هل برّأ البنتاغون بيت هيغسيث من تسريبات «سيجنال»؟ — أخبار الأمن السيبراني

تقرير سري للمفتش العام يحمّل وزير الدفاع بيت هيغست مسؤولية تعريض معلومات حسّاسة للخطر

خلص تقرير سري أعدّه المفتش العام للبنتاغون إلى أن وزير الدفاع، بيت هيغست، عرض أفراد القوات ومهامهم للخطر عندما استعمل تطبيق المراسلة سيجنال لمناقشة معلومات حسّاسة حول ضربات جوية استهدفت الحوثيين في اليمن. التقرير، الذي قدّم إلى الكونغرس، وجد أن هيغست انتهك بروتوكولات استخدام الأجهزة الشخصية في اتصالات رسمية وخلّ بتدابير حفظ السجلات، بحسب تقارير إعلامية استندت إلى مصادر مطلعة على النتائج.

ما الذي خلص إليه المفتش العا؟

– أشار تقرير المفتش العام إلى أن مشاركة تفاصيل عملية عسكرية عبر تطبيق تجاري خارج شبكة الاتصالات المؤمّنة للبنتاغون قد تكون عرّضت عناصر أمريكيين للخطر، خصوصاً لأن الرسائل تضمنت معلومات مأخوذة من مستند مصنّف لقيادة القوات المركزية الأميركية وموسوم بـ«سري/لا للوسطاء الأجانب» (Secret/NOFORN).
– وجد التقرير أن هيغست استخدم هاتفه الشخصي وأرسل معلومات حسّاسة لأشخاص غير مخوّلين، كما فشل في الحفاظ على هذه المراسلات وفق ما تفرضه القوانين الاتحادية بشأن الأرشفة.
– تبيّن أن محادثات منفصلة على سيجنال ضمّت زوجته وأخاه ومحاميه الشخصي — جميعهم أشخاص غير مخوّلين بالاطلاع على مواد مصنّفة.
– مع ذلك، أشار التقرير إلى أن سلطات الوزير تتيح له نظرياً سلطة فكّ التصنيف عن معلومات معيّنة، ما يجعل تحديد تبعات أفعاله أقل وضوحاً من الناحية القانونية والإجرائية.

خلفية وسير التحقيق

بدأ التحقيق بقيادة القائم بأعمال المفتش العام ستيف ستبينز في الثالث من أبريل، بعد تصاعد انتقادات من نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أعربوا عن قلقهم من أن المحادثة على سيجنال قد تُشكّل خطراً إذا ما وصلت إلى أيدي غير موثوقة. ذكر ستبينز في مذكّرة أن هدف التقييم كان تحديد مدى امتثال وزير الدفاع وموظفي وزارة الدفاع لسياسات وإجراءات استخدام تطبيقات المراسلة التجارية للأعمال الرسمية، مع مراجعة التزامهم بقواعد التصنيف والاحتفاظ بالسجلات.

الردود السياسية والإدارية

أثارت نتائج التقرير ضغوطاً متزايدة على هيغست، الذي كان يتعرّض لتدقيق ثنائي الحزب منذ أن كشفت سجلات المحادثات في مارس عن إضافة صحفي عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة سيجنال استخدمها هيغست لمناقشة ضربات. دعا بعض المشرعين آنذاك إلى إقالته، بينما حاول الرئيس ترامب التقليل من أهمية الحادثة رغم تصاعد الغضب العام.

ردّ هيغست ونفياته

رفض هيغست الخضوع لمقابلة شفهية مع المفتش العام وقدم دفوعه كتابةً. وهو يُصرّ على أنه فكّ تصنيف المعلومات قبل مشاركتها في مجموعة سيجنال، ووصَف نتائج التحقيق بأنها «تبرئة كاملة»، رغم أن نصّ التقرير لا يبدو أنه برّأه بشكل قاطع من أي خطأ محتمل. نُشر بعض لقطات الشاشة التي اعتمد عليها المحققون من الصحفي الذي أفصح عن المحادثات لأن هيغست لم يُقدّم جميع رسائله على سيجنال.

يقرأ  عامل مزرعة جنوب أفريقي يدلي أمام المحكمة: تم إطعام نساءٍ للخنازير للتخلص من الأدلة

تحقيق منفصل حول ضربة ثانية

تجري اللجنة أيضاً تحقيقاً منفصلاً في ادعاء أن هيغست أمر شفهياً بشن ضربة ثانية على قارب قد تم تدميره بالفعل في الكاريبي، وأن الضربة الثانية أسفرت عن مقتل ناجين من الضربة الأولى في سياق حملة مكافحة تهريب المخدرات التي قادها الرئيس ترامب.

ماذا ينتظر الآن؟

من المتوقّع نشر نسخة جزئية محجوبة من التحقيق في وقت قريب. أوصى التقرير بتعزيز التدريب لجميع مسؤولي البنتاغون لضمان الالتزام بسياسات التصنيف واستخدام قنوات الاتصالات المؤمّنة. وفي مواجهة الضغوط التشريعية والإعلامية، يظل الجدل مستمراً حول مدى مسؤولية كبار القادة في استخدام أدوات اتصال تجارية لنقل معلومات حسّاسة.

