خطة الهند لمواصلة شراء النفط الروسي رغم العقوبات أخبار الطاقة

تخطط الهند للاستمرار في شراء النفط الخام الروسي الرخيص، رغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على شركات نفط روسية كبرى.

التقى رئيس الوزراء الهندي مودى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القمة الثنائية السنوية بين روسيا والهند في نيودلهي الأسبوع الماضي، وقال بوتين إن «روسيا مستعدة لضمان إمدادات وقود متواصلة للهند».

الهند هي المستهلك الثاني للنفط الروسي بعد الصين، وتتعرض لضغوط شديدة من واشنطن لوقف الشراء. في وقت سابق هذا العام ضاعفت إدارة الرئيس دونالد ترامب الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50 في المئة جزئياً بسبب هذه المسألة، كما أعلن حينها.

ما نعرفه عن واردات الهند من النفط الروسي وكيف أبقت نيودلهي مشترياتها قائمة رغم العقوبات والضغوط:

كيف أصبحت الهند مستهلكًا كبيرًا للنفط الروسي؟
قبل الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في فبرابر 2022، شكّل النفط الروسي نحو 2.5% من إجمالي واردات الهند النفطية في 2021، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية المنشورة في فبراير من هذا العام. بعد اندلاع الحرب بدأ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات واسعة على كيانات روسية لعزل موسكو اقتصاديًا. حتى الآن فُرضت أكثر من 21 ألف عقوبة تستهدف أفرادًا، وسائل إعلام، القطاع العسكري وقطاعات مثل الطاقة والطيران وبناء السفن والاتصالات.

في ديسمبر 2022 فرضت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقفًا لسعر الخام الروسي عند 60 دولارًا للبرميل، بهدف تقليص قدرة روسيا على تمويل الحرب. خفضت دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة السقف لاحقًا إلى نحو 48 دولارًا، ما جعل النفط الروسي أكثر جاذبية للمشترين، خصوصًا الهند والصين. باعته روسيا بخصومات حادة وصلت إلى نحو 35 دولارًا للبرميل في مارس 2022. بالمقابل، كانت أسعار خام برنت تتداول حينها حول 62.50 دولارًا للبرميل.

يقرأ  السلطات تحذّر:أزمة الملاجئ في غزة تمثّل أخطر كارثة ناتجة عن الحربأخبار غزة

كم تشتري الهند من النفط الروسي؟
بلغت مشتريات الهند من النفط الخام الروسي ذروتها التاريخية بقيمة 5.8 مليار دولار في أكتوبر 2024. في نهاية ذلك الشهر فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على مئات من الأفراد والكيانات الروسية، شملت ملاك السفن وسفنًا وتجارًا مشاركين في شحن الخام الروسي. تراجعت قيمة واردات الهند من النفط الروسي إلى 3.9 مليار دولار في نوفمبر 2024، وإلى 3.2 مليار دولار في ديسمبر 2024، ثم ارتدت إلى 3.6 مليار دولار في يناير 2025. منذ ذلك الحين تباينت كميات الواردات.

ما الضغوط التي تواجهها الهند لوقف الشراء؟
في أغسطس من العام الجاري قال مستشار البيت الأبيض بيتر نافارو إن مشتريات الهند من الخام الروسي «تموّل حرب موسكو في أوكرانيا» ويجب أن تتوقف. كتب نافارو في رأي نشرته صحيفة فاينانشال تايمز أن «الهند تعمل كمحور عالمي للنفط الروسي، تحول الخام المحظور إلى صادرات ذات قيمة عالية بينما تمنح موسكو الدولارات التي تحتاجها». في أغسطس أيضًا ضاعفت واشنطن الرسوم على السلع الهندية إلى 50% كعقوبة لشراء النفط الروسي.

في أكتوبر ادعى ترامب أن رئيس الوزراء الهندي تعهد له بعدم شراء النفط الروسي، وقال خلال حدث في البيت الأبيض: «لم أكن سعيدًا أن الهند كانت تشتري النفط، وقد طمأنني اليوم أنهم لن يشتروا نفطًا من روسيا». رد بوتين ساخرًا في مقابلة مع محطات هندية خلال القمة الثنائية في 4 ديسمبر بأن الولايات المتحدة نفسها ما تزال تشتري وقودًا نوويًا منا لمحطاتها النووية، مشيرًا إلى أن واردات الولايات المتحدة من اليورانيوم المخصب الروسي سجلت في 2023 رقمًا قياسيًا تجاوز مليار دولار تقريبًا. وكرر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن «الهند، كدولة ذات سيادة، تمارس عمليات تجارية خارجية وتشتري موارد طاقية حيث يكون ذلك مفيدًا لها»، وأن شركاءهم الهنود سيستمرون في هذه السياسة لحماية مصالحهم الاقتصادية.

