رويترز
أعلن الجيش الاسرائيلي أنه حذر المسؤولين الطبيين والمنظمات الدوليّة استعدادًا لإخلاء مخطط لسكان مدينة غزة الذي يقدّر بحوالي مليون نسمة تمهيدًا لعملية عسكرية تهدف إلى احتلال المدينة. وذكر بيان أن تعديلات تجرى على البنية التحتية للمستشفيات في جنوب القطاع لاستيعاب المرضى، وأن ضباطًا من هيئة التنسيق والارتباط (كوغات) أجروا “مكالمات تحذيرية أولية” مع المسؤولين الطبيين والمنظمات الدوليّة يوم الثلاثاء.
رفضت وزارة الصحة في غزة، الخاضعة لحركة حماس، “أي خطوة تقوّض ما تبقى من النظام الصحي بعد الدمار المنهجي الذي لحق به”، وحذّرت من أن مثل هذه الخطوة ستحرم أكثر من مليون شخص من حقهم في العلاج وتعرض حياة السكان والمرضى والجرحى لخطر وشيك.
الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أكدت تمسّكها بالبقاء لتقديم الدعم لمن لا يستطيعون أو يختارون عدم التحرك، محذّرة من أن المستشفيات في الجنوب تعمل بأضعاف طاقتها الاستيعابية وأن استقبال مرضى إضافيين من الشمال قد يترتب عليه عواقب تهدد الحياة.
من ناحية ميدانية، أفاد فلسطينيون بأن القصف الكثيف استهدف مناطق شرقية من المدينة، بعد يوم من إعلان الجيش أنه بدأ الخطوات الأولى في الهجوم. وأفاد الصحفي معتصم دلوّل للبي بي سي بأنه شهد وسمع ضربات جوية متكررة نفّذتها طائرات مقاتلة استهدفت منازل ومرافق، خصوصًا في منطقتي الزيتون وصبرا شرق مدينة غزة. وذكرت الدفاع المدني التابعة لحماس أن ما لا يقل عن 48 شخصًا قُتلوا في غارات ونيران عبر القطاع يوم الخميس، من بينهم ثمانية في صبرا. وأضاف دلوّل أن عددًا كبيرًا من الطائرات المسيّرة كانت تحلق فوق المدينة وتذيع رسائل تدعو السكان إلى النزوح نحو “مناطق آمنة” في الجنوب، غير أن سكانًا محليين شكّكوا بسلامة تلك المناطق وقالوا إن القتلى يسقطون “في كل زاوية” من الجنوب.
بحسب البيان العسكري، تهدف خطة الجيش إلى إخلاء سكان مدينة غزة بأكملها ونقلهم إلى مأوى مؤقت في الجنوب قبل دخول القوات إلى أكبر منطقة حضرية في القطاع. ويعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعًا أمنيًا الخميس للمصادقة على خطط السيطرة العسكرية على الرغم من معارضة دولية ومحلية واسعة.
في ميدان الاحتجاجات، شارك مئات في تظاهرة بمدينة غزة للمطالبة بوقف الحرب ورفض مخطط الإزاحة الجديدة. وقالت بيسان غزال للبي بي سي: “نحن منهكون. نموت ألف مرة في اليوم. لا نريد الرحيل، نريد البقاء هنا. كفّوا الدم.” وقالت أم عبد الرحمن حجاز إنها تود أن تخاطب مفاوضي وقف إطلاق النار لدى حماس: “مطالبنا وقف الحرب فورًا — فكلما استمرت، ازداد عدد الشهداء والجرحى والأسرى.”
في تل أبيب، ناشد أقارب رهائن لا يزالون محتجزين لدى حماس حكومتهم قبول صفقة وقف إطلاق النار المقترحة لإعادة بعض ذويهم. وقالت داليا كوسنير، صهرى أسرة أحد الرهائن والمفرج عنه سابقًا، إن هناك “اتفاقًا على الطاولة” يمثل الفتحة اللازمة لبلوغ تسوية شاملة ويجب توقيعه فورًا، محذّرة من أن الوقت يمر وأن الرهائن لا يمكنهم الصمود طويلًا في قبضة خاطفيهم.
وساطة قطر ومصر قدمت اقتراحًا جديدًا لوقف إطلاق نار مدته 60 يومًا وتبادلًا لإطلاق نحو نصف من بين خمسين رهينة، وقد قالت حماس يوم الاثنين إنها قبلت العرض. ولم تقدم اسرائيل ردًا رسميًا بعد، فيما أفاد مسؤولون إسرائيليون أنهم لم يعودوا يقبلون باتفاق جزئي ويطالبون باتفاق شامل يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن. يُعتقد أن عشرين شخصًا فقط ما زالوا على قيد الحياة.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه من الحيوي التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتجنّب ما وصفه بـ«الوفاة والدمار الحتمي» الذي ستتسبّب به أي عملية عسكرية جديدة في مدينة غزه.
وصرّح متحدث عسكري إسرائيلي يوم الأربعاء أن «الإجراءات التمهيدية» لعملية في غزة قد انطلقت، وأن القوات باتت تسيطر على محيط المدينة.
وقال مكتب نتنياهو إنه «وجّه بتقليص الجداول الزمنية» للاستيلاء على آخر المعاقل الإرهابية ولتحقيق هزيمة حماس.
من جانبها، اتّهمت حركة حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي بمواصلة «حربٍ همجية ضد المدنيين الأبرياء في غزة»، وانتقدت ما وصفته بتجاهل مقترح وقف إطلاق النار.
وقد شنّ الجيش الإسرائيلي حملته في غزة ردًا على هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخصٍ وأسر 251 آخرين.
ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 62,192 شخصًا في غزة وفقًا لوزارة الصحة في القطاع، وتستشهد الأمم المتحدة وغيرها بأرقام الوزارة كمصدرٍ الأكثر موثوقية للإحصاءات المتعلقة بالضحايا.