سوريون يحتفلون بمرور عام على سقوط حكم الأسد: بهجة وحذر
خرج السوريون إلى الشوارع للاحتفال بالذكرى الأولى لإزاحة الحاكم السابق بشار الأسد، وسط تفاؤل متجدد بأن الأوضاع ستتحسن تدريجياً بينما تشرع البلاد في التعافي من آثار نحو 14 عاماً من الحرب.
أُطلقَت الألعاب النارية ورفرفت الأعلام في مدن عدة يوم الإثنين، احتفالاً بمرور سنة على سقوط أسرة الأسد بعد هجوم خاطف خلال 11 يوماً أنهى حكمها الذي امتد 53 عاماً.
رئيس سوريا أحمد الشّراع، بزيه العسكري، أدى صلاة الفجر في الجامع الأموي بدمشق صباحاً إحياءً للذكرى، ثم ألقى كلمة بعد الصلاة تعهّد فيها بإعادة إعمار البلاد. قال الشّراع: «لن يقف في طريقنا أحد مهما عظُم شأنه، ولا تعوقنا أي عقبات. سنواجه التحديات كلها، إن شاء الله». وأضاف: «من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب سنبني سوريا قوية ذات بنية تليق بمجدها وحاضرها، ونؤسس دولة تدعم المظلوم وتقيم العدالة بين الناس».
شهدت دمشق ومحافظات عدة، منها حماة وحمص ودير الزور، استعراضات عسكرية نظّمها وزارة الدفاع.
إنجازات أولية وتحديات هائلة
على مدى العام الماضي اتخذت الحكومة الجديدة خطوات لتأمين الخدمات الأساسية؛ فأصدر رئيس الجمهورية مرسوماً في يونيو رفع الحد الأدنى لرواتب الموظفين المدنيين، وشرعت أعمال صيانة للشبكة الكهربائية، ما أتاح تزويد مدن رئيسية كحلب وحمص ودمشق بالكهرباء بلا انقطاع على أساس تجريبي للمرة الأولى منذ نحو 15 عاماً. كما أغلقت السلطات نهائياً سجوناً باتت تُشكّل ندوباً في ذاكرة السوريين، من بينها صيدنايا وسجن المزة العسكري وسجن الخطيب.
مع ذلك، قال مراسل الجزيرة من حلب إن المزاج الشعبي احتفالي لكنه محمّل بالواقع الصعب: «هناك عمل كثير ينتظرنا». فقد تعرّضت حلب، التي كانت مقسومة حتى 2016، لتدمير واسع سيكلف مليارات الدولارات لإعادة البناء والترميم. لذلك تتطلع الحكومة إلى شركاء دوليين للاستثمار والمساهمة في إعادة إعمار المدن، خصوصاً حلب التي شهدت قتالاً ضارياً.
عودة أم هجرة جديدة؟
يفكّر ملايين اللاجئين وأفراد الشتات بعودة محتملة لإعادة بناء حياتهم بعد سقوط الأسد الذي فرّ إلى روسيا قبل عام. بدأت عودة اللاجئين فعلاً: تفيد المنظمة الدولية للهجرة بأن نحو 782,000 سوري عادوا إلى البلاد خلال العام الماضي. ومع ذلك، تظل فرص العمل المحدودة وارتفاع تكاليف المعيشة عوامل تقوّض إعادة الاستقرار على المدى الطويل، فالكثير من العائدين يواجهون مساكن مدمّرة أو إيجارات باهظة لا تُحتمل.
الشباب يظهرون تفاؤلاً ولكنه حذر؛ تحتاج البلاد إلى خلق وظائف وإحياء الاقتصاد بسرعة. تقول الطالبة مها خليل: «تحقّق جزء من الحلم فقط. لدينا نصر لكننا فقدنا سنوات وبيوتاً وأطفالاً. القصة الحقيقية تبدأ الآن. نأمل أن نعيد البناء، لكن الشباب يفكرون في الهجرة، ومن في الخارج يخافون من العودة».
التركيز إلى الداخل ودور المجتمع الدولي
تلقى الانتقال السياسي دعماً دولياً، وأكد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استمرار التزام المنظمة بضمان نجاح العملية السياسية في سوريا. من جهته قال هايكو ويمن، مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، إن «تأييد المجتمع الدولي للشرّاع كان نجاحاً باهراً»، لكنه حذّر من أن الحكومة يجب أن تحول اهتمامها إلى الداخل: إعادة بناء الاقتصاد بعد رفع العقوبات ستستغرق وقتاً لأن رؤوس الأموال والاستثمارات ستكون حذرة كما ينبغي أن تكون، كما ينبغي إحياء الحياة السياسية وشمل جميع فئات المجتمع في صنع القرار.
وأضاف ويمن أن على القادة أن يتخلوا عن أساليب احتكار السلطة التي سادت طويلاً، وأن يقنعوا الجميع بأن لهم صوتاً ومكاناً في الدولة التي يُعاد بناءها.