شجرة عيد الميلاد في بيت لحم تُضاء للمرة الأولى منذ اندلاع حرب غزة

بعد عامين من الغياب، عادت الاحتفالات العامة بعيد الميلاد إلى بيت لحم بعد هدنة نسبية أنهت جزءاً من تبعات الحرب على غزة. المدينة المقدسة التي يؤمن المسيحيون بأنها مسقط رأس يسوع شهدت إضاءة شجرة ميلادية عملاقة أمام كنيسة المهد التاريخية كرمز لعودة الحياة الاحتفالية.

يقول رئيس البلدية ماهر شناوتي إن السنوات الماضية كانت صمتاً مريراً: “لم يكن هناك عيد، ولا وظائف، ولا عمل؛ نعتمد هنا على السياحه وكانت معدومة”. واعترف أن قرار استئناف الاحتفالات أثار خلافات لأن المعاناة لا تزال مستمرة في غزة، وبين أولئك من الطائفة المسيحية هناك ممن ترتبط ذويهم بروابط عائلية في بيت لحم. وفي ردّ يختصر قناعته، قال إنه شعر بأن إحياء الميلاد واجب أخلاقي وروحي؛ فالعيد يمثل نور الأمل.

توافد السكان — مسيحيون ومسلمون على حد سواء — لالتقاط الصور أمام الشجرة المزينة بكريات حمراء وذهبية في ساحة المذود، إلى جانب عدد محدود من السياح الأجانب. الشوارع تزيّنها أضواء زاهية ولافتات تدعو إلى بازار الميلاد وحفلات الأطفال، فيما تسارع بلدات مجاورة مثل بيت جالا وبيت ساحور إلى نصب أشجارها في الأيام المقبلة. الفنادق، التي بقيت خالية إلى حد كبير طيلة العامين الماضيين، بدأت تستقبل حجوزات من فلسطينيي 48 وزوار أجانب.

من داخل المدينة، تصف مصممة المجوهرات ناديا حبزون الفرح بعودة الشجرة وبوجود أجانب قادرين على المشاركة في الاحتفال “بروح العيد الحقيقية”، وتضيف أن بيت لحم، كمهد التقاليد، قادرة على إرسال رسالة سلام للعالم إذا أمكن أن يمر عيد هادئ هذا العام.

تقول أنجيليكا، سائحة روسية تزور الأرض المقدسة للمرة الثانية، إن الزيارة واجبة على كل إنسان مرة واحدة على الأقل في حياته. وتؤكد أن قلة السياح تمنح زائر اليوم فرصة مشاهدة معالم أكثر دون طوابير طويلة كما كان الحال سابقاً.

يقرأ  إدانة المدعي العام الإسباني في قضية تسريبات أثارت جدلاً واسعاً

على الأرض، لا تزال محلات التذكارات شبه خاملة، والدليل المرشدون يقفون بانتظار زبائن نادرين خارج جدران كنيسة المهد ذات اللون الكريم التي تعود إلى القرن الرابع. أحد المرشدين، حمزة، يخشى أن التغطية الإخبارية المستمرة تُثير لدى الناس شعوراً بعدم الأمان، لكنه يصرّ بأن المدينة آمنة ويحدوهم الأمل بعودة الزوار من أوروبا والشرق الأوسط والأميركتين.

التداعيات الاقتصادية كانت عنيفة؛ ارتفعت معدلات البطالة منذ هجمات تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ مُنع عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من الضفة من الدخول للعمل في إسرائيل والمستوطنات. وفي الوقت نفسه، يتقاضى الموظفون العموميون رواتب جزئية من السلطة الفلسطينية التي تعتمد في جزء من تمويلها على عائدات ضريبية تجبيها إسرائيل وتحتجزها — بما يقارب 1.76 مليار دولار بحسب تقرير هيئه الأمم المتحدة المعنية بالتجارة والتنمية. وتبرر إسرائيل احتجاز الأموال بأن بعض المدفوعات من السلطة تُحفّز على عمليات ضد إسرائيليين، فيما تقول السلطة إنها أجرَت تعديلات على نظام الضمان الاجتماعي.

النظرة الاقتصادية القاتمة تعني أن عيد الميلاد سيبقى باهتاً مادياً لدى كثير من المسيحيين الفلسطينيين؛ حتى المطاعم العريقة كسلسلة “أفطيم” عانت انخفاضاً حاداً في الدخل، ويقول مالكها علاء سلامة إن عائلات كثيرة لم تعد قادرة حتى على شراء وجبة فلافل بسيطة. وأضاف أن الأسر ستحتفل بحسب إمكاناتها، فمن يريد اصطحاب أولاده إلى مهرجان أو مسرح قد لا يجد ما ينفقه.

في مغارة المهد، انحناءة بسيطة أمام النجمة الفضية التي تحدد موضع المولد تقطر صلوات الزوار: امرأة محلية تُضيء شمعة قرب مجموعة سياح هنود. ومع تواتر التوترات في المنطقة، يدعو أهل بيت لحم للسلام وأملوا أن يعود الزوار إلى المكان الذي يؤمن البعض أنه منه انطلقت قصّة الميلاد.

أضف تعليق