معاينة في مجلة جوكستابوز إليزابيث غلاسنر — «المياه الجارية» معرض بي·بي·أو·دبليو، نيويورك

تسرّ P·P·O·W أن تقدّم معرضها الفردي الرابع لإليزابيث غلاسنر بعنوان “مياه جارية”. في هذا المعرض تتحوّل المياه إلى قوة حتمية تذيب الحدود بين الجسد والمشهد والذاكرة والحاضر في طوفان لا يكفّ. تستخدم غلاسنر أصباغًا مصفوّة مخلوطة بوسائط متعددة وطبقات سميكة من الزيت تحاكي سيولة الماء، لتصوغ سرديات منفذة تسمح للشخصيات بالتقلب المستمر بين التشكيل الرسمي والإيماء غير التمثيلي.

بجمعها مرجعيات من تاريخ الفن والأساطير والثقافة مع ذكريات الطفولة واللاوعي، يقاوم “مياه جارية” الألفة والحنين، ويخضع بدلًا من ذلك لما هو جديد ومجهول. تلاحق المناظر المستنقعية لشرق تكساس، خصوصًا أنهارها وجداولها، تراكيب غلاسنر الرمزية. تذكر الفنانة كيف كانت تلعب في الخلجان والمياه الراكدة آنذاك، مياه باتت اليوم تهدّد مجتمعات بأسرها وبيئتها الطبيعية. تتبادل الأجساد ومياهها تبادلاً دائمًا، مما يبرز الارتباط الوثيق الذي يربط الإنسانية بهذه الأنظمة الهيدرولوجية؛ ومع تزايد تدهور بيئتنا، تتآكل أجسادنا وكذلك الفكرة القائلة بأننا كائنات مختومة، منيعة ومستقلة.

في لوحة Dissociating on a Rock، 2025، تستلقي شخصية مستلقية فوق صخرة على شاطئ معكر. ينبثق من بطنها المستدير شبح لطيف كما لو أنه يخترق جلدًا باليًا، يتدفّق كسيل موجي. يرقد على الرمال جمجمة تذكر بمشاهد الصلب الكاثوليكية ولوحات التذكير بالموت في العصور الكلاسيكية. تحدّق الجمجمة في المتلقي بابتسامة عريضة تشبه بسمة المهرج، مطرحةً هزؤها بخوفنا من الموت والتغيّر. تراقب سحلية أنول — تعيش أيضًا في هيوستن — بلون أخضر حامضي متوهّج ضد الأفق البحري الضبابي، كشاهدٍ يضمّ كفيها الصغيرة كأنها تصلي.

في لوحات أخرى مثل Holy Fury، 2025، يواجه المتلقي شخصية مواجهة مباشرة مُقربة وهي تطفو نحو السطح. عيونها الواسعة المتفحمة برعب متجمد بينما يسبح شبح مصغر من فمها مباشرةً نحو الناظر. هنا يتحوّل الطرد الشيطاني إلى شكل آخر من أشكال الولادة؛ إذ يصبح الفم، محل بطن الحامل، موقعًا للتمزق والطرد والتجدد. مرة أخرى تقلب غلاسنر مقاييسنا التفسيرية بتقويض ما يُعتبر غالبًا مرعبًا أو مهدّدًا.

يقرأ  الخير الفوضويلقاء مع لورا لاين

ومع استمرار ارتفاع منسوب المياه وموت عالمنا المألوف القديم، يولد عالم جديد. في “مياه جارية” يظلّ التغيّر، مثل الماء، الثابت الوحيد. ذالك الانسياب هو محرك العمل ولبّه، يدعونا إلى التفكير في كوننا جزءًا من دورة أوسع لا تتوقف.

أضف تعليق