مجلة جوكستابوز «كل شيء يطفو» معرض فردي لترويلس كارلسن — غاليري في وان، كوبنهاغن

في معرض ترولس كارلسن “Alt flyder — كل شيء يتدفّق” تتبدّى فكرة أن لا شيء ثابت وأن كل شيء مرتبط ببعضه البعض. النباتات والحيوانات متشابكة حرفيّاً في لوحات كبيرة يصوغها الفنان غالباً بالأكريليك فوق مواد أرشيفتية مركّبة بعناية مستمدة من رفوف مكتبات الكتب القديمة.

هياكل عظميّة راقصة ديناميكية، أجسادها سيقان خضراء براقة وأوراق كثيفة، تنبت منها توت أسود وزهور برّية ورديّة، تحيط بها دبابيس عسلية. الجسد والنحل والزهور والثمر يتكافلون ضمن رقصة بيولوجية قديمة. ينساب في الأعمال تيّار من الحرية. الطيور والزهور والدبّاقات والفراشات بشرى للتحوّل. التراكيب في حركة دائمة؛ ففي لوحة يطغى فراشة بارزة على ثنائي بشري في المشهد بينما يرتفع زهرتان باسمتان كألعاب نارية نباتية — تصحيح بصري دقيق لفهمنا الأنثروبوسنترِيّ التقليدي. في عمل كارلسن لسنا مجرد معتمدين على العالم المحيط بنا؛ نحن أنفسنا — نحن التغييرّ.

كما يوحي العنوان، ثمة صلة حدسية بتفاسير هيراقليطس وتأمّلات البوذيّة الزن حول أن لا أحد يدخل النهر نفسه مرتين. هذه الفكرة توفّر طريقة للتعامل مع العالم — ومع ذواتنا — بصورة أقل ثباتاً، طريقة تقبل الزوال بل وتحتضنه.

ليست هذه موضوعات جديدة في ممارسة كارلسن؛ ففي العقدين الماضيين بحث عن علاقة الإنسان بالكون وتعايشه المتشابك مع الأنواع الأخرى والعالم الطبيعي — أو في كثير من الأحيان غياب هذا التعايش. أثناء عمله على “Alt flyder” تعرّف كارلسن (أو تعرّف إليه) على الكتاب الصادر حديثاً للفيلسوف الدنماركي مورتن غرونبورغ “Alting er altid i bevægelse — كل شيء دائمًا في حركة”. تقوم أطروحة الكتاب المركزيّة على أن كل شيء بدأ من التفرد؛ الحياة نشأت في الخلية؛ والوعي ظهر من الدماغ — ومن هنا شيّدنا مجتمعاتنا وحضاراتنا. يسعى الكتاب إلى وضع الإنسانية داخل سردٍ كليّ يعمّق فهمنا لأصولنا، لأزمة المناخ، للتنوّع الحيوي، ولمكانة الإنسان في شبكة الحياة الأوسع.

يقرأ  تحت مُجَهِّرِهِالتدريس في ظل سياسات ترامب

تجاوب الكتاب مع ممارسة كارلسن الغريزية فأضحى رفيقاً أساسياً في الاستوديو أثناء إعداد المعرض. الأفكار المتشابكة تجلّت في أعمال متشابكة. وعلى الرغم من أن ثيمات الإيكولوجيا والبيولوجيا والزمن والوجود قد تبدو أحياناً متحجّرة أو مَنهَجية، فإن “Alt flyder” يمتلك موسيقية مفتوحة وأصيلة؛ كل عمل يرنّ بما يليه. ندعى للدخول والبحث — مفكّكاً، لعِبياً ومفتوح النهاية — لنرتحل ونتساءل عبر بوّابات بصرية ونغوص في البحر الكوني.

أضف تعليق