خمس خلاصات أساسية من استراتيجية ترامب للأمن القومي

واشنطن — أصدرت الإدارة وثيقة استراتجية للأمن القومي تحدد أطر السياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة، مشددةً على ضرورة استعادة «الريادة» الأمريكية في نصف الكرة الغربي، في تجسيد واضح لنهج الرئيس دونالد ترامب نحو الهيمنة الإقليمية.

الوثيقة، التي نُشرت يوم الجمعة، أكدت أيضاً على أهمية موازنة العلاقات التجارية مع الصين وردع أي محاولة لفرض السيطرة على تايوان.

ملاحظات رئيسية

سيادة نصف الكرة الغربي
تدعو الوثيقة إلى «إعادة ريادة الولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي» عبر إحياء مبادئ مبدأ مونرو، مع التركيز على صد التأثيرات الأجنبية في القارة الأميركية، ومحاربة تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية، وتشجيع الاقتصادات الخاصة والنظم السياسية المنسجمة مع المصالح الغربية. النص يعلن صراحة أنه سيتم «مكافأة وتشجيع» الحكومات والقوى السياسية والحركات التي تتماشى مع هذه الأولويات.

كما أبرزت الوثيقة نية واشنطن منع منافسين من خارج النصف الغربي من تمركز قوى أو امتلاك أصول استراتيجية في منطقتها، ودعت إلى إعادة نشر قدرات عسكرية نحو النصف الغربي «بعيداً عن مسارح تراجعت أهميتها بالنسبة للأمن القومي الأميركي». على الأرض، شجّعت الإدارة علانية شخصيات ومحافظات يمينية في أمريكا اللاتينية، وقدمت دعماً مالياً لسوق العملات في الأرجنتين بقيمة كبيرة، في إطار محاولة لترسيخ نفوذ اميركية إقليمي.

ردع أي نزاع حول تايوان
رغم أن الوثائق السابقة كانت تضع المنافسة مع الصين في صدارة الأولويات، لم يعد الصدام مع بكين المحور الأوحد لهذه النسخة من الاستراتيجية. مع ذلك، شددت الوثيقة على ضرورة الفوز بالمنافسة الاقتصادية في آسيا وإعادة توازن التجارة مع الصين، ودعت إلى تعزيز التعاون مع الحلفاء الآسيويين—خاصة الهند—كونهم رصيداً موازناً أمام نفوذ بكين.

نبهت الاستراتيجية إلى المخاطر المرتبطة بمحاولة الصين الاستيلاء بالقوة على تايوان، المشيرة إلى أن الجزيرة تملك صناعات حاسمة لإنتاج أشباه الموصلات، وأن السيطرة عليها تمنح بكين نفوذاً أوسع في «السلسلة الثانية من الجزر» وتدعم موقعها في بحر الصين الجنوبي، الممر الحيوي للتجارة العالمية. لذلك جاء في الوثيقة أن «ردع نزاع حول تايوان، بحفظ التفوق العسكري، يمثل أولوية»، ودعت الشركاء الإقليميين إلى رفع الإنفاق العسكري والمساهمة الفاعلة في الردع الجماعي.

يقرأ  ترامب: «من المؤسف أنني لا أستطيع الترشح لولاية ثالثة»

توبيخ لأوروبا
وجّهت الوثيقة نقداً لاذعاً لأوروبا بشأن ما وصفته بـ«قمع حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية»، واعتبرت أن سياسات الهجرة وبعض الضوابط التنظيمية قد تقود إلى «تهديد لحضارة» القارة. كما اعتبرت أن توقعات المسؤولين الأوروبيين بشأن الحرب في أوكرانيا «غير واقعية»، ورأت أن واشنطن لها مصلحة مركزية في إنهاء الصراع، حتى وإن بدا ذلك عبر تسويات تثير اعتراضات غربية.

الاستراتيجية ألمحت إلى إمكانية تقليص مظلة الأمن الأميركية على القارة العجوز ودفعت باتجاه تمكين أوروبا من الاعتماد على نفسها عسكرياً وسياسياً، مطالبَةً الدول الأوروبية بتحمل مسؤولية أكبر عن دفاعها الجماعي دون أن تكون خاضعة لأي قوة معادية.

تحوّل الانتباه عن الشرق الأوسط
أوضحت الوثيقة أنّ الشرق الأوسط لم يعد يتبوأ أولوية استراتيجية عليا بالنسبة للولايات المتحدة، مستندة في ذلك إلى توفّر الطاقة الأميركية المتزايدة وتراجع بعض مصادر العنف التقليدية في المنطقة. ورأت أن أيام سيطرة الشرق الأوسط على التخطيط الاستراتيجي الأميركي «باتت في تراجع»، مع الاعتراف بأن المصالح الحيوية—من أمن إسرائيل إلى حماية خطوط الشحن وإمدادات الطاقة—لا تزال قائمة.

الوثيقة بالغت في تصوير تحسّن الأوضاع، مشيرة إلى مجريات هدنة في غزة وعمليات أميركية استهدفت قدرات إيرانية، لكنها في الوقت نفسه لم تنكر استمرار الأزمات الإقليمية والعمليات العسكرية المتواصلة على عدة جبهات.

واقعية مرنة
تبنّت الاستراتيجية مبدأ «الواقعية المرنة»: السعي إلى مصالح الولايات المتحدة من دون فرض نموذج ديمقراطي أو تغييرات اجتماعية على دول ذات سياقات تاريخية وثقافية مختلفة. لكنها أكدت أن واشنطن ستستمر بالضغط على شركائها الغربيين بشأن القيم الأساسية، سواء في أوروبا أو في دول الديمقراطيات التقليدية، ضد أي قيود نخبّية تقوّض الحريات.

الخلاصة أن الوثيقة تعكس تحوّلاً في لهجة السياسة الأميركية نحو تعزيز النفوذ الإقليمي والاقتصادي وحشد الحلفاء لردع خصوم محددين، مع تقليل الأدوار التدخّلية والالتزام الصريح بتفضيل المصالح القومية على الصيغ العالمية التقليدية.

يقرأ  فضيحة فساد كبرى تطيح بأبرز حلفاء زيلينسكي

أضف تعليق