التقى رئيس لبنان جوزيف عون بممثلين من وفد مجلس الأمن الدولي الزائر لبحث التوتر المتصاعد مع اسرائيل ومساعي نزع سلاح حزب الله، وذلك بعد موجة غارات إسرائيلية هزّت جنوب البلاد، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
وخاطب عون فريق المجلس يوم الجمعة، داعياً إياه إلى ممارسة ضغوط لِجَعل إسرائيل تحترم وقف إطلاق النار المُبرم في نوفمبر 2024، والذي خرقته تقريباً على أساس يومي، والانسحاب من المناطق التي لا تزال تحتلها في الجنوب اللبناني. وقال، وفق ما نقلته الوكالة: «ننتظر منكم المزيد من الضغوط».
وأضاف عون أن الوفد الأممي سيجتمع أيضاً برئيس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه برّي وقائد الجيش رودولف هيكال، وسيقوم بجولة في الجنوب للاطلاع على «الوضع على الأرض» ولمعاينة الصورة الحقيقية لما يجري، في وقت يعمل الجيش على تنفيذ خطة لتفكيك ترسانة حزب الله.
جاءت زيارة الأمم المتحدة في ظل مؤشرات مترددة على إمكان توسيع نطاق الحوار بين لبنان واسرائيل، اللتين تظلّان تقنياً في حالة حرب منذ 1948. ففي الأربعاء السابق، عقد ممثلون مدنيون من البلدين أول محادثات مباشرة بينهما منذ عقود، في خطوة اعتبرتها الولايات المتحدة خطوة نحو «الأمن والاستقرار وسلام دائم». وصف سلام المحادثات بأنها «إيجابية» لكنه قلل من أهميتها، مؤكداً أنها ليست جزءاً من مسار للتطبيع وأنها تركز فقط على تنفيذ الهدنة لعام 2024.
ومع ذلك، شنت القوات الإسرائيلية يوم الخميس هجمات على أربع قرى في جنوب لبنان — أحدث حلقات مئات الغارات رغم الهدنة، بزعم استهداف بنى تحتية تابعة لحزب الله — وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين وتدمير مبانٍ سكنية وبنى تحتية حيوية. وعلّقت مراسلة الجزيرة في بيروت زينة خضر بأن الضربات حملت رسالة مفادها أن «المفاوضات ستجري تحت النار، حتى تُفكّك أسلحة حزب الله بالكامل».
لغة التفاوض
قال وزير الإعلام بول معصوم إن الحكومة تعتبر أن المفاوضات، المقرّر استئنافها في 19 ديسمبر، هي الطريق الوحيد للمضي قدماً. ونقل عن عون، الذي شغل منصب قائد الجيش سابقاً، قوله في اجتماع مجلس الوزراء: «لا خيار أمامنا سوى التفاوض. هذه هي الحقيقة، وهذه دروس التاريخ في الحروب». وشدّد على «ضرورة أن تسود لغة التفاوض لا لغة الحرب»، وأنه لا تنازل عن سيادة لبنان، وفق ما أكّد معصوم.
نص اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024 على وقف الأعمال العدائية من الطرفين، مع تكليف لبنان بمنع المجموعات المسلحة من مهاجمة إسرائيل والتزام إسرائيل بوقف العمليات العسكرية الهجومية. ومع ذلك، لا تزال القوات الإسرائيلية تحتفظ على الأقل بخمس مواقع داخل الأراضي اللبنانية ولم تنسحب بحسب شروط الاتفاق، كما واصلت تنفيذ هجمات شبه يومية على امتداد البلاد أودت بحياة أكثر من 300 شخص، بينهم ما لا يقل عن 127 مدنياً، وفق الأمم المتحدة.
تقول إسرائيل إن عملياتها تستهدف عناصر وبنى تحتية لحزب الله لمنع الجماعة من إعادة بناء قدراتها العسكرية والظهور مجدداً كقوة فاعلة في الداخل اللبناني. وفي المقابل، التزمت الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، لكن زعيم الحزب نعيم قاسم رفض الفكرة تماماً ما دام القصف والاحتلال الإسرائيلي مستمرين. وأضاف قاسم في الأيام الأخيرة أن للجماعة «الحق في الرد» على اغتيال قيادتها العسكرية في غارة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الشهر الماضي، واصفاً مقتل هيثم علي طباطبائي بأنه «عدوان سافر وجريمة نكراء»، وقال إن حزب الله «له حق الرد وسنحدد التوقيت المناسب».