يقرأ  واشنطن توافق على بيع صواريخ «جافلين» بقيمة ٧٨٠ مليون دولار لبولندامع تزايد التهديد الروسي — أخبار عسكرية

لماذا أدت العقوبات إلى ارتفاع الواردات الهندية؟
في 22 أكتوبر من العام الجاري فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتي النفط الروسيتين الكبيرتين روسنفت ولوك أويل، وهي المرة الأولى في عهد فترته الثانية التي تفرض فيها واشنطن عقوبات بهذا الشكل مرتبطة بالحرب في أوكرانيا. جاءت العقوبات الأمريكية في اليوم نفسه الذي أقر فيه الاتحاد الأوروبي حزمتَه التاسعة عشرة من العقوبات، وبعد أسبوع من فرض المملكة المتحدة عقوبات على نفس الشركتين.

كان من المقرر أن تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في 21 نوفمبر، ما جعل مشتريات الشركات الهندية لديها نافذة لزيادة الشراء قبل ذلك التاريخ. في اليوم التالي لإعلان العقوبات، بدأت شركات التكرير الحكومية في الهند — مثل Indian Oil Corp وBharat Petroleum وHindustan Petroleum — بمراجعة مشترياتها من النفط الروسي، حسب تقرير لرويترز نقلا عن مصدر مطلع.

في أكتوبر استوردت الهند نفطًا خامًا بقيمة 3.55 مليار دولار من روسيا، وفق بيانات وزارة التجارة والصناعة الهندية. وعلى الرغم من أن هذا لم يعادل قيمة 5.8 مليار دولار المسجلة في أكتوبر 2024، إلا أنه يبيّن أن الهند ما تزال تشتري نفطًا أكثر مما كانت عليه قبل الحرب.

في أوائل نوفمبر رفعت الهند وارداتها من النفط الروسي بمقدار 220 ألف برميل يوميًا لتبلغ نحو 5 ملايين برميل يوميًا، وفق بيانات شركة الاستطلاع السوقي Vortexa، وهو ذروة موسمية قاربت الرقم القياسي المسجّل في مارس 2025 (5.05 مليون برميل يوميًا).

يتكون قطاع التكرير الهندي من ثلاث فئات رئيسية: شركات نفط وطنية مملوكة للدولة، شركة ريلاينس إنترتينمنتس الخاصة ذات استراتيجية مصادر متعددة، وشركة نييارا إنرجي الخاصة ذات الملكية الروسية الكبرى. عاقب الاتحاد الأوروبي نييارا في يوليو 2025 لصلاتها بموسكو، لكنها منذ ذلك الحين مضت قدمًا في شراء الخام الروسي حصريًا وزادت من وارداتها. بدت الشركة غير مبالية بالمخاطر المحتملة من تعميق اعتمادها على النفط الروسي؛ ففي أواخر أكتوبر رفعت الطاقة التشغيلية لمصفاة فادينار في جوجارات إلى 90–93% من طاقتها، ثم تراجعت إلى 70–80% بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي.

يقرأ  «الهند تنفذ إصلاحات عمالية شاملة رغم معارضة النقابات»أخبار حقوق العمال

بشكل عام، تواصل الهند استيراد النفط الروسي. ورغم أن العقوبات أدت إلى تراجع بعض المشتريات، إلا أن التقديرات تشير إلى أن نيودلهي ستشتري حوالي 600 ألف برميل يوميًا في يناير، مقابل 1.6–1.8 مليون برميل يوميًا في شهور سابقة قريبة، وليس صفرًا.

كيف ستواصل الهند الاستيراد؟
تُشكّل روسنفت ولوك أويل نحو 60% من النفط الروسي المشتراة من الهند، بحسب رويترز نقلاً عن محللين. وتُعد روسنفت تقريبًا نصف إنتاج النفط الروسي ونحو 6% من الإنتاج العالمي، حسب تقديرات S&P Global. لذلك ستضطر الهند إلى اللجوء لمصادر بديلة ضمن روسيا، مثل شركة سورغوتنفتيغاز التي لم تتأثر بالكامل بالعقوبات.

كما اشتريت الهند نفطًا من غازبروم نفط (Gazprom Neft)، التي تخضع لعقوبات قطاعية تقيد بعض الأنشطة لكنها لا تحظر التعامل معها كليًا. إلى جانب ذلك، قد تستخدم هندس طرقًا تجارية غير مباشرة عبر «أسطول الظل» من الناقلات القديمة المسجلة تحت أعلام غير غربية وبالتأمين من شركات خارج نطاق النظام الغربي، ما يسمح بتجاوز بعض تداعيات العقوبات.

أفاد تقرير لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (Centre for Research on Energy and Clean Air ــ CREA) في نوفمبر أن الهند استوردت بين يناير وسبتمبر من العام الجاري نحو 5.4 مليون طن من النفط الروسي عبر 30 سفينة تبحر تحت أعلام مزيفة.

أضف تعليق