.7 مليون هكتار). وستصبح ثاني أكبر محمية في الأمريكتين بعد الأمازون.

في مقابلات هذا الأسبوع، شدَّد وزيرا البيئة في المكسيك وغواتيمالا على ضرورة تكثيف الوجود الأمني، مع التعبير عن نية الإدارتين تجنّب المشاريع المدمِّرة في المنطقة.

قالت باتريشيا أورانتشيس، وزيرة البيئة الغواتيمالية: «الأهم الآن أن تبدأ قوات الأمن في الوجود الميداني، فالمنطقة تُركت وأصبحت مُعَرَّضة لسيطرة الجريمة المنظمة. هذه ليست معركة بيئية بالدرجة الأولى؛ الحديث يدور عن حاجة الدولة الغواتيمالية لاستعادة سيادتها على أراضيها».

طالما أشارت منظمات بيئية إلى أن الغابات على جانبي الحدود المكسيك‑غواتيمالا مزروعة بمهابط جوية سرية لطائرات محملة بالكوكايين، وممرات لتهريب المهاجرين نحو الشمال، ونشاطات قطعٍ غير مشروعة للأخشاب.

قالت أليسيا بارثينا، وزيرة البيئة بالمكسيك، إن الدول الثلاث ستضطر إلى تعزيز حضورها الأمني داخل المحمية. «لن نحمي الغابة بأنفسنا فقط؛ وزارة الأمن والجيش سيُطلب منهما المساهمة»، بحسب بارثينا.

المجتمعات كحلفاء

إرسال القوات وحده لن يكون كافياً، كما أبانت تجربة المكسيك في جزء آخر من حدودها الجنوبية في ولاية تشياباس. الجريمة المنظمة تسللت إلى مجتمعات تعاني ضائقة اقتصادية وقلة الخيارات، وكان من الصعب اقتلاع ذلك النفوذ.

قال المحامي والناشط البيئي الغواتيمالي رافائيل ماندونادو إنه من الضروري «تحويل المجتمعات التي يُعتقد أنها متورطة في تهريب المخدرات إلى حلفاء للمحمية».

يقرأ  هل ترغب في أن يركض الطلاب ميلاً؟الرئيس ترامب يعيد إحياء اختبار اللياقة الرئاسي

ولتحقيق ذلك، أكدت أورانتشيس أن على الحكومة أن تعرض البدائل الاقتصادية على الأهالي.

أحد مقترحات المكسيك هو توسيع برنامجها «زراعة الحياة» الذي يدفع لأصحاب الأراضي مبالغ لزراعة أنواع محددة من الأشجار إما للثمرة أو للخشب. وذكرت بارثينا أن موازنة البرنامج تبلغ نحو ملياري دولار.

لكن البرنامج، الذي أُطلق في عهد الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، تعرض لانتقادات. في 2021، أفاد معهد الموارد العالمية بأن البرنامج شجع في الواقع إزالة الغابات في ولاية كامبيشي. وأوضحت بارثينا أن البرنامج يُعاد ضبطه ليخدم الأهداف البيئية بصورة أفضل.

قال خبير الاستدامة والعمل المناخي المكسيكي خوان كارلوس فرانكو، الذي يعمل في جنوب المكسيك، إن الأمن أمر حاسم ويتطلب أن تقوم الحكومة بدور الضامن. لكن العمل يجب أن يُنجز بالتنسيق مع المجتمع المدني في المجتمعات المحلية، بما في ذلك الأماكن التي تعلم السكان فيها التعايش مع النشاطات غير القانونية المحيطة بهم.

«الرسالة الأبرز هي أن المجتمعات الموجهة نحو إدارة إيكولوجية‑ثقافية للأرض قادرة على الصمود رغم الجريمة»، قال فرانكو.

لا لمشاريع عملاقة

تحدٍ آخر هو إلزام الحكومات على المدى الطويل بالالتزام بعدم تنفيذ مشاريع كبرى توعد بالتنمية الاقتصادية لكن تهدد البيئة، مثل قطار السياحة المكسيكي المعروف بـ«قطار المايا»، الذي ترغب بليز في تمديده إلى أراضيها.

قالت أورانتشيس إن رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو لن يسمح بمشاريع عملاقة داخل المحمية، لأن فتح طرق الوصول إلى الغابة يسهّل لاحقاً السيطرة على باقي النشاطات المدمرة.

مؤخراً رفض أريفالو تجديد عقد شركة نفطية كانت تعمل منذ أربعين عاماً في محمية غواتيمالا المعروفة باسم محيمات مايا.

تساهم غواتيمالا بأكبر مساحة على الأرض للمحمية، حيث تضم 27 منطقة محمية قائمة. وكان أريفالو قد أوضح بالفعل أنه لن يسمح بمد قطار المايا المقترح من قبل الرئيس المكسيكي السابق عبر مناطق محمية.

يقرأ  لقطات «مسيرة تضامن» أُسيء تمثيلها كاحتجاج في كمبوديا على تعامل الحكومة مع اشتباكات حدودية

أشارت بارثينا إلى أن خط سكة الحديد الذي يمتد نحو 1500 كيلومتر وبدأ تشغيله أواخر 2023 ويدور في حلقة تقريباً حول شبه جزيرة اليوكاتان يقع خارج حدود المحمية الجديدة.

وقالت إن وكالتها تعمل على التخفيف من بعض الآثار البيئية لخط القطار بالتعاون مع شركات يديرها الجيش المكسيكي، الذي بنا جزءاً كبيراً من السكة ويشغل القطار.

ولتجنب مشاريع مدمرة داخل المحمية، اتفقت الدول الثلاث على إنشاء مجلس يضم السلاتات البيئية وكذلك مجلس استشاري للأمم الأصلية. أي مشاريع مقترحة داخل المحمية ستخضع لمراجعتهم.

يبقى بعض الناشطين المكسيكيين، مثل بيدرو أوك المقيم في اليوكاتان، متشككين في التزام الحكومة بالحفاظ على البيئة، لا سيما وأن الحزب السياسي ذاته الذي أطلق مشروع قطار المايا لا يزال في السلطة بالمكسيك. بينما يُفضّل آخرون مثل فرانكو المضي قدماً ومواصلة الضغط على الحكومات الثلاث للحفاظ على التزاماتها.

هذا الأسبوع شكّلت المكسيك وغواتيمالا وبليز لجنة لإعداد خارطة طريق للمحمية خلال الشهر المقبل لتحديد المؤسسات المشاركة، وسُبل مشاركتها، وآليات تمويل المشروع، بحسب بارثينا.

وتتوقع أن يتم جمع نحو ستة ملايين دولار للشروع في العمل.

وضعت أورانتشيس نيتها قائلة: «لا نريد أن يكون ما يُقام هناك أي شيء؛ لا نريد أن يكون مجرد أجندة تعاون دولي، ولا أجندة أعمال. نريد أن تكون أجندة غابة المايا».

تقرِّر فرزا أن تغطي التقرير من مدينة مكسيكو سيتي.

أضف تعليق