منشورات هيغست وردود مكتبه

نشر هيغست رسالة على منصة X قال فيها: «لا معلومات مصنفة. تبرئة كاملة. القضية مغلقة.» وردّ متحدث باسم مكتبه مؤكداً أن مراجعة المفتش العام تمثّل تبرئة كاملة لوزير الدفاع وأنه لا أدلة تدعم وجود معلومات مصنفة تمّت مشاركتها. اضاف أن «التنفيذ الناجح والخالي من العيوب لعملية راوف رايدر» — الاسم الذي أطلق على حملة القصف ضد اليمن والتي نوقشت في محادثة سيجنال — دليل على أنه لم تُعرّض أي قوات للخطر.

مواقف بارنيل وهيجسث تتماشى مع نهج إدارة ترامب منذ انفجار الفضحية في مارس؛ مكتب الرئيس لم يوجه أي توبيخ عام لهيجسث، بينما وصف ترامب نفسه الحادثة بأنها «مطاردة ساحرة» وحاول تحميل تطبيق المراسلة المسؤولية بالتشكيك فيما إذا كان سيجنال «معطلاً».

على النقيض من ذلك، اعتبر بعض الديمقراطيين في لجان الاستخبارات بمجلسَي النواب والشيوخ أن تصرفات هيجسث تشكل سبباً لعزله لو كان مسؤولا آخر. وقال السيناتور مارك وورنر في بيان يوم الأربعاء إن هذه الحادثة «ليست هفوة معزولة، بل تعكس نمطاً أوسع من التهور وسوء الحكم من مسؤول أعطى انطباعاً مستمراً بأنه فوق قدر المهمة».

ماذا احتوت محادثة سيجنال؟
فضيحة «سيجنالغيت»، كما صار يُطلق عليها في وسائل الإعلام الأميركية، تعود إلى مارس. الصحفي المخضرم جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك، كشف في 24 مارس أنه أضيف عن طريق الخطأ إلى مجموعة على سيجنال تضم مسؤولين من إدارة ترامب، ومن خلالها كُشفت تفاصيل دقيقة حول ضربة جوية جرت في 15 مارس ضد جماعة الحوثي، وذلك قبل ساعات من تنفيذ الهجوم.

غولدبرغ ذكر أنه قبل ذلك تلقى طلب اتصال في 11 مارس من شخص باسم مايكل والتز على الخدمة المشفرة — المحتمل أن يكون مستشار الأمن القومي آنذاك — فقبل الدعوة ظناً منه أنها قد تكون محاولة احتيال، لكنه انضم إلى مجموعة كانت معنونة باسم «Houthi PC small group» فوجد فيها كبار المسؤولين من بينهم هيجسث وفانس وروبيو وغابرد، وإجمالي المشاركين كان 18 شخصاً.

يقرأ  أثرياء التكنولوجيا يستعدون لكوارث محتملة — هل يجب أن نقلق؟

المحادثة تضمنت توقيتات محددة لإقلاع مقاتلات F-18 وطائرات بلا طيار، وكانت إحدى التحديثات تقول: «هذا بالتأكيد الوقت الذي ستسقط فيه القنابل الأولى». أسفرت الضربات عن مقتل ما لا يقل عن 53 شخصاً بينهم أطفال. غولدبرغ غادر المجموعة بعدما تبيّن له تطابق رسائل المحادثة مع توقيت الضربات، ومقاله أثار فوراً غضباً من الديمقراطيين والجمهوريين على حدّ سواء؛ زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وصفها بأنها من «أكثر خروقات الاستخبارات العسكرية صدمة في التاريخ الحديث». طالب مشرّعون بتحقيق، وطالب النائب الراحل جيرالد كونولي لجنة الرقابة بفتح تحقيق.

نُقل عن منتقدين أن عناصر استخبارات أجنبية كان بإمكانها اعتراض رسائل سيجنال، وأن خاصية الحذف التلقائي في التطبيق تخالف متطلبات الشفافية الحكومية التي تقتضي حفظ الوثائق، ولو بشكل مؤمّن. وفي مقال لاحق نشرته ذا أتلانتيك في 26 مارس ظهرت لقطات شاشة إضافية للمحادثة.

هيجسث بدوره نفى أن يكون قد شارك «خطط حرب» عبر التطبيق، وقال إنه مخوّل لرفع السرية عن معلومات وأنه نقل فقط تفاصيل اعتقد أنها لن تعرض المهمة للخطر، وصرح لفوكس نيوز في أبريل أن الرسائل كانت «تنسيقات غير رسمية وغير مصنفة، لتنسيق الإعلام وأمور أخرى».

حملة البحر والاتهامات بحق هيجسث
من جهة أخرى، يُحقق مع هيجسث في أمر منفصل يتعلق بأمر شفهي يزعم أنه أصدره بشأن ضربة بتاريخ 2 سبتمبر استهدفت زورقاً مفترضاً أنه محمّل بالمخدرات في مياه الكاريبي. مصادر قالت إن هيجسث أمر «بقتل الجميع» خلال العملية، بحسب تفاصيل نشرتها صحيفة واشنطن بوست في 28 نوفمبر نقلاً عن شخصين مطلعين على العملية. وأمر قائد العملية بعد ذلك بضربة ثانية أودت بحياة شخصين كانا يكافحان في الماء بعد نجاتهما من الضربة الأولى.

