مصادر في القوات المسلحة السودانية: مليشيات الدعم السريع تقتل عشرات من المدنيين، غالبيتهم أطفال، في بلدة كالوقي بالسودان الممزق بالحرب

شبكة أطباء السودان قالت إن «هجمات بطائرات مسيرة انتحارية متعمدة» استهدفت روضة أطفال وعدداً من المنشآت المدنية.

ارتفع عدد القتلى جراء هجمات قوات الدعم السريع على روضة الأطفال ومواقع أخرى في مدينة كالوجي بولاية جنوب كردفان إلى نحو 47 قتيلاً — غالبيتهم من الأطفال — فيما أُصيب نحو 50 آخرين، وفق ما أفاد به مصدران عسكريان في القوات المسلحة السودانية الموالية للحكومة لقناة الجزيرة. وذكر المصدران أن الهجوم الأول استهدف الروضة يوم الخميس، ثم عادت القوات نفسها لاستهداف المدنيين الذين تجمعوا لتقديم المساعدة بعد المجزرة، كما تعرّض مستشفى المدينة ومبنى حكومي لقصفٍ جوّي.

أوضحت المصادر أن الحصيلة قد لا تكون نهائية، لا سيما مع وجود جرحى حالتهم حرجة ويتلقون العلاج. وكانت شبكة أطباء السودان قد أفادت في البداية بمقتل تسعة أشخاص على الأقل، منهم أربعة أطفال وامرأتان، جراء «هجمات بطائرات مسيرة انتحارية متعمدة» نفّذتها قوات الدعم السريع وحليفها حركة تحرير شعب السودان–الشمال (التحالف بزعامة الحلو) ضد الروضة وعدة مرافق مدنية. ووصف البيان هذا الهجوم بأنه «انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي واستمرار في استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية».

هذه الحادثة تمثل أحدث فصول الفظائع ضد المدنيين في حرب أهلية شرسة تدخل عامها الثالث، صراعٌ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقد وُجهت أيضاً اتهامات بوقوع انتهاكات من طرف القوات الحكومية.

تكرار التاريخ في كردفان

حذّر مكتب الأمم المتحدة الخميس من احتمال تعرض إقليم كردفان لموجة أخرى من الجرائم الجماعية؛ إذ أن القتال العنيف بين الفصائل المسلّحة يهدد بكارثة إنسانية. وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر ترك، إن التاريخ «يتكرر» في كردفان بعد سقوط الفاشر الشهر الماضي، حيث تم تجاهل تحذيرات دولية قبل وقوع عمليات قتل واسعة النطاق.

يقرأ  مقتل خمسة أشخاص بينهم أطفال أمريكيون في غارة بطائرة مُسيّرة إسرائيلية على جنوب لبنان

منذ أواخر أكتوبر، وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة برا في شمال كردفان، رصدت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 269 مدنياً قضوا جراء القصف الجوي ومدفعيّة المدافع والقتل الميداني. وانقطاع الاتصالات في مناطق واسعة قد يعني أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير، مع ورود تقارير عن هجمات انتقامية واعتقالات تعسفية وعنف جنسي وتجنيد قسري للأطفال، إضافة إلى الانتهكات ذات الطابع الآخر.

قوات الدعم السريع أعلنت سيطرتها على مدينة بابنوسة في غرب كردفان الأسبوع الجاري، مع لقطات تُظهر مقاتليها يتحركون داخل القاعدة العسكرية هناك، بينما نفى الجيش سقوط المدينة. بعد خسارة الفاشر، آخر مدن دارفور الكبرى التي كانت تحت سيطرة الجيش وحلفائه، تحوّل التركيز إلى كردفان في وسط السودان.

الأهمية الاستراتيجية لكردفان تجعلها مكسباً حيوياً للطرفين؛ فالمنطقة تمتد بين دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع من الغرب، والأراضي الخاضعة للحكومة في الشرق والشمال، وتشكّل ممرّاً حيوياً يربط معاقل المتحاربين. والسيطرة على مراكز كبرى مثل الأبيض تمنح قوات الدعم السريع ممراً مباشراً نحو الخرتوم.

قبل سقوط الفاشر في نوفمبر، أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات عاجلة بشأن احتمال وقوع انتهاكات جسيمة، تحذيرات لم تُأخذ بعين الاعتبار إلى حد كبير. وبعد استيلاء القوات على المدينة اندلعت عمليات قتل جماعي، وظهرت جثث في صور الأقمار الصناعية، فواصفاً إياها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها «مسرح جريمة». ومنذ ذلك الحين طالبت منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق في جرائم حرب، وفرضت الاتحادات الأوروبية عقوبات على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع وشقيق زعيمها محمد حمدان “حميدتي” دقلو.

أضف تعليق