أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن “تأثره العميق” إزاء مبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ مرافقة وفد الضيف إلى مدينة تشنغدو — خطوة نأت عن البروتوكولات المعتادة.
التقى الزعيمان قبل أن تستضيف فرنسا قمة مجموعة السبع العام المقبل، وتعاهدا بتعميق التعاون في ملفات عالمية متعددة. استقبل شي ماكرون يوم الجمعة في تشنغدو، في حادثة نادرة لرئيس ثاني أقوى اقتصاد في العالم يرافق ضيفه خارج العاصمة بكين.
وفي ختام زيارة ماكرون التي استمرت ثلاثة أيام، تناول هو وزوجته بريجيت طعام الغداء مع زوجي الرئيس الصيني في جو أكثر استرخاءً من لقاءات اليوم السابق. وبدأ ماكرون يومه في تشنغدو بمفاجأة المتنزهين أثناء ركضه في حديقة بحيرة جينتشينغ، قبل أن ينضم إلى شي عند سد دوجيانغيان، الذي يشرف على تنظيم مياه المنطقة منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
وصف ماكرون مبادرة شي بأنها “لمسة مؤثرة” وخروجا على الأعراف الدبلوماسية بعد أن استضاف ماكرون شي في جبال البيرينيه في مايو/أيار 2024، المكان الذي قضى فيه ماكرون جزءاً من طفولته. هذه الإشارات، بحسبه، دلائل على مستوى من الثقة المتبادلة ورغبة في “العمل سوية” في وقت تتصاعد فيه التوترات الدولية وتتسع الفجوات التجارية لصالح الصين.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قال آندي موك من مركز بكين للصين والعولمة إن الزيارة تبرز أهمية تعزيز “التجارةة” والتعاون الاقتصادي بين فرنسا والصين، فضلاً عن أهمية ربط الصين بأوروبا الأوسع في مسارات اقتصادية مشتركة.
قبل ذلك بيوم، التقى الزعيمان في قاعة الشعب الكبرى ببكين حيث دارت مناقشات حازمة حول سبل إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا وقضايا التجارة الدولية. يسعى ماكرون إلى إشراك بكين في ممارسة ضغوط على موسكو من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، لا سيما بعد مبادرة دبلوماسية أميركية مؤخرًا.
وقال ماكرون يوم الخميس: “نواجه خطر تفكك النظام الدولي الذي أمن السلام لعقود، وفي هذا السياق يصبح الحوار بين الصين وفرنسا أكثر أهمية من أي وقت مضى”. وأضاف أنه يأمل أن تنضم الصين إلى المطالبة بوقف الأعمال القتالية، أو على الأقل إلى اتفاق لفرض هدنة مؤقتة تمنع استهداف البنى التحتية الحيوية.
لم يلقَ ماكرون استجابة مباشرة من بكين على نفس الصياغة، إلا أن شي شدد على أن “الصين تدعم كل الجهود الرامية إلى السلام” ودعا إلى تسوية يتقبلها جميع الأطراف.
منذ بداية الحرب، قدمت الصين دعماً دبلوماسياً قوياً لروسيا، كما وسّعت روابطها الاقتصادية معها عبر زيادة التبادل التجاري. وفي اليوم الذي سبَق الزيارة إلى تشنغدو، أَفَضَ لقاء شي وماكرون في بكين إلى توقيع 12 اتفاقية تعاون شملت مواضيع مثل الشيخوخة السكانية، والطاقة النووية، وحماية حيوان الباندا.
لم تُكشف مبالغ مالية عن الاتفاقيات، لكن ماكرون رافقه في زيارته الرسمية الرابعة إلى الصين رؤساء عدد من أبرز الشركات الفرنسية. وفي تشنغدو، أعلنت القنوات الرسمية توقيع اتفاق يقضي بمتطلبات صحية ونباتية لصادرات البرسيم الفرنسي إلى الصين، وأشار التلفزيون المركزي إلى إحراز “تقدم مهم” في تسجيل مصدرين فرنسيين لأحشاء الخنازير البيضاء للتصدير إلى الصين.
تشنغدو، رابع أكبر مدن الصين بعدد سكان يقارب 21 مليون نسمة، تُعرف بانفتاحها الثقافي والاجتماعي، وهناك التقى ماكرون طلاباً محليين. أما بريجيت ماكرون فزارت قاعدة تشنغدو لتربية الباندا العملاقة، حيث عادت إلى الصين مؤخراً اثنتان من الباندا اللتين أُعيرتا لفرنسا عام 2012 في إطار ما يُعرف بـ”دبلوماسية الباندا”.
ومن المقرر أن تلتقي بريجيت بالباندا يوان منغ، أول باندا عملاق مولود في فرنسا عام 2017 والتي تُعدها “كنّتها”، وقد عادت إلى الصين في 2023.