كان ذلك الزورق أول هدف في حملة إدارة ترامب الأوسع ضد مهربين مشتبه بهم في الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، والتي انتقدها نواب ديمقراطيون لأبعادها على حقوق الإنسان. الإدارة بررت الضربات بأنها خطوة ضرورية لوقف تدفق المخدرات الذي ترى أنه يهدد الأمن القومي.

حتى الآن قتِل ما لا يقل عن 80 شخصاً في ضربات استهدفت زوارق من فنزويلا التي تقول الولايات المتحدة — دون تقديم أدلة كافية — إنها تنقل مخدرات. مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك وصف الضربات في أكتوبر بأنها «غير مقبولة» وتمثل «قتلًا خارج نطاق القضاء» وينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان. عائلة صياد كولومبي يُدعى أليخاندرو كارّانزا، الذي قُتل في ضربة في 15 سبتمبر، رفعت بدورها دعوى أمام لجنة دولية إقليمية لحقوق الإنسان في واشنطن، مؤكدة أنه كان صياداً وأن ما حدث يمثل قـتلًا خارج نطاق القضاء؛ والولايات المتحدة لا تعترف بقبول صلاحية تلك اللجنة.

يقرأ  اتهامات بالاحتيال والاتجار بالبشر تطال مالكي مسابقة ملكة الكون — أخبار الجريمة

من ناحية أخرى، نشر ترامب على منصة تراثه الاجتماعية وقتها أن الضربة في 2 سبتمبر قتلت 11 عضواً من عصابة فنزويلية تُعرف باسم «ترين دي آراوا» المصنفة في قائمة الولايات المتحدة كجماعة إرهابية، وادعى أن الزورق كان متجهاً نحو الولايات المتحدة؛ أما ماركو روبيو فصرح في موجز صحفي في اليوم نفسه أنه «ربما كان متجهاً إلى ترينيداد أو بلد آخر في الكاريبي»، ثم غيّر موقفه في اليوم التالي قائلاً إنه كان «متجهاً، في نهاية المطاف»، نحو الولايات المتحدة. نقلت وسائل إعلام أميركية أن أربع صواريخ استُخدمت وأن هيجسث راقب الضربات في الوقت الحقيقي، ونقلت الأسوشيتد برس عن مصادر مطلعة أن البنتاغون كان يعلم بوجود ناجين في الماء، وأن الجدل الدائر شمل القول بضرورة غرق الزورق.

كيف ردّ الجمهوريون؟
هيجسث أدان تقارير صحيفة الواشنطن بوست الأسبوع الماضي ووصفها بأنها «مفبركة ومحرّضة ومهينة». في اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء في البيت الابيض، قال إن الضربة الثانية وقعت في «ضباب الحرب» وأنه لم يرَ أي ناجين. وأضاف أنه «لم يبقَ في المكان» لبقية المهمة.

أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بدأوا تحقيقات حول شرعية الهجوم. «هذا يرتقي إلى مستوى جريمة حرب إن كان صحيحًا»، قال السيناتور الديمقراطي تيم كاين للصحفيين الأسبوع الماضي.

ردًا على أسئلة الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية يوم الأحد، بدا ترامب يحاول التبرؤ من الحادثة. «لم أكن لأرغب في ذلك — لا ضربة ثانية»، قال، وأضاف أن ادارته ستنظر في التقارير. كما ذكر أن هيغسيث أخبره بأنه «لم يأمر بقتل هذين الرجلين».

ستُطرح تساؤلات حول الدور الحقيقي الذي لعبه هيغسيث خلال إحاطة سرية للكونغرس يوم الخميس مع القائد الذي تقول الادارة إنه قاد العملية، الأدميرال فرانك «ميتْش» برادلي.

قبل تعيين هيغسيث في يناير، واجه هذا المخضرم العسكري ومقدّم البرامج السابق في شبكة فوكس نيوز اتهامات بالاعتداء الجنسي، والإفراط في تعاطي الكحول، وسوء إدارة مالية.

في عام 2017، اتهمته امرأة بالاعتداء الجنسي وقالت إنه أخذ هاتفها وحجب باب غرفة فندق لمنعها من المغادرة، وفقًا لتقرير للشرطة. نفى هيغسيث تلك الاتهامات، لكن محاميه أقرّ بأن المرأة تلقت تسوية.

كشف تقرير لصحيفة ذا نيويوركر في ديسمبر 2024 مزاعم تفيد بأن هيغسيث، أثناء قيادته لمجموعة «المحاربون المهتمون لأمريكا» بين 2013 و2016، كان يسكر في مناسبات العمل إلى حد اعتماده على زملائه لإيصالِه إلى المنزل، واتُهِم أيضًا باستخدام أموال المنظمة غير الربحية كحساب نفقات شخصية. ونفى هيغسيث هذه المزاعم.

أضف تعليق